حفتر يبدي استعداده للالتزام بوقف النار وحضور قمة برلين

السراج يشيد بالدور التركي ـ الروسي «الإيجابي»... وينتقد «تجاهل الأوروبيين»

المشير خليفة حفتر خلال استقباله وزير خارجية ألمانيا في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
المشير خليفة حفتر خلال استقباله وزير خارجية ألمانيا في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

حفتر يبدي استعداده للالتزام بوقف النار وحضور قمة برلين

المشير خليفة حفتر خلال استقباله وزير خارجية ألمانيا في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
المشير خليفة حفتر خلال استقباله وزير خارجية ألمانيا في بنغازي أمس (أ.ف.ب)

صرح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أمس، بأن اللواء خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، أعلن استعداده للهدنة في ليبيا. وقال ماس بعد مباحثات استمرت ثلاث ساعات مع حفتر في بنغازي أمس: «لقد تعهد (حفتر) بالالتزام بوقف إطلاق النار، بغض النظر عن أنه لم يوقع اتفاقية وقف إطلاق النار في موسكو في بداية الأسبوع الجاري»، مضيفاً: «يعد ذلك أمراً في غاية الأهمية».
وأضاف الوزير الألماني أن حفتر مستعد بشكل أساسي أيضاً للقدوم إلى برلين بعد غد الأحد، لحضور القمة الليبية المخطط لها بالعاصمة الألمانية، تحت اسم «عملية برلين».
وأكد حفتر لدى استقباله وزير الخارجية الألماني على تمسكه بالثوابت الوطنية، وأحقية الجيش الوطني في محاربة الإرهاب ونزع أسلحة الميليشيات، والحفاظ على سلامة وسيادة ليبيا ووحدة أراضيها. وقال حفتر في بيان وزعه مكتبه، إنه «عبر خلال الاجتماع عن تقديره للجهود التي تبذلها الدولة الألمانية»، مشيراً إلى أنه تمت أيضاً مناقشة حيثيات المؤتمر الدولي الخاص بليبيا، الذي أعلن فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق بالعاصمة طرابلس، أمس أنه سيحضره أيضاً.
وحرصت ألمانيا على ضمان حضور قائد الجيش الوطني أعمال المؤتمر الدولي في برلين؛ حيث أوفدت وزير خارجيتها هايكو ماس للاجتماع مع حفتر في محاولة لإقناعه بالمشاركة.
وبينما اكتفت ألمانيا بتوجيه دعوة إلى السراج، أول من أمس، عبر اتصال هاتفي أجراه وزير خارجيتها معه، وصل ماس إلى مدينة بنغازي (شرق)، قبل أن يتوجه إلى الرجمة مقر المشير حفتر، لتسليمه دعوة لحضور المؤتمر، وذلك بعد ساعات فقط من عودة حفتر إلى بنغازي؛ حيث حظي باستقبال رسمي، حضره عدد من الضباط والقيادات العسكرية والأمنية وممثلي المجالس البلدية والمؤسسات، وأعيان القبائل الليبية، وممثلو كافة فئات المجتمع الليبي المختلفة، وفقاً لما أعلنه مكتب حفتر.
ولم يعلن حفتر موقفه من مؤتمر برلين، الذي اعتبره ماس «أفضل فرصة منذ فترة طويلة» لإجراء محادثات لإحلال السلام في ليبيا. وقال بهذا الخصوص: «آمل أن يغتنم الطرفان هذه الفرصة ليتسنى لليبيين تقرير مستقبل ليبيا... لذلك نحن بحاجة إلى الاستعداد لوقف فعلي لإطلاق النار، ومشاركة الطرفين المتحاربين في صيغة الحوار الذي اقترحته الأمم المتحدة».
وعلى صعيد متصل، قال قصر الإليزيه أمس، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيحضر مؤتمر ليبيا في برلين، كما أعلن متحدث باسم رئيس وزراء بريطانيا أن بوريس جونسون سيحضر المؤتمر ذاته. وتزامن ذلك أيضاً مع وصول رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أمس إلى الجزائر في زيارة قصيرة، وذلك في إطار الجهود الدولية لحل الأزمة الليبية، بحسب ما أفاد مصدر رسمي جزائري، وأجري كونتي خلال الزيارة محادثات مع نظيره الجزائري عبد العزيز جرَّاد، ومع الرئيس عبد المجيد تبون.
بدوره، ناشد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الأسرة الدولية، تقديم «دعم قوي» لمؤتمر برلين. وقال في تقرير قدمه مساء أول من أمس إلى مجلس الأمن الدولي، ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية مقتطفات منه: «أحضُّ جميع الأطراف المتحاربة على الإسراع في تعزيز الوقف غير المشروط للأعمال القتالية، الذي تم التوصُّل إليه برعاية رئيسي روسيا وتركيا، والانخراط بصورة بناءة في تحقيق هذه الغاية، بما في ذلك في إطار عملية برلين». محذراً من أن «أي دعم خارجي للأطراف المتحاربة لن يؤدي إلا إلى تعزيز الصراع المستمر، وتعقيد الجهود الرامية لإتاحة التزام دولي واضح بحل سلمي للأزمة في البلاد».
ولفت غوتيريش في تقريره إلى أن مشروع البيان الذي سيصدر عن مؤتمر برلين يتمحور حول «ستة محاور»، هي: «وقف الأعمال القتالية، ووقف دائم لإطلاق النار، وتطبيق حظر الأسلحة، وإصلاح قطاع الأمن، والعودة إلى عملية سياسية، وإصلاح اقتصادي، واحترام القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان».
وأعرب سلامة عن أمنياته أن يفضي مؤتمر برلين إلى «وقف نهائي لإطلاق النار، مما يسمح بعودة النازحين إلى منازلهم»، مؤكداً استعداد وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة لتكثيف الجهود ودعم النازحين.
في سياق ذلك، أبلغ السراج القيادات السياسية والعسكرية الموالية لحكومته، خلال اجتماع عقده معها بطرابلس مساء أول من أمس، أنه سيشارك في أعمال مؤتمر برلين، وقال: «ستكون لديه ثلاثة مسارات: عسكرية وأمنية، وسياسية، واقتصادية».
وفى إشارة إلى المشير خليفة حفتر، اتهم السراج من وصفه بـ«الطرف المعتدي» بأنه اختار عدم التوقيع على بيان وقف إطلاق النار، المقدم من الجانب التركي والروسي، وقال إن «طلب مهلة من أجل المماطلة هو جزء من محاولات نسف مؤتمر برلين قبل أن ينعقد، وهو أسلوب سبق أن اتبعه تجاه مؤتمر غدامس». مشيراً إلى أن حكومته وافقت من موقف القوة على هذه المبادرة، حفاظاً على الأرواح وحقناً للدماء الليبية، ولعودة الحياة الطبيعية إلى مناطق القتال في طرابلس والمدن الأخرى.
في غضون ذلك، أوضح السراج أنه حرص على إضافة الدول التي لها علاقة بالشأن الليبي، قبل أن يشيد مجدداً بتصدي قواته والقوة المساندة لها لما أسماه العدوان على العاصمة طرابلس، رغم قلة الإمكانات، وقال بهذا الخصوص: «لقد سعينا لتوفير متطلبات المعركة، وفي الوقت نفسه تواصلنا مع كافة الأطراف الدولية لتوضيح موقفنا العادل، وحقنا المشروع في الدفاع عن أنفسنا».
كما تحدث السراج عن الدور التركي - الروسي «الإيجابي»، الذي قال إنه أزعج الأوروبيين، لافتاً إلى أن الأوروبيين هم من أعطى لهما هذا الدور؛ حيث لم تتخذ الدول الأوروبية موقفاً عملياً إيجابياً تجاه ما يجري في ليبيا، حسب تعبيره.
ميدانياً، وبينما ساد الهدوء الحذر معظم مناطق الاشتباكات السابقة بين قوات الجيش الوطني والميليشيات الموالية لحكومة السراج، أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابع للجيش الوطني، أن من وصفهم بأبناء طرابلس الشرفاء قاموا مساء أول من أمس بقتل اثنين من «الإرهابيين» السوريين في وسط طرابلس «في عملية نوعية»؛ لكنه لم يكشف مزيداً من التفاصيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».