اتفاق بين «المجلس الكردي» و«الائتلاف» لإعادة نازحي شمال شرقي سوريا

مبعوث أميركي يحض الأكراد على «وحدة الصف»

TT

اتفاق بين «المجلس الكردي» و«الائتلاف» لإعادة نازحي شمال شرقي سوريا

توصل «المجلس الوطني الكردي» و«الائتلاف الوطني السوري» المعارض، إلى اتفاق «آلية إنسانية» لضمان عودة نازحي مدن وبلدات شمال شرقي سوريا الذين هجروا وفروا من منازلهم، جراء العمليات العسكرية التركية، بمشاركة فصائل سورية موالية تتبع حكومة «الائتلاف» المؤقتة.
ودعت منظمة سورية حقوقية إلى «فضح الانتهاكات والتجاوزات التي ترتكبها جماعات مسلحة في عفرين ورأس العين وتل أبيض، والسماح لزيارة أعضاء لجنة التحقيق الدولية، بهدف توثيق الجرائم والاستماع إلى شهادات سكانها الأصليين».
كان «المجلس الوطني الكردي» و«الائتلاف الوطني السوري» قد وقعا في مدينة إسطنبول التركية يوم أمس، وثيقة «الآلية الإنسانية»، وتنص على فتح معابر آمنة أمام عودة نازحي مدن وبلدات رأس العين بالحسكة، وتل أبيض بالرقة، وعفرين بحلب، ومراقبتها من كلا الجانبين، لضمان وصول النازحين الكرد وغيرهم إلى ديارهم لمنع التغيير الديموغرافي. كما تعهدت الآلية بفضح الانتهاكات والتجاوزات التي تحصل من قبل «بعض» المجموعات المسلحة في هذه المناطق، عبر الإعلام والبيانات الرسمية، وإدانة مرتكبيها من الائتلاف وقوى المعارضة الوطنية، والمطالبة بمحاسبة المجرمين وتعويض المتضررين.
وضم وفد الهيئة الرئاسية لـ«المجلس الكردي»: سليمان أوسو، رئيس «حزب يكيتي الكردستاني»، وفيصل يوسف، سكرتير «حركة الإصلاح الكردي»، والقيادي محمد إسماعيل من المكتب السياسي لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وناقشوا مع مسؤولي الائتلاف وحكومته المؤقتة ممارسات الفصائل المسلحة في هذه المدن والبلدات، وطالبوا بإيقافها، وإنشاء لجنة خاصة للتحقيق في تلك التجاوزات، وشددوا على رفض التغيير الديموغرافي. وأكدت مصادر مطلعة أن قادة المجلس نقلوا لمسؤولي الائتلاف موافقتهم على حضور اجتماعات المعارضة، بعد تجميدها منذ أشهر احتجاجاً على مشاركة فصائل الائتلاف المسلحة في العملية العسكرية التركية في شرق الفرات، نهاية العام الماضي.
وقال فيصل يوسف، سكرتير «حركة الإصلاح»: «نسعى ونعمل من أجل عودة النازحين الكرد وغيرهم إلى ديارهم بأمان، وبالتالي منع التغيير الديموغرافي»، ونوه إلى ضرورة فضح الانتهاكات والتجاوزات التي تحصل من قبل بعض المجموعات المسلحة، وأشار إلى: «إدانة مرتكبيها، والمطالبة بمحاسبة المجرمين، وتعويض المتضررين»، وطالب بالدعم والتأييد من المعارضة بمختلف تنوعاتها: «لإيجاد حل عادل للقضية الكردية، وتثبيت حقوقهم في دستور البلاد، واعتباره مهمة وطنية لا تقبل التسويف».
بدوره؛ رحب بسام الأحمد، المدير التنفيذي لمنظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة»، بإعلان اتفاق المجلس والائتلاف، وعدها خطوة شجاعة وإيجابية، بطرح موضوع آلاف الانتهاكات التي ترتكبها فصائل المعارضة المسلحة، وقال: «المجلس لديه إمكانية فعل الكثير في هذا الصدد، أقلّها تشكيل لجنة من الحقوقيين والمحامين لتوثيق ومتابعة الانتهاكات اليومية بشكل محايد ومستقل وشفاف ومهني»، وأوضح أن استكمال عمليات التوثيق التي بدأتها الجهات المحلية والدولية: «وخصوصاً موضوع الاستيلاء على المنازل والمحاصيل، وعمليات الاعتقال والخطف، وأخذ الفدية اليومية، وملء الثغرات»، للتواصل مع المنظمات الدولية لفضح هذا الجرائم، والدفع باتجاه محاسبة المنتهكين من دون تمييز، وشدد على ضرورة: «إتاحة المجال لإجراء لقاءات ونقاشات دورية مع أعضاء لجنة التحقيق الدولية والآلية الدولية المحايدة، وتزويدهم بجميع التوثيقات والشهود المتوفرين».
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، قد عقد اجتماعاً الأسبوع الماضي مع أعضاء الهيئة الرئاسية لـ«المجلس الكردي» في أنقرة، وحث الأطراف الكردية على «العمل على ترتيب البيت الداخلي ووحدة الصف، وتذليل العقبات العالقة»، وطالب في اجتماعاته بإيقاف الممارسات التي تقوم بها الفصائل المسلحة، وتخصيص لجنة خاصة للتحقيق في تلك الممارسات.
وأخبر سليمان أوسو عضو الهيئة الرئاسية بالمجلس الكردي، أن جيفري دعا في لقائه المجلس و«قوات سوريا الديمقراطية» لحماية وحدة الصف الكردي، وحل الخلافات، وقال: «الاجتماع كان بطلب جيفري وكان ناجحاً. ناقشنا عدة قضايا أبرزها تذليل العقبات بين الأطراف الكردية، وتعثر اجتماعات جنيف، ومناقشة مستقبل سوريا، وضرورة إعادة اللاجئين والنازحين»، ولفت أوسو إلى أن المجلس كان يدعو ويلتزم بكل المبادرات الهادفة لتوحيد الصف الكردي، مضيفاً: «لو استجابوا لنداءاتنا واتفاقاتنا السابقة ومبادرات حلفائنا، لما ذهبت عفرين ورأس العين وتل أبيض وريف تل تمر، بسبب الفشل السياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي، وتوصل مظلوم عبدي مؤخراً لهذه القناعة». واختتم حديثه ليقول: «وجودنا ضمن أطر المعارضة السورية نابع عن قناعتنا بأن القضية الكردية جزء من القضية الديمقراطية في البلاد».



الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.