الثلاثي الأوروبي يلجأ إلى ورقة الضغط الأخيرة ضد إيران

4 ملاحظات أوروبية على تفعيل آلية فض النزاعات... وطهران ترد

منسق السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل المكلف الإشراف على آلية فض النزاع في الاتفاق النووي يلقي كلمة في ستراسبورغ أمس (أ.ف.ب)
منسق السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل المكلف الإشراف على آلية فض النزاع في الاتفاق النووي يلقي كلمة في ستراسبورغ أمس (أ.ف.ب)
TT

الثلاثي الأوروبي يلجأ إلى ورقة الضغط الأخيرة ضد إيران

منسق السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل المكلف الإشراف على آلية فض النزاع في الاتفاق النووي يلقي كلمة في ستراسبورغ أمس (أ.ف.ب)
منسق السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل المكلف الإشراف على آلية فض النزاع في الاتفاق النووي يلقي كلمة في ستراسبورغ أمس (أ.ف.ب)

أخيراً، انتقلت دول الاتحاد الأوروبي الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 من التهديد إلى التنفيذ، فعمدت إلى تفعيل «آلية فض النزاعات» المنصوص عليها في نص الاتفاق تحت البند (36).
وبعد عشرات التحذيرات التي جاءت على لسان المسؤولين الأوروبيين على كل المستويات، وكلها تحث طهران على وضع حد لخروجها التدريجي من بنود الاتفاق، وتراجعها عن الخروقات التي ارتكبتها، لم تجد باريس ولندن وبرلين بداً من الانتقال إلى إطلاق العمل بهذه الآلية، لأن إيران ضربت عرض الحائط بالنصائح والتحذيرات كافة التي وصلت إليها بطرق متعددة.
وأشارت مصادر رسمية أوروبية، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، في إطار عرضها للخطوة الأخيرة، إلى 3 ملحوظات: الأولى أن الطرف الأوروبي «فقد صبره إزاء إيران» التي لم تنظر بجدية إلى التنبيه الأوروبي، وآخره جاء في إطار بيان ثلاثي مشترك صدر عن الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية ورئيس الوزراء البريطاني، متضمناً تحذيراً واضحاً للمسؤولين في طهران. والملحوظة الثانية أن البلدان الأوروبية الثلاثة «لم يعد بيديها أوراق ضغط ذات معنى» لحمل إيران على وقف تحللها من الاتفاق، وبالتالي فإنها لجأت إلى استخدام «الطلقة الأخيرة» المتوافرة بين أيديها. وثالث الملحوظات أن العواصم الثلاث ترفض «القراءة الإيرانية» للبند (36) الذي تتخذه طهران ذريعة وحجة للخروج من الاتفاق، من غير أن تقول ذلك علناً.
وبحسب هذه المصادر، فإن القشة الإيرانية التي قصمت ظهر البعير هي إعلان طهران، في الخامس من الشهر الحالي، رفع أي قيود عن تطوير برنامجها النووي، سواء لجهة عدد أجهزة الطرد المركزي وأنواعها، أو جهة التخصيب ونسبته، أو جهة مخزونها من اليورانيوم المخصب. وبالتالي، فإن الأوروبيين وجدوا أن «التساهل» الأسبق مع إيران لم يعد مجدياً لأن برنامجها النووي «دخل مرحلة الخطر».
وكان اللافت، أمس، أن إيران التي نبهت دوماً بأن لجوء الأوروبيين إلى هذا التدبير يعد «خطاً أحمر»، ويعني «نهاية الاتفاق»، جاء ردها معتدلاً خالياً من أي ذكر للمحاذير التي نبهت منها. وبرأي المصادر المشار إليها، فإن مرد ذلك إلى «المرحلة الدقيقة التي تجتازها»، ووجودها في «عين العاصفة» بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية، والتنديد الدولي الذي أعقبه، والاحتجاجات الداخلية المستمرة التي ذهب بعضها إلى المطالبة بإسقاط النظام، ومحاكمة المسؤولين عن فضيحة إنكار إسقاط الطائرة بصاروخ.
وفي البيان المطول (843 كلمة)، الذي صدر عن وزراء الخارجية الثلاثة جان إيف لو دريان وهايكو ماس ودومينيك راب، عرض مفصل للمسار الذي دفعهم إلى تفعيل آلية فض النزاعات، وللأهداف التي يتوخونها من ذلك. وبحسب الوزراء الثلاثة، فإن أحد الأهداف التي يسعون إليها «دفع (إيران) لاحترام منع انتشار السلاح النووي، والحرص على ألا تحصل عليه أبداً». لذا، فإن للاتفاق «دوراً أساسياً» في هذا السياق. وبعكس ما تدعيه إيران، من أن الأوروبيين أخلوا بواجباتهم إزاء الاتفاق، فإن البيان يؤكد العكس، ويشير إلى «تنفيذها الحرفي الكامل»، ومنها رفع العقوبات ودعم المبادلات التجارية «المشروعة» بفضل آلية «إينستكس».
وأحد المآخذ الإيرانية على الأوروبيين أنهم «فاقدو الإرادة»، و«لم يفعلوا الكثير للوقوف بوجه العقوبات الأميركية» التي فرضها الرئيس ترمب، منذ أن أعلن خروجه من الاتفاق الذي وصفه بـ«الأسوأ». ولم يفت الوزراء الثلاثة الإشارة إلى الجهود التي بذلوها للمحافظة على الاتفاق، ومنها ما قام به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الصيف الماضي، لجمع طهران وواشنطن إلى طاولة المفاوضات. ورغم ذلك، يؤكد هؤلاء أنهم «عازمون على العودة لبذل الجهود الدبلوماسية عندما تسمح الظروف بذلك».
وأشار البيان إلى أن العواصم الثلاث استفادت من اجتماع اللجنة المشتركة، في 6 ديسمبر (كانون الأول)، لتنبيه الوفد الإيراني بأنه «لن يكون لديها طريق أخرى» غير تفعيل الآلية، إذا استمرت طهران على اندفاعتها، ولكن ما حصل جاء تماماً بعكس ما يطالب به الأوروبيون.
إلا أن الطرف الأوروبي يحرص عقب ذلك على التمايز عن المقاربة الأميركية القائمة على الضغوط القصوى، وأنه يتصرف «بنية طيبة»، وهو «متمسك بالاتفاق»، وهدفه «المحافظة عليه، والوصول إلى مخرج من الطريق المسدود عبر الحوار الدبلوماسي»، لتعاود طهران احترام التزاماتها. وإذ يشكر الوزراء الثلاثة روسيا والصين، ويدعونهما «للانضمام إلى الجهود المشتركة» لتحقيق الأهداف التي يسعون وراءها، كما يشكرون وزير الخارجية الأوروبي لدوره. وخلاصتهم أنه «إزاء التطورات الحديثة (في المنطقة)، من المهم جداً تلافي ضم أزمة انتشار السلاح النووي إلى التصعيد (الموجود) الذي يهدد كامل المنطقة». وجاء الرد الروسي سريعاً، إذ قالت وزارة الخارجية، أمس، إنها «لا ترى سبباً» لتفعيل آلية فض النزاعات، ما يبين وجود شروخ في المقاربة بين الطرفين لجهة ما يتعين القيام به إزاء طهران، ويطرح تساؤلات حول سهولة السير بتفعيل الآلية ومآلاتها.
وواضح أن الطرف الأوروبي أصبح اليوم، أكثر من أي يوم مضى، «محشوراً» في الزاوية. وبحسب أكثر من مصدر، فإن امتناعه عن اتخاذ هذه الخطوة «كان سيفقده ما تبقى له من مصداقية» في هذا الملف، حيث إنه ما زال متمسكاً باتفاق خرج منه الطرفان الرئيسيان (الولايات المتحدة وإيران)، وأفرغ عملياً من محتواه. ويأتي ذلك بعد أن دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأطراف الخمسة (الأوروبيين وروسيا والصين) إلى التخلي نهائياً عن الاتفاق، الأمر الذي رد عليه هؤلاء بإعلان التمسك به.
وكان من المتوقع أن يكون الرد الإيراني أكثر عنفاً. والحال أن ما صدر عن عباس موسوي، الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية أمس، جاء معتدلاً، إذ أعلن، في بيان نشر على موقع الوزارة، أن لـ«الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما كان في السابق، استعداد تام لدعم أي (إجراء) يقوم على نوايا طيبة، وأي جهد بناء لإنقاذ هذا الاتفاق الدولي المهم». إلا أنه وصف مع ذلك الخطوة الأوروبية بأنها «سلبية»، وأن بلاده سترد «بجدية وحزم» على أي إجراء مدمر من قبل أطراف الاتفاق.
وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان: «بالطبع، إذا حاول الأوروبيون (...) إساءة استخدام (هذه الآلية)، فعليهم أن يكونوا أيضاً مستعدين لتحمل العواقب التي سبق أن قمنا بإخطارهم بها».
ويفهم من الرد الرسمي الإيراني أن طهران لا تريد الاستعجال، وتسعى لكسب الوقت، وهي تعتبر أن الآلية المذكورة بالغة التعقيد توفر لها الفسحة التي تريدها للرد جدياً. وحقيقة الأمر أن البند (36) يفسره كل طرف على هواه. كما أن مسار تفعيله بطيء، وسيأخذ كثيراً من الوقت. والأرجح أن ما يأمله الأوروبيون هو ألا يكونوا مضطرين إلى الذهاب به حتى النهاية، أي إلى مجلس الأمن الدولي، لأن عودة المجلس إلى فرض العقوبات التي كانت مفروضة على طهران قبل صيف عام 2015 سيكون بمثابة الضربة القاضية للاتفاق الذي يسعون إلى إنقاذه، وليس وأده نهائياً.
ومن هنا، ترى مصادر أوروبية أن الغرض من الخطوة الأوروبية هو، عملياً، ممارسة أقصى الضغوط على الجانب الإيراني الذي سيخسر دفعة واحدة التفهم، بل الدعم، الأوروبي، وسيدفع بالعواصم الثلاث إلى الالتحاق بالركب الأميركي، وهو ما يبدو أن بوريس جونسون بصدد القيام به.
هكذا تبدو الصورة اليوم: أوروبا لم تعد تجد أن كلامها له وقع ما على الجانب الإيراني، وأن التوتير الأخير في المنطقة سيزيد من تهميشها، وبالتالي فإنها قررت إبراز الورقة الأخيرة التي في حوزتها، لعلها تعود معها إلى قلب المعمعة التي أخرجت منها.



باراغواي ستعيد فتح سفارتها في القدس الأسبوع المقبل

الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
TT

باراغواي ستعيد فتح سفارتها في القدس الأسبوع المقبل

الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)

أعلن رئيس الكنيست، أمير أوهانا، أن رئيس باراغواي، سانتياغو بينيا، سيفي بوعد انتخابي الأسبوع المقبل وسيعيد فتح سفارة بلاده في القدس.

سيلقي بينيا كلمة أمام الكنيست صباح الأربعاء من الأسبوع المقبل، يليها احتفال خاص بالكنيست مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس الكنيست أوهانا وزعيم المعارضة يائير لابيد، حسبما أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

سيتم الافتتاح الرسمي للسفارة يوم الخميس التالي في هار هوتزفيم في القدس.

لا تعترف معظم الدول بالقدس عاصمة لإسرائيل وتقيم سفاراتها في تل أبيب، وغالباً ما تفتح قنصليات أصغر في القدس. حالياً، خمس دول: الولايات المتحدة، وغواتيمالا، وهندوراس، وكوسوفو وبابوا غينيا الجديدة، لديها سفارات في القدس.

في عام 2018، أعلن الرئيس الباراغواياني المنتهية ولايته هوراسيو كارتيس أن بلاده ستفتح سفارة في القدس، في أعقاب خطوات مماثلة من جانب الولايات المتحدة وغواتيمالا. لكن السفارة نُقلت إلى تل أبيب بعد خمسة أشهر فقط من قِبل خليفة كارتيس أبدو بينيتيز، الذي قال إنه لم يُستشار في القرار الأصلي، وأشار إلى أنه أضر بالجهود الرامية إلى الحفاظ على نهج أكثر حيادية تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. غضب نتنياهو من القرار وتحرك لإغلاق سفارة إسرائيل في أسونسيون انتقاماً. في سبتمبر (أيلول)، أعادت إسرائيل فتح سفارتها في باراغواي.