إردوغان يهدد بـ«تدخل مباشر» في حال خرقت دمشق هدنة إدلب

بعد اجتماع أمني سوري ـ تركي في موسكو

TT

إردوغان يهدد بـ«تدخل مباشر» في حال خرقت دمشق هدنة إدلب

هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالتدخل لوقف خروقات قوات النظام السوري لوقف إطلاق النار في إدلب حال حدوثها، في وقت أقر وزير الدفاع خلوصي أكار باجتماع رئيس المخابرات التركي هاكان فيدان مع اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري خلال لقاء روسي - سوري - تركي في موسكو أول من أمس.
وأكد إردوغان عزم تركيا على التدخل لمنع خروقات النظام السوري لوقف النار إن استدعت الضرورة، قائلا إن «تركيا مصممة على وقف محاولات النظام السوري لانتهاك وقف إطلاق النار في محافظة إدلب... سنفعل ذلك بأنفسنا إذا لزم الأمر... إنها ليست مزحة، يجب على الجميع أن يروا ويقبلوا أن تركيا بالتأكيد تفعل ما تقول».
وتابع إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي في أنقرة أمس (الثلاثاء): «آمل أن يستمر وقف إطلاق النار»، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار السابق في محافظة إدلب تم خرقه من جانب النظام. واستدرك: «لكن هذه المرة الوضع مختلف».
وحث الرئيس التركي المجتمع الدولي على مناقشة استخدام النظام السوري للعنف قائلا إنه يجب إعادة 400 ألف شخص فروا باتجاه الحدود التركية إلى إدلب بواسطة وقف إطلاق النار.
وقال إردوغان: «ما زال العالم يتفرج على ما يحدث في إدلب ولا يسعى لإيجاد حل... وقف إطلاق النار في إدلب السورية يجب أن يجري بطريقة تحول دون تدفق 400 ألف مهاجر على الحدود التركية». وأضاف إردوغان «نحن لا نسعى للمغامرة في سوريا وليبيا والبحر المتوسط، ليست لدينا طموحات إمبريالية على الإطلاق... عيوننا ليست معصوبة من جشع النفط والمال، هدفنا الوحيد هو حماية حقوقنا وضمان مستقبلنا ومستقبل أشقائنا».
وبدأ الأحد الماضي سريان وقف إطلاق نار في إدلب باتفاق بين تركيا وروسيا. وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في تصريحات بمقر البرلمان أمس، إن وقف إطلاق النار في إدلب يسير بلا مشاكل، ولم يتم رصد خروقات.
وأضاف أكار أن سكان المدينة يعانون ظروفا معيشية نتيجة الأحوال الجوية القاسية والقصف البري والجوي الذي يستهدفهم، لافتا إلى أن بلاده تجري مشاورات مكثفة مع الجانب الروسي للمحافظة على حالة وقف إطلاق النار الذي بدأ الأحد.
وأعرب وزير الدفاع التركي عن أمله في إحلال السلام والاستقرار في إدلب بأسرع وقت ممكن، قائلا: «ما نريده لإدلب هو السلام والاستقرار، ووقف نزيف الدماء، وعودة حياة الناس إلى طبيعتها».
وقال أكار: «نرى أن هناك التزاما كبيرا بهدنة وقف إطلاق النار في إدلب.. نحن ندعم الالتزام بوقف إطلاق النار حتى النهاية... تركيا ستواصل بذل الجهود من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، وتدعم دائما مبدأ حل المشاكل بالوسائل السياسية».
وعن مدى صحة الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام بشأن لقاء جرى بين رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان، ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، في موسكو أول من أمس ضمن لقاء روسي تركي سوري، أقر أكار، ضمنا، بانعقاد اللقاء قائلا: «المؤسسات والمسؤولون الأتراك يقومون بفعاليات متنوعة في المحافل الدولية بهدف الحفاظ على المصالح التركية والمساهمة في إحلال السلام والاستقرار بالمنطقة».
وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، مساء أول من أمس، إن رئيسي جهازي المخابرات التركية والسورية اجتمعا في موسكو في أول اتصال رسمي منذ سنوات، على الرغم من موقف تركيا المتشدد من الرئيس السوري بشار الأسد.
وذكرت أن مملوك أكد، خلال لقاء روسي - سوري - تركي، تصميم بلاده على تحرير إدلب، ودعا تركيا إلى الالتزام الكامل بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها أرضاً وشعباً، والانسحاب الفوري والكامل من الأراضي السورية كافة.
وشدد مملوك، خلال اللقاء، على «ضرورة وفاء تركيا بالتزاماتها بموجب اتفاق سوتشي بشأن إدلب الموقع مع روسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، وبخاصة ما يتعلق بإخلاء المنطقة من الإرهابيين والأسلحة الثقيلة وفتح طريقي حلب - اللاذقية وحلب - حماة».
وأشارت «سانا» إلى أن مملوك أكد أن «الدولة السورية مصممة على متابعة حربها ضد الإرهاب وتحرير كل منطقة إدلب وعودة سلطة الدولة إليها بما يكفل الأمن والأمان للمواطنين السوريين الذين تستخدمهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية في تلك المنطقة».
في السابق، عقدت لقاءات بين مسؤولي المخابرات التركية والسورية، بعضها في طهران وبعضها الآخر في منطقة تقع على حدود البلدين، لكن اجتماع موسكو يعد الأول على مستوى رئيسي مخابرات البلدين الذي يكشف عنه صراحة أيضا.
وصدرت خلال الأشهر الماضية إشارات متكررة عن أنقرة بشأن عدم ممانعتها في مناقشة بعض الأمور التي تخص الأمن مع حكومة بشار الأسد، كما خفت إلى حد بعيد التصريحات الحادة للرئيس التركي ومسؤولي حكومته تجاه الأسد، في الوقت الذي تعالت فيه أصوات المعارضة التركية المطالبة بالحوار المباشر مع الأسد لحل الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين السوريين في تركيا.
وذكرت تقارير أن فيدان ومملوك بحثا وقف إطلاق النار في إدلب والتنسيق المحتمل ضد وجود المقاتلين الأكراد في شمال سوريا. ونقلت وسائل إعلام عن مسؤولين أتراك، دون الكشف عن هويتهم أن المباحثات «تضمنت إمكانية العمل المشترك بين تركيا والنظام السوري ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شرق نهر الفرات شمال شرقي سوريا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».