34 حكاية أسطورية مجهولة المؤلف من شبه جزيرة القرم

ترجمها حسن البياتي عن الروسية

34 حكاية أسطورية مجهولة المؤلف من شبه جزيرة القرم
TT

34 حكاية أسطورية مجهولة المؤلف من شبه جزيرة القرم

34 حكاية أسطورية مجهولة المؤلف من شبه جزيرة القرم

صدر عن دار ضفاف للنشر في الشارقة - بغداد كتاب «حكايات أسطورية من شبه جزيرة القرم» ترجمة الدكتور حسن البياتي. ويضمّ 34 حكاية أسطورية مع مقدمة نقدية شافية، وثبت بالسيرة الذاتية والإبداعية للمترجم الذي صدر له حتى الآن 17 كتاباً مُترجماً عن اللغة الروسية.
قبل أن ندخل في تفاصيل هذا الكتاب المُترجَم لا بد من الوقوف عند الحكاية الأسطورية وفهم مضامينها وفضاءاتها السردية. فالأسطورة في أبسط تعريف لها هي «حكاية تقليدية تروي أحداثاً خارقة للعادة» وتتمحور، في الأعم الأغلب، على الآلهة أو الأبطال أو الشخصيات المتفردة التي تأتي بالأعاجيب وتترسّخ أفعالها ومآثرها في الذاكرة الجمعية للناس. تتأسس الأسطورة في قسم كبير منها على الخيال المجنّح لكنها تُبقي على النتوء الواقعي مثل خلية وحيدة قادرة على الحياة في الجسد الفانتازي الذي يتشظّى إلى عوالم سُريالية مُبهرة لكنها تحمل في طيّاتها تبريراتها المنطقية التي تُقنع القارئ.
كل الحكايات في هذا الكتاب مجهولة المؤلف باستثناء حكاية «الخان وابنه» التي دوّنها الأديب الروسي مكسيم كَوركي. تركِّز هذه الحكاية على علاقة الأب بالابن حينما يُحبّان امرأة واحدة ولا يستطيع أحدهما أن يتخلى عنها للآخر. الأب هو الخان مسيلمة الأصوب الذي يمتلك 300 زوجة جميلة لكنه يفضِّل واحدة منهن على الجميع. وحينما سأل الأب ابنه أن يطلب منه ما يشاء أجابه: «هِب لي الأسيرة الروسية يا أبت الأمير!» كان الأب يتمنى على ابنه أن يأخذ مائة من نسائه ويترك له هذه الفتاة القوزاقية التي تمثل له المسرة الأخيرة في حياته لكن فلذة الكبد يُصرّ على طلبه فلم يجدا بُداً من الاتفاق على قتلها، إذ يقبِّلها الأب ويرفعها فوق رأسه، ويقذفها من فوق صخرة شاهقة إلى البحر. لا تنتهي الحكاية عند هذا الحدّ لأن مضمونها العميق يفلسف الحُب، ويكشف عن جوهره، «فحُب المرأة هو وحده الباقي» وإذا لم يُحببك أحد فمن الخطل أن تحيا على الأرض، فلا غرابة أن يستدير الخان بخطى سريعة ويقذف بنفسه من الجرف الشاهق إلى لُجة البحر العميق ليلحقَ بالمرأة التي أحبّته وكرّست حياتها له.
في كل حكاية لا بد من حكمة يستشفها القارئ من خلال الصراع بين الخير والشرّ، ففي «طير السعد» تقوم الحكاية على حوار بين غني وفقير، فالأول ينصح الثاني باقتناص طير السعد لكن زوجته تنزعج حين يأتيها بهذا الطير الذي لا يُباع ولا يُشترى لكنه يجلب السعادة، ومع ذلك يسمع الصعلوك كلام زوجته ويأخذ الطير إلى الخان، وبدلاً من أن يعطيه هذا الأخير مكافأة كبيرة يجزّ له رأسه كي يكون عبرة للصعاليك الآخرين الذين يفكرون في البحث عن السعادة.
تتمحور حكاية «كَيكييا - بطلة خيرسونيس» على فكرة الخيانة فبعد أن توافق كَيكييا، الابنة الوحيدة للأرخونت لاماخ على الزواج من ابن أساندرا شرط ألا يُوضع على رأس إدارة المدينة ولا يغادرها إلى مكان آخر لكنه كان يدبّر المكيدة في ليل كي يستولي على المدينة برمتها حيث جمع نحو مائتي محارب ووضعهم في أقبية القصر لكن شاءت الصدف أن تعاقب كَيكييا وصفيتها التي اكتشفت وجود الأعداء في أحد الأقبية فأحرقت القصر بعد أن أفرغته من محتوياته الثمينة وانتقمت من زوجها الخائن الذي كان يتربص بها الدوائر.
يتوفر بعض الحكايات على نَفَس سردي عجائبي كما في حكاية «الحور والرمّان والسرو» التي يعاني فيها الصيّاد وزوجته من بناتهما الثلاث، فالأولى تلعن والديها لأنها دميمة، والثانية تؤنبهما لأنها ليست رائعة الجمال، والثالثة جميلة ومرحة لكنها تسخر منهما وتزدريهما. وذات مرة انهلنَ ضرباً عليهما فتضرعا إلى السماء وانطلق صوت من مكان مجهول تحولت إثره الحورة إلى أطول شجرة في الوجود لكن بلا زهر ولا ثمر، وصارت الرمّانة شجرة عديمة الرائحة، أما السروة فتحولت إلى نبتة جميلة وحزينة. ما إن خرجت الفتيات الثلاث إلى الباحة حتى شاهدنَ ثلاث شجرات منتصبات لم يكن لهن وجود من قبل وقد أطلق الناس عليها أسماء البنات الثلاث: حورة ورمانة وسروة.
يتكرر النَفَس العجائبي في غالبية هذه الحكايات، فنيموفليس، أحد الخدم يترك سِفطين للشقيقين بوتر وكَيوركَي بعد أن تتوفى أمهما الكونتيسة يلينا، ففي السفط الأول صولجان إذا رفعه ينشق البحر وإذا أنزله يرى كل ما يوجد في اللُجة. والثاني فيه جناحان إذا ربطهما يحملانه إلى حيثما يشاء، وسيعرف هناك كل ما يرغب في معرفته. وفي المقابل هناك شقيقتان جميلتان يأخذانهما قسراً إلى الشمس وفي اليوم الثاني غاصا بهما إلى البحر الهائج لكن الرمح ثلاثي الشوكات صرعهما ثم صرع الشقيقتين وتحوّلا إلى صخرتين تحكيان مصير من يحاول الاستيلاء عنوة على شيء ما من النفس البشرية.
يمكن أن تؤخذ حكاية «عائشة الأبيّة» على أكثر من مَحمل فهي تعالج ثنائية الحُب والكبرياء، واللين والصلابة كما تنطوي على نهاية مفاجئة فبعد أن يرفض الفتى الذهاب إليها والانحناء أمامها قبل أن يطلب يدها للزواج تذهب إليه لكنها تطعنه بخنجرها في صميم القلب.
لا يخلو بعض الحكايات من نَفَس فكاهي وربما تكون حكاية «ينبوع أي - بيتري» خير أنموذج لما نذهب إليه، فالزوج التسعيني الذي قرّر أن يجمع الحطب ويبيعه ليؤمّن تكاليف جنازته قد شرب من ينبوع الشباب فعاد فتى يافعاً، وبينما هو في الطريق إلى بيته شاهد امرأة عجوزا تبحث عن زوجها الطاعن في السن فدلّها على ينبوع الماء فشربت منه بنهم وعادت طفلة صغيرة. وحينما يئس العجوز من العثور على زوجته التي ذهبت كي تبحث عنه سمع صوت طفل في الغابة فحمله إلى البيت، وعند حلول الفجر كانت دهشة كبيرة وهو يرى أن الطفل الذي يحمله بين يديه ملفوف بأسمال زوجته العجوز التي شربت من ينبوع الشباب أكثر مما ينبغي.
تناقش كل حكاية ثيمة محددة فحكاية «الحصن الطويل» تركّز على جشع التاجر الملقب بالفيل الذهب الذي اشترى القمح من الفلاحين ليبيعه في السنة الجدباء بأسعار مضاعفة لكن السائح الروسي الذي مرّ من هناك نصحهم بأخذ الحبوب بالقوة فهم كُثر وهو واحد الأمر الذي شتّت الحرّاس وجعله يدفن رأسه في القمح ويواجه مصيره المحتوم. تتواصل الثيمات، والشذرات، والالتماعات التي تأخذ شكل الحِكم، والأقوال المأثورة، والصور الشعرية التي لا تبرح الذاكرة وهي ترصد قصص الحُب والغرام، والطمع والجشع، والتضحية والإيثار وما إلى ذلك من قيم وأعراف نبيلة، ومشاعر وطنية دفّاقة يعتز بها مواطنو شبه جزيرة القرم.
لا بد من الإشارة إلى أنّ المترجم حسن البياتي قد بذل جهداً كبيراً في ترجمة هذه الحكايات الأسطورية، وحافظ على الأسلوب الذي وردت فيه بلغته الأصلية «الروسية» إلاّ ما كان يتعارض وطبيعة اللغة العربية. ولو وضعنا المصادر الروسية جانبا فإن المترجم نفسه قد زار لعشر مرات العديد من الأماكن والمدن التي وقعت فيها أحداث الحكايات وما خلّفته من آثار شاخصة تركت أثرها الواضح على المترجم قبل أن يفقد بصره في حادث مؤسف ليترجم لنا هذه الحكايات الأسطورية التي توحي لقارئها وكأنها مكتوبة باللغة العربية مباشرة.



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.