«اتهامات متبادلة» تهدد الهدنة الهشة بين طرفي النزاع في ليبيا

مباحثات أميركية في روما مع الجهات المتصارعة

TT

«اتهامات متبادلة» تهدد الهدنة الهشة بين طرفي النزاع في ليبيا

دخلت الأزمة الليبية منعطفاً جديداً تمهيداً لعقد مؤتمر دولي بشأنها في برلين، وذلك بعدما استجاب المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني لمطالب إقليمية ودولية بإبرام هدنة مؤقتة لوقف إطلاق النار بين قواته و«الميليشيات» الموالية لحكومة «الوفاق الوطني» برئاسة فائز السراج، في العاصمة طرابلس.
ومع ذلك لم يتوقف الطرفان عن تبادل الاتهامات، الأمر الذي يهدد الهدنة الهشة التي كانت قد اقترحها تركيا وروسيا، حيث لم يتم الإعلان عن أي آليات لمراقبتها. وتم تسجيل استمرار للقتال بشكل متقطع في محيط العاصمة أمس.
وأشادت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أمس، مجدداً باستجابة مختلف الأطراف لدعوة الكثير من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار، معتبرة في بيان لها أنه «يفتح الباب واسعاً أمام إنجاح المؤتمر الدولي المزمع عقده في برلين قريباً، وأمام حوار ليبي - ليبي لمعالجة كل المسائل الخلافية عبر المسارات الثلاثة التي أطلقتها البعثة خلال الأسبوع الماضي».
وقالت البعثة إنها تهيب بالجميع «احترام وقف النار والتوجه بنية صافية نحو التفاهم على صيغة تحمي أرواح الليبيين وسيادة بلادهم». وكانت البعثة قد أعلنت مساء، أول من أمس، ترحيبها بالهدنة، وعبرت عن استعدادها التام لمؤازرة الليبيين وتسخير كل إمكانياتها لمساعدتهم في إيجاد حل سلمي ونهائي للأزمة الليبية.
بدورها، قالت حكومة السراج، إنها رصدت «إطلاق نار في منطقتي صلاح الدين ووادي الربيع بعد دقائق من موعد بدء وقف إطلاق النار بعد منتصف الليل مباشرة»، مشيرة إلى أنها رصدت «خروقات لهذا الاتفاق من قبل من وصفتها بالميليشيات المعتدية» في إشارة إلى قوات الجيش الوطني.
وأعلنت أن مجلسها الرئاسي «يجدد التزامه بوقف إطلاق النار، ويشدد على ضرورة التزام رعاة هذا الاتفاق وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتطبيقه على النحو الأمثل، وألا يستسهلوا أو يستهينوا بهذه الخروقات، ويمنعوا حدوثها». وبعدما اعتبرت أن «السبيل الوحيد لإنجاح وقف إطلاق النار هو انسحاب المعتدي من حيث أتى» قالت إنها «لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه خروقات وقف إطلاق النار، وفي حال تكررها فإن الرد سيكون قاسياً وعنيفاً».
وكان السراج أعلن، مساء أول من أمس، بعد ساعات من قبول حفتر للهدنة، دعم حكومته للمسار السياسي عبر «مؤتمر برلين» من خلال مؤتمر وطني ليبي يجمع الأطراف والتوجهات السياسية. وبعدما قال إن حكومته «تدعو جميع الدول المعنية بالملف الليبي إلى دعم هذا المسار إيجابياً»، أشار السراج إلى «حق الدفاع عن النفس بالرد على أي هجوم أو عدوان قد يحدث من الطرف الآخر». ولم يكرر السراج في بيانه المطلب الذي اعتاد إعلانه بشأن ضرورة انسحاب قوات الجيش الوطني، وعودتها إلى مواقعها التي كانت عليها قبل بدء هجومها لتحرير طرابلس، علماً بأنه اعتبر في تصريحات له عقب اجتماعه برئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي في روما أنه يشترط «انسحاب المهاجم الذي لا يبدو مستعداً لأن لديه طريقة عمل أخرى»، في إشارة إلى حفتر.
وكان اللواء المبروك الغزوي، آمر مجموعة عمليات المنطقة الغربية، قد اتهم الميليشيات بعد وقت قصير من إعلان الهدنة بـ«خرقها في أكثر من محور بكل أنواع الأسلحة بما فيها المدفعية»، لكنه أضاف: «نحن ما زلنا ملتزمين بالبلاغ الصادر لنا من القيادة العامة كغرفة المنطقة الغربية وننتظر أي تعليمات جديدة منها».
وأعلنت قيادة الجيش الوطني وقف إطلاق النار اعتبارا من ليلة أول من أمس، وقالت في بيان مفاجئ أصدرته في ساعة الليلة قبل الماضية إنها تعلن وقف إطلاق النار بغرفة العمليات العسكرية بالمنطقة الغربية التي تضم العاصمة طرابلس، على أن «يلتزم الطرف الآخر بوقف إطلاق النار بهذا التوقيت». لكن الجيش احتفظ لنفسه في البيان المصور الذي تلاه أحمد المسماري المتحدث باسمه بحق الرد الذي توعد بأنه «سيكون قاسيا على أي خرق».
من جانبها، كشفت السفارة الأميركية في طرابلس، عبر بيان أصدرته في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، عن مضمون «اجتماعات سرية» عقدها يوم الخميس الماضي وفد من كبار المسؤولين الأميركيين بشكل منفصل مع المشير حفتر، وفتحي باش أغا وزير الداخلية بحكومة السراج في العاصمة الإيطالية روما.
وأشارت إلى أن الوفد الأميركي الذي ضم نائب مستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيكتوريا كوتس، والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون المغاربية والمصرية هنري ووستر، قد أكد لجميع الأطراف الليبية الأهمية الحاسمة للتوصّل إلى حلّ سياسي دائم للأزمة من شأنه الحدّ من الأعمال العسكرية ورسم مسار نحو مستقبل أفضل لكل الليبيين. وطبقا للبيان فقد عبّر المسؤولون الأميركيون عن «قلق الإدارة الأميركية البالغ إزاء التدخل الأجنبي السام في النزاع، وأكدوا مجدداً دعم بلادهم الكامل لسيادة ليبيا وسلامة أراضيها».
واعتبر المسؤولون الأميركيون أن «نشر المرتزقة الروس» الذين قال البيان إنهم «يقاتلون نيابة عن قوات الجيش الوطني، والمقاتلين السوريين المدعومين من تركيا المتحالفة مع حكومة السراج قد أدّى إلى تدهور الأمن بشكل كبير على حساب جميع الليبيين». واعتبروا بحسب البيان أن «الهجمات التي وقعت في الأيام الأخيرة على مطار معيتيقة بطرابلس والقصف العشوائي للأحياء السكنية في العاصمة، تساهم في سقوط ضحايا بين المدنيين، وتفاقم حالة الطوارئ الإنسانية في طرابلس».
وبعدما شدد على أنه «يجب على جميع الأطراف الليبية المسؤولة إنهاء هذا التصعيد الخطير ورفض المشاركة المدمرة للقوات الأجنبية»، أعرب البيان عن ترحيب أميركا بكلّ الجهود الحقيقية لإنهاء هذا العنف والوصول إلى ليبيا مسالمة وآمنة ومزدهرة. وأكد البيان مجددا أن «الولايات المتحدة على استعداد لدعم الحوار السياسي الذي تيسّره الأمم المتحدة، وتعزيز الجهود الملموسة لتفكيك الميليشيات، وتحقيق توزيع عادل للموارد، ومنع العناصر المتطرفة التي تسعى إلى استغلال المرحلة الانتقالية في ليبيا من الحصول على سلطة سياسية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.