قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، أمس، إنه سيقترح إجراء تحقيق وطني بخصوص الاستجابة لحرائق الغابات المستعرة في البلاد، وذلك بعد انتقادات متواصلة منذ أسابيع لتعامل الحكومة مع الكارثة، في حين توفي رجل إطفاء آخر، كما ذكرت وكالة «رويترز».
وتأخذ الأزمة منحى سياسياً على نحو مزداد مع استمرار الحرائق المستعرة منذ نحو 3 أشهر على ملايين الأفدنة من الأراضي والغابات، ما أسفر عن وفاة 28 شخصاً وتدمير ألفي منزل. وقال موريسون في مقابلة مع تلفزيون «إيه بي سي»: «من الواضح أن هناك حاجة لمراجعة وطنية للاستجابة». ورداً على سؤاله عما إذا كان ينبغي تشكيل لجنة تحقيق ملكية، وهي هيئة قضائية ذات نفوذ، قال موريسون: «أعتقد أن ذلك سيكون ضرورياً وسأقدم اقتراحاً عن طريق الحكومة يفضي إلى ذلك، لكن يتعين أن يتم ذلك بالتشاور مع الولايات والأقاليم». وأدى انخفاض في درجات الحرارة مطلع الأسبوع إلى تراجع شدة الحرائق، لكن رجل إطفاء توفي أثناء عمله في ولاية فيكتوريا، حيث اندلعت ألسنة لهب جديدة. وقالت السلطات إن الخطر أبعد ما يكون عن الانتهاء، وإنه من المتوقع أن تشهد البلاد طقساً حاراً من جديد. ورفض موريسون الانتقاد الموجه لحكومته بأنها لم تبذل جهوداً كافية قبل بدء موسم الحرائق، لكنه أقر بأن بعض جهود الاستجابة للحرائق فور اندلاعها كان يمكن أن تكون مختلفة. وأضاف: «كانت هناك أشياء بمقدوري التعامل معها على الأرض بشكل أفضل».
وفي أعقاب ليلة صعبة شهدت اندلاع سلسلة حرائق في ولايتي نيو ساوث ويلز وفيكتوريا اندمجت لتشكّل حريقاً هائلاً يتجاوز بـ4 مرّات مساحة منطقة لندن الكبرى، انخفضت درجات الحرارة وهطلت الأمطار على المناطق التي اشتعلت فيها النيران.
وقالت رئيسة وزراء نيو ساوث ويلز، غلاديس بيريجيكليان، للصحافيين أول من أمس: «بينما كانت ليلة وطويلة وصعبة في أجزاء عدّة من نيو ساوث ويلز، نشعر بالارتياح هذا الصباح لعدم خسارة أي أرواح وعدم وقوع أي أضرار كبيرة في الممتلكات».
ويتوقع أن تتواصل الأجواء الأكثر اعتدالاً لنحو أسبوع، ما يعطي عناصر الإطفاء الوقت لمحاولة السيطرة على الحرائق. ووصف مفوض مكافحة حرائق الأرياف في ولاية نيو ساوث ويلز شين فيتزسيمونز الأجواء بأنها «أفضل 7 أيام مرّت علينا من دون ارتفاع في معدلات الحرائق الخطيرة».
ويقدّر العلماء في جامعة سيدني أن يكون نحو مليار حيوان من الثدييات والطيور والزواحف نفقوا في الحرائق.
وصرّح مدير الفريق المتخصص لمكافحة الحرائق في قرية توامبا، ناثان بارندن، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن هطول الأمطار أمر «رائع»، لكنه «غير كافٍ في هذه المرحلة لإخماد الحرائق». وقال: «سنحتاج لمئات الملليمترات خلال فترة من الوقت (...) لتصبح مكافحة الحرائق أسهل بالنسبة إلينا». ودعا رئيس وزراء ولاية فيكتوريا دانيال أندروز السكان لتوخّي الحذر، مشيراً إلى أن الأزمة التي تواصلت على مدى شهور «لا تزال بعيدة عن نهايتها».
وانعكس تحذيره في بلدة موغو، حيث لا تزال الكهرباء مقطوعة عما تبقى من شارعها الرئيسي، بينما استخدمت المتاجر القليلة التي فتحت أبوابها المولّدات. وقال أحد السكان وهو أب لولدين يدعى مارك بوك (49 عاما)، إن الأيام الأخيرة كانت «جحيماً خصوصاً بوجود الأطفال». وأفاد: «لم يكن لدينا خبز أو حليب لنحو 4 أيام».
وخرج الجمعة، عشرات آلاف المتظاهرين في أنحاء أستراليا، مطالبين الحكومة المحافظة باتّخاذ موقف أقوى حيال التغيّر المناخي. ويشير العلماء إلى أن التغيّر المناخي أسهم في إطالة أمد موسم الحرائق وتسبب باندلاع حرائق أكثر تكراراً وشدّة.
وذكرت أكاديمية العلوم الأسترالية، وهي منظمة مستقلة تمثّل أبرز العلماء في البلاد، أن على كانبيرا «التحرّك بشكل أقوى» في إطار التزاماتها العالمية للحد من الاحتباس الحراري. وأفاد رئيس الأكاديمية جون شاين في بيان بأن «قاعدة الأدلة العلمية تظهر أنه مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم بسبب التغيّر المناخي الذي يتسبب به البشر، نواجه ازدياداً في تكرار وحدّة أحداث الطقس الشديدة». وأضاف: «علينا كدولة التعامل مع أحداث الطقس الشديدة بشكل أكثر فعالية مما نقوم به حالياً».
وكان عام 2019 الأكثر جفافاً وحرارة الذي يتم تسجيله في تاريخ أستراليا، إذ بلغ معدل درجات الحرارة الأعلى التي تم تسجيلها في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 41.9 درجة مئوية.
ورغم ازدياد الانتقادات الداخلية والدولية، دافع رئيس الوزراء الذي لطالما شدد على أهمية صادرات السلع الأساسية على غرار الفحم بالنسبة لاقتصاد بلاده، عن سياسات حكومته حيال المناخ. في حين دفعت الأزمة غير المسبوقة كثيراً من المشاهير والشخصيات الرياضية والسكان لجمع الأموال دعماً لعناصر الإطفاء المتطوعين والسكان المتضررين.
أستراليا تتجه للتحقيق في كيفية الاستجابة للحرائق
أستراليا تتجه للتحقيق في كيفية الاستجابة للحرائق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة