أنقرة تؤيد «هدنة روسية» في إدلب بدءاً من غد

وفد تركي رفيع المستوى يزور موسكو الاثنين لبحث تطورات شمال غربي سوريا

دخان يتصاعد من معرة النعمان بعد غارات على ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من معرة النعمان بعد غارات على ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تؤيد «هدنة روسية» في إدلب بدءاً من غد

دخان يتصاعد من معرة النعمان بعد غارات على ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من معرة النعمان بعد غارات على ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الدفاع التركية الجمعة أنها اتفقت مع روسيا على أن وقف إطلاق النار سينفذ في إدلب بشمال غربي سوريا اعتبارا من منتصف ليل 12 يناير (كانون الثاني).
وفر مئات الآلاف من المدنيين من العنف في محافظة إدلب صوب الحدود التركية في الأسابيع القليلة الماضية بعد تجدد القصف من جانب القوات الروسية والقوات الحكومية السورية.
وقالت وزارة الدفاع التركية إن الهجمات جوا وبرا ستتوقف بموجب وقف إطلاق النار الذي قالت إنه يستهدف منع موجة جديدة من المهاجرين وسقوط مزيد من الضحايا.
كان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» سجل استهداف الطائرات الحكومية السورية مناطق في مدينة معرة النعمان وقرية معرشورين وأوتوستراد دمشق - حلب الدولي، إضافة إلى قصف القوات الحكومية السورية مناطق في خلصة والحميرة بريف حلب الجنوبي، وبلدة بابيلا بريف إدلب الجنوبي.
وكان «المرصد السوري» قد ذكر صباح الجمعة أنه رصد قصفاً صاروخياً نفذته قوات النظام بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة وفجر أمس، استهدفت خلاله مناطق في مدينة معرة النعمان وقرى معرشمشة وتلمنس ومعصران ومعرشورين والدير الشرقي والدير الغربي بريف المدينة.
جاء القصف في خرق جديد لوقف إطلاق النار في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، والذي أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية بموجب اتفاق تم التوصل إليه مع تركيا، دخل حيز التنفيذ الساعة 00:14 بتوقيت سوريا من يوم الخميس.
وجاء وقف إطلاق النار بعد هجمات للقوات السورية بدعم جوي روسي بدأت في أبريل (نيسان) الماضي للقضاء على المتطرفين المسلحين في إدلب، وهي آخر معقل لهم في شمال غربي سوريا.
الى ذلك، قالت مصادر دبلوماسية تركية إن وفدا تركيا رفيع المستوى سيزور موسكو بعد غد (الاثنين) لبحث التطورات في سوريا وبخاصة في إدلب بعد إعلان روسيا وقفا لإطلاق النار فيها عقب مباحثات بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين في إسطنبول الأربعاء الماضي.
وأضافت المصادر، بحسب ما نقلت وسائل إعلام قريبة من الحكومة أمس (الجمعة)، أن الوفد الذي يتألف من وزيري الخارجية والدفاع مولود جاويش أوغلو وخلوصي أكار ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان سيركز في مباحثاته مع المسؤولين الروس على الوضع في إدلب إلى جانب الملف الليبي.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أول من أمس بدء وقف النار في إدلب. وبحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في أنقرة أمس مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، والسفير الأميركي بأنقرة ديفيد ساتيرفيلد قضايا الأمن الإقليمي، وعلى رأسها التطورات في سوريا والوضع في إدلب.
وبدأ جيفري مباحثاته في أنقرة أمس (الجمعة) بلقاء أكار ومن المقرر أن يلتقي عددا آخر من المسؤولين الأتراك وممثلين عن المعارضة السورية، لبحث التطورات في سوريا والعملية السياسية.
في السياق ذاته، تواترت أنباء عن خرق قوات النظام السوري وقف إطلاق النار في إدلب ومواصلة هجماتها في ريفها الجنوبي والشرقي، رغم إعلان روسيا وقف إطلاق النار بالمنطقة. وقالت وكالة أنباء «الأناضول» التركية الرسمية أمس إن قوات النظام واصلت هجماتها البرية عبر إطلاق القذائف الصاروخية وقذائف الهاون على مناطق مأهولة في قرى وبلدات بإدلب.
وأضافت أنه بعد قصفها، أول من أمس، مدينة معرة النعمان، وقرى معرشورين، وتلمنس، ومعر شمشة، بالصواريخ وقذائف أرض - أرض، واصلت قوات النظام، أمس، قصف مدينة معرة النعمان، وقرية تلمنس.
وأشارت إلى أن قوات النظام أطلقت عمليات برية بهدف السيطرة على مزيد من القرى والبلدات في ريف إدلب الجنوبي.
وأعلنت الأمم المتحدة، أول من أمس، مقتل 1460 مدنيا، من بينهم 417 طفلا و289 امرأة بسبب الأعمال العسكرية في شمال غربي سوريا، في الفترة ما بين 29 أبريل (نيسان) 2019 إلى 5 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، إن أكثر من 312 ألف شخص، ما يقرب من 80 في المائة منهم من النساء والأطفال، تم تشريدهم منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي وحتى الآن، معظمهم من إدلب، متجهين شمالا، بعيدا عن القتال.
وتخضع إدلب لوقف إطلاق نار سابق تم التوصل إليه بين تركيا وروسيا، كما أعلنت تركيا وروسيا وإيران التوصل إلى اتفاق «منطقة خفض التصعيد» بإدلب، في 17 مايو (أيار) 2017، في إطار اجتماعات آستانة المتعلقة بالشأن السوري، لكن قوات النظام وداعميه تواصل شن هجماتها على المنطقة، رغم التفاهم المبرم بين تركيا وروسيا في سوتشي في 17 سبتمبر (أيلول) 2018 على ترسيخ منطقة «خفض التصعيد»، وإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة.
وبموجب اتفاق منطقة خفض التصعيد في إدلب أنشأت تركيا 12 مراقبة عسكرية في المحافظة السورية تعرض عدد منها لتحرشات من جانب النظام، لكن تركيا أكدت أن النقاط قادرة على حماية نفسها وأنها لن تقوم بسحبها أو الخروج من إدلب.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.