افتتاح جامعة روسية في دمشق

عملت روسيا منذ تدخلها العسكري المباشر في الحرب السورية عام 2015 على تعزيز نفوذها الثقافي في مجال التعليم

مدرسة روسية في حصة لغة بإحدى مدارس دمشق (رويترز)
مدرسة روسية في حصة لغة بإحدى مدارس دمشق (رويترز)
TT

افتتاح جامعة روسية في دمشق

مدرسة روسية في حصة لغة بإحدى مدارس دمشق (رويترز)
مدرسة روسية في حصة لغة بإحدى مدارس دمشق (رويترز)

بعد نحو قرن على إغلاق مدارس روسيا القيصرية في منطقة الشرق الأوسط، عادت موسكو لتحضر في المجال التعليمي عبر البوابة السورية؛ حيث أعلنت موسكو عزمها افتتاح جامعة روسية في دمشق، تكون فرعاً لجامعة موسكو الحكومية.
وقال رئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، سيرغي ستيباشين، إن الأرض التي سبق وخصصتها الحكومة في دمشق لإنشاء مدرسة روسية، ستبنى عليها جامعة روسية. وبحسب صحيفة «إزفيستيا» الروسية، كانت الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية تنوي إنشاء مدرسة في دمشق، حسبما أعلن عام 2018، على أن يتم تشكيلها من وحدات منعزلة ستنقل إلى سوريا بحراً من ميناء نوفوروسيسك الروسي على البحر الأسود، ليتم افتتاحها بنهاية العام الماضي؛ لكن الجمعية تحولت عن الفكرة لصالح افتتاح جامعة روسية في دمشق، وذلك بعد أن تقوم الجمعية والكنيسة الأرثوذكسية الروسية بإعمار مبنى إحدى المؤسسات التعليمية السورية بريف دمشق.
وأفاد سيرغي ستيباشين بأنه بحث مشروع افتتاح فرع لجامعة موسكو مع رئيس الجامعة فيكتور سادوفنيتشي، بصفته عضواً في الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، وبدوره أيد الفكرة.
ويشار إلى أن المدارس الروسية في منطقة الشرق الأوسط التي كان يدرس فيها نحو عشرة آلاف طالب، منها ثلاث مدارس في دمشق، قد أغلقت عقب ثورة عام 1917، لتعود عام 2014 وتفتتح أول مدرسة في مدينة بيت لحم الفلسطينية.
وعملت روسيا منذ تدخلها العسكري المباشر في الحرب السورية عام 2015 على تعزيز نفوذها الثقافي في مجال التعليم؛ حيث تم إدخال اللغة الروسية في المناهج الدراسية، كلغة أجنبية ثانية إلى جانب الإنجليزية والفرنسية للمرحلتين الثانية والثالثة من التعليم الأساسي. إلى جانب افتتاح عشرات المراكز لتعليم اللغة الروسية، إضافة إلى إيفاد معلمين إلى موسكو لتعلم تدريس اللغة الروسية.
ولاقت اللغة الروسية إقبالاً من الشباب السوريين؛ حيث يقدر عدد الطلاب الدارسين للغة الروسية بـ24 ألف طالب، إذ يتطلع السوريون إلى إتمام دراستهم في روسيا، التي يرون فيها دولة قوية يمكن أن تكون هدفاً للهجرة، في حال استمر تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد جراء الحرب.
وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد زار دمشق الأسبوع الماضي، حاملاً معه هدية إلى الجامع الأموي، نسخة فريدة من المصحف، تعود إلى القرن السابع عشر الميلادي، مغلفة بغلاف جلدي مصنوع في آسيا خلال القرون الوسطى. كما زار الكنيسة المريمية مقر بطريركية أنطاكية وسائر المشرق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.