التحالف الدولي يعلق نشاطه ضد «داعش» للتركيز على حماية قواعده في المنطقة

البابا يخشى صراعاً أوسع في المنطقة

TT

التحالف الدولي يعلق نشاطه ضد «داعش» للتركيز على حماية قواعده في المنطقة

أعلن التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» تعليق أنشطته العسكرية في العراق، وذلك للتركيز على حماية القواعد التي تستضيف أفراد التحالف. وأضاف التحالف الدولي، في بيان أصدره أمس: «ننتظر توضيحاً حول تأثير قرار البرلمان العراقي بشأن وجود القوات الأجنبية على بقائنا في العراق». وكان مجلس النواب العراقي قد صوّت على قرار نيابي من 5 إجراءات يلزم الحكومة بإلغاء طلب المساعدة من التحالف الدولي لمحاربة «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية.
يأتي قرار تعليق العمليات العسكرية غداة قيام إيران بقصف قاعدتين عسكريتين تستضيفان قوات أميركية في العراق رداً على اغتيال الولايات المتحدة القيادي في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. وأشار البيان إلى تصويت البرلمان العراقي لصالح قرار يطالب الحكومة بإنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية. وقال التحالف إنه ينتظر «مزيداً من التوضيح بشأن الطبيعة القانونية وتأثير القرار على القوات الأجنبية التي لم يعد مسموحاً لها البقاء في العراق». وختم بالقول: «نعتقد أنه من المصالح المشتركة لجميع شركاء التحالف (من بينهم العراق)، أن نواصل القتال ضد داعش».
من جانبه، أكد الرئيس العراقي برهم صالح أمس على أهمية العمل والتنسيق المشترك لتجنيب العراق والمنطقة الصراعات والحروب، مشدداً على رفض مبدأ الحرب بالوكالة وأن يكون العراق منطلقاً لأي اعتداء على أي بلد مجاور.
وطالب الرئيس صالح، خلال استقباله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بـ«ضرورة توحيد الجهود الرامية بين جميع الأطراف لمعالجة الأزمات الحالية وضبط النفس والتهدئة من أجل أن تنعم شعوب المنطقة بالاستقرار والأمن والرفاهية»، حسب بيان للرئاسة العراقية.
من جهة أخرى، عبّر البابا فرنسيس أمس عن قلقه من مخاطر نشوب «نزاع على نطاق أوسع» في ظل تزايد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، وطالب بانخراط أقوى من المجتمع الدولي في جهود السلام بالشرق الأوسط.
واعتبر البابا أن الإشارات القادمة من الشرق الأوسط «مثيرة للقلق بشكل خاص»، وذلك في حضور السفراء لدى الكرسي الرسولي المجتمعين في الفاتيكان خلال الاحتفال السنوي لتبادل التهاني. وأضاف: «يهدد ارتفاع التوتر بين إيران والولايات المتحدة بتعريض مسار إعادة البناء البطيء في العراق إلى اختبار صعب، وبخلق أسس نزاع على نطاق أوسع نتمنى جميعاً أن نتمكن من منعه».
وتمنى أمام دبلوماسيين من العالم أجمع حصول «انخراط أكثر مثابرة وفاعلية من طرف المجتمع الدولي» لصالح السلام في المنطقة. وقال البابا الذي احتفل بعيد ميلاده الـ83 هذا الشهر: «أشير خاصة إلى رداء الصمت الذي يهدد بالتغطية على الحرب التي دمرت سوريا على امتداد هذا العقد». كما عبر عن «امتنانه للأردن ولبنان لاستقبالهما واعتنائهما، عبر تضحيات كثيرة، بآلاف اللاجئين السوريين»، رغم انشغاله بمخاطر التوتر وانعدام الاستقرار في البلدين.

- تصريحات من «الحشد» متناقضة
وفي بغداد، صرح جواد الطليباوي القيادي في قوات الحشد الشعبي أمس بأن الحديث عن استهداف الحشد الشعبي للمنطقة الخضراء بقصف صاروخي هو كلام عارٍ عن الصحة وغير دقيق. ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية «واع» عن الطليباوي قوله إن «الحشد الشعبي ليس لديه أي عمليات عسكرية ضد السفارة الأميركية أو غيرها من الوجود العسكري الأجنبي وأن الحشد لا يخالف أوامر القائد العام للقوات المسلحة ويسير وفق تلك الأوامر وأن مهمته هي ساندة القوات الأمنية».
وأوضح أن «بث الإشاعات والترويج لها يراد منهما جر هذه المؤسسة الوطنية لمخالفة أوامر رئيس الوزراء وهذا ما لا يرتضيه الحشد الشعبي أو قادته». وقال الطليباوي إن «قصف المنطقة الخضراء بالصواريخ قد يكون تصرفاً انفعالياً وفردياً أو أنه محاولة من بعض الجهات لتشويه سمعة الحشد وخلط الأوراق وعلى الأطراف التي تقف وراء قصف المنطقة الخضراء الكف عن هذه الأعمال التي تسيء لفصائل الحشد».
لكن في المقابل، قال قيس الخزعلي الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» أمس إن ساعة الصفر في عملية الثأر للقائد أبو مهدي المهندس لم تحن بعد، وعلى القوات الأميركية أن تترقب الرد العراقي المزلزل. وقال الخزعلي في تغريدة له على حسابه عبر موقع «تويتر»: «لم تنطلق بعد ساعة الصفر من عمليات الثأر للشهيد القائد أبو مهدي المهندس، ونحن قلنا إن الرد لن يكون أقل من الرد الإيراني على اغتيال قاسم سليماني». وأضاف: «إن مجرد إطلاق صاروخين أخطآ هدفهما لا يعني شيئاً».
وأضاف: «نحن لا نستهدف البعثات الدبلوماسية مطلقاً، وحاليا لا نستهدف السفارة الأميركية رغم الوجود الأميركي والمخابراتي، إنما يتركز عملنا على الوجود العسكري بالأساس». وزاد الخزعلي: «نقولها من جديد لقوات الاحتلال الأميركي، بما أنكم رفضتم الانسحاب من أرض العراق، فترقبوا الرد العراقي المزلزل، وإن غداً لناظره قريب».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.