«رسالة حب بخط مسماري» رواية تشيكية عن الحقبة الشيوعية

حصلت على «جائزة الاتحاد الأوروبي» في الأدب

«رسالة حب بخط مسماري» رواية تشيكية عن الحقبة الشيوعية
TT

«رسالة حب بخط مسماري» رواية تشيكية عن الحقبة الشيوعية

«رسالة حب بخط مسماري» رواية تشيكية عن الحقبة الشيوعية

صدرت حديثاً عن دار «صفصافة للنشر» بالقاهرة، الترجمة العربية لرواية «رسالة حب بخط مسماري» تأليف توماش زميشكال، وهي واحدة من الروايات التشيكية التي سجلت مبيعات هائلة وقت صدورها قبل 12 عاماً، وحصلت وقتها على جوائز أدبية رفيعة، من بينها جائزة الاتحاد الأوروبي عن أفضل عمل روائي.
الخط الأساسي لأحداث الرواية، التي ترجمها الدكتور خالد البلتاجي، يعتمد على علاقة سادية ماسوشية بين كفياتا، زوجة الشخصية الرئيسية المهندس المعماري يوسف، وبين هيناك يانسكي، صديقهما السابق، وزميل الدراسة الذي حاول يوماً أن يحظى بكفياتا صديقة وزوجة له. صار هيناك المحقق الرئيسي في قضية يوسف بعد سجنه من قبل الشيوعيين بسبب دفاعه عن زميل له في وجه سلطة مستبدة.
وفي تطور طبيعي للأحداث، بدأت كفياتا بعد اعتقال زوجها، تتردد على هيناك في البداية طلباً للمساعدة من أجل إطلاق سراحه. لكن سرعان ما بدأ هيناك يتحكم فيها، ويسيطر عليها. حتى أنه أوصلها لمرحلة بدأت فيها تضع الأصفاد في يديها وقدميها بنفسها، كي تشعر بما يشعر به زوجها في السجن. ثم وصل الأمر إلى درجة الضرب المبرح الذي أثار غرائزها. «جذبها اهتمامه بها، والألم الذي يسببه لجسدها ولروحها، كانت تستعذب ذلك، وتتأني عند باب بيت هيناك، من أجل أن تحصل على صفعات بعدد الدقائق التي تتأخرها. ثم مع الوقت سيطر عليها حب هيناك، والألم الذي يسببه لها. بعدها بعدة أشهر توقفا عن التظاهر بأن هيناك يحاول مساعدة يوسف، وصارت علاقتهما قيداً ربطهما معاً. عندما سألت هيناك بعد شهور: كيف أوصلها إلى هذه الدرجة، أجابها بقوله: إنه بافلوف وتجاربه الشهيرة مع الكلاب. تجارب بسيطة موثقة وتنطبق على الجميع... نظرية الاستجابة الشرطية». وعلى امتداد مساحة غير قليلة من الرواية، ظلت كفياتا تتعرض لهذا السيناريو من الممارسات السادية حتى انتهت علاقتها بهيناك، حدث ذلك بعد خروج الزوج من سجن بقي فيه لعشر سنوات. ليبدأ خط آخر في الأحداث التي راحت ترصد حياة الزوجين منذ ذلك الوقت وحتى موت كفياتا.
صاحب «رسالة حب بخط مسماري» توماش زميشكال ولد عام 1966، وهو أديب تشيكي، درس اللغة والأدب الإنجليزي في لندن. بعدها عمل محاضراً في جامعة تشالز، إضافة إلى كونه مترجماً. ويعمل الآن مدرساً للأدب الإنجليزي في المدراس الثانوية، وهو عضو «نادي القلم»، ويعيش في مدينة براغ.
المتأمل للخط الرئيسي في الرواية لا يمكن أن يغفل وقائع تاريخية حقيقية وقعت في تشيكولوفاكيا، وربطت حكايتها بالواقع. فثمة أحداث مشابهة وقعت بالفعل إبان الحقبة الشيوعية، وحسب ما جاء في شهادات بعض المؤرخين. تقول إحدى الدراسات التاريخية إن أحد أعضاء الأمن الوطني ميروسلاف باكاندا، قد عوقب بالإقامة الجبرية لمدة 28 يوماً، وخصم خمسمائة كرونا من راتبه الشهري كغرامة بسبب علاقاته الجنسية مع زوجات المعتقلين، كما ظهرت حالات أقامت فيها زوجات المساجين علاقات جنسية مع رجال وشوا بأزواجهن.
لكن مع محاولتها فضح الواقع، وما جرى من أحداث وفظائع، يرى البعض أن رواية «رسالة حب بخط مسامري» تعتبر تجربة أدبية مبتذلة عن فترة الشيوعية، وأنها ليست أكثر من انعكاس لصورة الحقبة الشيوعية في عقول الناس اليوم، التي تضع النظام السياسي والمجتمع في ثنائية الشر مقابل الخير.
يقول الدكتور البلتاجي في تقديمه للرواية إنه «من حق كل أديب بالطبع أن يكتب ما يحلو له، وما تجود به مخيلته. وهنا نؤكد ما قاله أرسطو إن الأديب لا يكتب فقط عما حدث، بل عما كان يمكن أن يحدث. في هذا الإطار يرى كثير من النقاد التشيك أن رواية توماش زميشكال ترسم صورة لحقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي اختراق النظام السياسي للحياة الخاصة، وتقييده لإرادة الناس، والتحكم في قرارات المواطنين ليبرر النظام بعد ذلك هذه الأفعال بأهداف سامية، وغايات عليا».
ويشير البلتاجي إلى أن أحداث هذه الرواية قد تكون قد وقعت بالفعل، أو قابلة لأن تكون حقيقة. فعلاقة كفياتا بهيناك تشبه حالات كثير من السجناء الذين خضعوا لغسيل مخ، فأقاموا علاقة صداقة مع محققيهم، وصاروا يدينون لهم بالفضل والولاء. إنها متلازمة استوكهولم، وهو مرض يصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المُختَطَف مع المُختَطِف. يقال إن كل منا يحمل في أعماق أعماقه قدراً من هذه الميول، مختفية طيلة حياته في عقله الباطن، وأن حكاية كهذه محتملة الحدوث. كثير من الساديين يحلمون أن تأتيهم ضحيتهم راغبة في مشاركتهم انحرافاتهم.
كتب توماش زميشكال القصة القصيرة قبل أن يلفت إليه الأنظار بروايته الأولى «رسالة حب بخط مسماري»، التي ترجمت إلى الإنجليزية والبولندية والهولندية والمجرية. وحصلت عام 2009 على «جائزة مجنيزيا ليترا»، أرفع جائزة أدبية سنوية في التشيك، كما حصدت الرواية جائزة الاتحاد الأوروبي في الأدب عام 2011.


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.