رئيس الجزائر المؤقت سابقاً يتخلى عن رئاسة مجلس الأمة

بن صالح يضع حداً لمسار طويل في الدولة

TT

رئيس الجزائر المؤقت سابقاً يتخلى عن رئاسة مجلس الأمة

أعلنت الرئاسة الجزائرية أمس، أن الرئيس عبد المجيد تبون تسلم استقالة عبد القادر بن صالح من رئاسة «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، منهياً بذلك جدلاً مستمراً حول «مصيره في السلطة»، بعد أن كان محل احتجاجات شعبية حادة خلال فترة رئاسته الانتقالية للدولة، التي دامت 8 أشهر.
وأفادت الرئاسة في بيان نشرته وكالة الأنباء الحكومية بأن تبون تلقى رسالة من رئيس الدولة السابق، عبد القادر بن صالح، يخطره فيها برغبته في إنهاء عهدته على رأس مجلس الأمة، حسبما أفاد به أمس بيان لرئاسة الجمهورية.
وجاء في البيان: «تلقى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون رسالة من رئيس الدولة السابق، السيد عبد القادر بن صالح، يخطره فيها برغبته بإنهاء عهدته على رأس مجلس الأمة». وأكد البيان أن تبون راسل بن صالح لـ«يشكره على تخصيصكم لشخصي أولوية الاطلاع على قراركم. وأغتنم هذه الفرصة لأجدد لكم بالغ تقديري وامتنان الأمة، نظير إخلاصكم وتفانيكم في خدمة المؤسسة البرلمانية والدولة وشعبنا، وسوف يشهد لكم التاريخ لا محالة أنكم كنتم دوماً رجل الموقف متى احتاج إليكم الوطن».
وقالت مصادر مقربة من بن صالح لـ«الشرق الأوسط»، إن دواعي الاستقالة صحية بحتة، حيث خضع بن صالح في الأشهر الماضية لعلاج كيميائي، وبدأ في لياقة بدنية سيئة في الفترة الأخيرة.
ويوصف بن صالح (78 سنة) بـ«خادم النظام»، كناية على «انضباط سياسي» ميز مساره في الدولة منذ سبعينيات القرن الماضي، خصوصاً عندما مرت بأحلك ظرف، يتمثل في فترة الصراع مع الإرهاب في التسعينيات.
فبعد حل البرلمان واستقالة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد مطلع 1992، شكلت السلطة التي كانت بين يدي الجيش هيكلاً بديلاً للبرلمان المنتخب، سمته «المجلس الوطني الانتقالي»، وعينت أعضاءه وعهدت رئاسته لبن صالح.
وترأس بن صالح أول برلمان تعددي (المجلس الشعبي الوطني وهو الغرفة الأولى)، بعد العودة إلى المسار الانتخابي عام 1997 (الجيش كان ألغى نتائج الاقتراع التشريعي لمنع وصول الإسلاميين الفائزين إلى السلطة نهاية 1991)، وفي 2002 أصبح رئيساً لـ«مجلس الأمة» باختيار من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، باعتباره صاحب صلاحية اختيار رئيس الغرفة الثانية، من بين أعضاء «الثلث الرئاسي» (47 عضواً)، وهي الحصة التي تعود له دستورياً. وكان قد عين بن صالح أولاً ضمن هذا الثلث.
وظل بن صالح وفياً للرئيس السابق، حتى عندما أصابه العجز بسبب المرض بعد عام 2013. وقد أدى أدواراً ومهام بدلاً منه في الداخل والخارج، وواجه المعارضة لما شنت حملات للمطالبة بعزل بوتفليقة عن الحكم. وبقي إلى جانبه إلى غاية اللحظة التي استقال فيها (2 أبريل/ نيسان 2019) تحت ضغط الشارع، حيث ظهر معه وهو يقدم استقالته لرئيس «المجلس الدستوري» سابقاً الطيب بلعيز. واستقال بن صالح من منصب رئيس «مجلس الأمة» بعد تنحي بوتفليقة، ليقود فترة انتقالية مدتها 3 أشهر طبقاً للدستور، ولغاية انتخاب رئيس جديد. واستخلفه البرلماني صالح قوجيل رئيساً لـ«المجلس» بالنيابة.
وعجز بن صالح عن تنظيم انتخابات للرئاسة في 4 يوليو (تموز) الماضي، بسبب عدم توفر مرشحين. وطالب الحراك الشعبي الثائر باستقالته على أساس أنه من «مخلفات العصابة». لكن قائد الجيش المتوفى منذ أيام، الفريق أحمد قايد صالح، تمسك به وفرضه رئيساً للدولة حتى انتخابات 12 الشهر الماضي.
وفي خضم أزمة السلطة، تسبب بن صالح في تصعيد حدة الاحتجاج الشعبي ضده، ذلك أنه خلال القمة الروسية - الأفريقية التي عقدت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال بن صالح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن «الوضع متحكم فيه»، وإن مئات الآلاف الذين يتظاهرون في الشارع ضد النظام، «مجرد عناصر ترفع بعض الشعارات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.