تصاعد التحركات أمام المصارف رفضاً للقيود على السحوبات

TT

تصاعد التحركات أمام المصارف رفضاً للقيود على السحوبات

تصاعدت الاعتصامات والتحركات الشعبية أمام فروع المصارف اللبنانية التي اتخذ بعضها في الشمال قراراً بالإقفال، فيما صدرت برقية من قائد سرية بيروت الإقليمية الأولى في قوى الأمن الداخلي إلى آمري القطعات السرية حول تعزيز الإجراءات الأمنية في المصارف. وأشارت البرقية إلى أنه بنتيجة المتابعة تبين أن بعض عناصر قوى الأمن الداخلي المولجين بحماية المصارف لا يقومون بإجراءات كافية عند حصول أي اعتداء على أملاك المصارف أو عند دخول مجموعة من المتظاهرين إليها. وطلب تشديد الإجراءات عبر اتخاذ عدد من الخطوات، كالاتصال برقم الطوارئ، وتنظيم محضر عدلي وغيرها.
والتزمت فروع كل المصارف في محافظة عكار في شمال لبنان بالإقفال التام حتى إشعار آخر، على إثر القرار الذي اتخذته جمعية المصارف، احتجاجا على تعرض فرع مصرف لبنان والمهجر في حلبا أول من أمس لتكسير وتحطيم لواجهاته ولأثاثه، خلال المواجهات التي حصلت بين محتجين في ساحة اعتصام حلبا وعناصر من القوى الأمنية، على خلفية إصرار المحتجين على ضرورة أن يدفع المصرف مستحقات أحد المودعين.
وفي صيدا في الجنوب، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن محتجين عمدوا إلى إقفال مدخل بنك «لبنان والخليج» بواسطة شاحنات ورافعة، بسبب رفض إدارة المصرف صرف شك بالليرة اللبنانية لأحد المواطنين الذي حاول صرف شك صادر عن الضمان الاجتماعي وهو تعويض نهاية الخدمة بقيمة 16 مليون ليرة لبنانية، فرفض المصرف وكذلك رفض فتح حساب للمواطن وإيداع المبلغ فيه لسحبه على دفعات عدة، وهو ما دفع المواطن إلى استقدام رافعة وآليات ثقيلة إلى أمام المصرف ووضعها على مداخله مغلقا أبوابه بها. ولاحقاً، دفع مدير مصرف «لبنان والخليج» في صيدا قيمة الشيك المصرفي للمواطن كاملا، وتم سحب الآليات وإعادة فتح أبواب المصرف أمام المواطنين.
وفي جبل لبنان، أقدم مجهولون ليلا على رمي البيض على أبواب فروع المصارف في بكفيا، وكتبوا عليها كلمة «ثورة». أما في حاصبيا، فقد أقدم مجهولون على وضع ملصقات على عدد من جدران المصارف في المدينة، حملت عبارة «مش دافعين».
وحرّكت الإجراءات المصرفية نواباً للبحث في الإجراءات القانونية، وسط تصاعد الاعتراضات على إجراءات المصارف. فقد طلب النائب إلياس حنكش من رئيس لجنة الاقتصاد دعوة حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف «إلى جلسة للاستيضاح عن القيود الاستنسابية التي فرضتها المصارف والتي دمرت الناس والاقتصاد». وقال في حسابه في «تويتر»: «كما ننتظر جواب الحاكم على الكتاب الذي أرسلناه، والبت بتشكيل لجنة التحقيق البرلمانية لتبيان الحقائق». بدوره رد رئيس اللجنة نعمة أفرام على حنكش قائلا: «تداولت مع الزميل حنكش الموضوع الذي طرحه وسنتناوله في اجتماع لجنة الاقتصاد والتخطيط الثلاثاء المقبل. كما سنبحث فكرة قانون يحدد حالة الطوارئ الاقتصادية والبنود التي تتطلبه».
وكان نقيب المحامين ملحم خلف أبدى أول من أمس بعض الملاحظات إزاء الإجراءات التي تفرضها المصارف على حركة الأموال، واصفاً إياها بالتعسفية وغير القانونية. ودعا خلف جمعية المصارف إلى التوقف عن ممارسة القيود على السحوبات والتحويلات، وتعهد بمواظبة نقابة المحامين في بيروت السهر على هذا الملف، منعاً للتمادي في هذه الإجراءات، وسعياً وراء إحقاق الحقوق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.