وكيل الإعلام السوداني: 500 بلاغ فتحت ضد مسؤولين في النظام السابق

رشيد يعقوب قال لـ«الشرق الأوسط» إن وزارته تخطط لاستعادة صلاحيات سلبتها الأجهزة الأمنية

رشيد يعقوب
رشيد يعقوب
TT

وكيل الإعلام السوداني: 500 بلاغ فتحت ضد مسؤولين في النظام السابق

رشيد يعقوب
رشيد يعقوب

تمر الذكرى الأولى للثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، في ظل تحديات كثيرة تواجه حكومة الثورة في قضايا السلام والاقتصاد، ومن ضمن الملفات التي يعتقد أنها مهمة بالنسبة للسودانيين، هو «ملف الإعلام».
ويرى كثيرون أن أداء وزارة الثقافة والإعلام دون الطموح، وهو ما يعترف به وكيل أول الوزارة رشيد سعيد يعقوب، بأن هناك مآخذ كثيرة على وزارته، بيد أنه يكشف أن فريق وزارته يعمل وفق خطة استعادة صلاحيات وزارة الإعلام التي كانت قد سلبتها الأجهزة الأمنية في النظام السابق و«عملت على تفكيكها». ويقول في حواره مع «الشرق الأوسط» إنهم يعملون على تفكيك المؤسسات التابعة لجهاز الأمن عبر مناقشات واتصالات مباشرة مع قيادة الجهاز، ويتابع الدبلوماسي الذي عزل من منصبه سفيراً في الخارجية بموجب قوانين الفصل للصالح العام 1989: «الوزارة أعدت هيكلاً جديداً، سيتم إيداعه وزارة العمل والمالية ومجلس الوزراء، ليبدأ العمل به في 2020».
ويتابع: «الهيكلة الجديدة تشمل توحيد إدارات الوزارة التي كانت موزعة على 3 وزارات، هي الإعلام، والثقافة، والسياحة والآثار، وإجراء تغييرات في قيادة أجهزة الوزارة»، ويستطرد: «أدخلنا تغييرات في أجهزة الوزارة، (المجلس الأعلى للثقافة والفنون، المصنفات، صندوق دعم رعاية المبدعين)، وتعديلات في الأجهزة التابعة للوزارة الأخرى (المكتبة الوطنية، الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون)، لتفكيك التمكين وتنفيذ خطة الإصلاح والتغيير».
ويشير إلى أن الحكومة الانتقالية تسلمت مهامها قبل 3 أشهر، وبالطبع لم يكن لديها الوقت الكافي للتعامل مع كل الملفات، ويضيف: «هناك تعقيدات كثيرة في الأجهزة الإدارية والسياسية والأطر القانونية وهياكل الحكومة»، ويتابع: «استطاعت الحكومة تحقيق شعارات الثورة في الحرية، ويتمتع بها السودانيون بمختلف مشاربهم وأديانهم وأعراقهم وأقاليمهم، بما فيها الحريات الشخصية والعامة»، ويواصل: «لتحقيق شعار السلام، شرعت الحكومة في الاتصال بحركات الكفاح المسلح، وتجري محادثات في عاصمة جنوب السودان مع الجزء الأكبر من هذه الحركات، للوصول لاتفاقيات سلام»، ويتابع: «منظور الحكومة هو تحويل الحراك من أجل السلام إلى حراك شعبي مجتمعي، لا أن يظل حبيساً في غرف التفاوض المغلقة».
ويشير يعقوب أن تشكيل لجان التحقيق في قضية مدبري انقلاب يونيو (حزيران) 1989، ومحاكمة الرئيس المخلوع عمر البشير بقضية الأموال الشهيرة، فضلاً عن 500 بلاغ قدمتها النيابة العامة ضد مسؤولين في النظام السابق، يجري التحري حولها، وبانتظار بدء المحاكمات قريباً، وذلك ضمن ملف محاسبة المسؤولين ورموز النظام المعزول، إضافة إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة حول فض الاعتصام، وإحلال قيادات بديلة لقيادات النظام السابق في قمة الخدمة المدنية ومؤسسات الدولة المختلفة.
ويعتبر يعقوب صعوبة الأوضاع المعيشية وتحديات السلام، من القضايا التي تثير ردود الأفعال الشعبية، ويعترف: «الناس يواجهون أوضاعاً معيشية صعبة، وترتفع أسعار السلع والخدمات باضطراد، إلى جانب ندرة في بعض السلع، برغم استقرار أسعارها، مثل الوقود والخبز، إلى جانب صعوبات في قطاعي الصحة والتعليم، الناتجة عن سياسات النظام السابق».
ويتوقع يعقوب أن تسهم الموازنة الجديدة في مواجهة هذه التحديات، بتخصيص أكثر من 50 في المائة من الإيرادات لقطاعي التعليم والصحة، وتخفيض الصرف على الأمن والدفاع من 70 في المائة إلى 20 في المائة، ويقول: «كل الأوضاع مرتبطة بتحقيق السلام»، ويشير إلى مؤشرات «تؤكد نجاح الموسم الزراعي، ما يؤدي لزيادة الصادرات»، ويضيف: «مشوار الميل يبدأ بخطوة».
وفي ملف الإعلام، يؤكد الوكيل الأول على عدم التدخل في الحريات الصحافية، بالرغم من أن معظم الصحف معادية للثورة ومملوكة لعناصر النظام السابق أو مرتبطة به، ويقول: «في تعاملنا مع هذه الصحف نستند إلى مبدأ الحرية، وهو في مقدمة شعارات الثورة، ولن نتدخل بإجراءات أمنية أو إدارية ضد هذه الصحف، ما لم تهدد مسيرة التغيير الديمقراطي»، ويتابع: «الفيصل بيننا وبين من يقولون إننا نهدد حرية الصحافة سيرتنا، وهي أن الحكومة لم تصادر صحيفة، أو تمنع صحافياً من الكتابة، ولم تلق القبض على صحافي، ولم تمنع نشر مادة، فإذا أرادوا محاكمتنا بالنوايا فهذا شأنهم».
ويعترف يعقوب بتقييد قوانين وسياسات النظام السابق للحريات الإعلامية، ويقول: «القوانين المقيدة للحريات ما زالت سارية، لأن الوثيقة الدستورية أبقت على هذه القوانين لحين استبدالها أو تعديلها»، ويتابع: «وزارتنا تعمل على تغيير القوانين الحاكمة للعمل الصحافي والإعلامي، وعقدت ورشاً مع اليونيسكو، وتلقت عدداً من المبادرات من مجموعات صحافية، ومبادرات من المجتمع المدني، لصياغة قانون شامل، يكفل الحريات، ويقلل من تدخل الدولة في الإعلام، وإيجاد مؤسسة واحدة تعمل على تنظيم العمل في الإعلام، وليس لفرض الرقابة عليه».
ونفى يعقوب ما يروج بأن وزارته ستستخدم الإعلان للسيطرة على الصحف، وقال: «الوزارة صفّت شركة (أقمار) التي كانت تسيطر على الإعلانات الحكومية في النظام السابق، باعتباره مصدر دخل ونفوذ مباشر من جهاز الأمن لتطويع الصحف»، ويستطرد: «ستنشئ الوزارة إدارة للإعلان الحكومي لتنظيمه، وتتفاوض مع الصحف على أسعار الإعلان الحكومي».
ونفى يعقوب نية وزارته اللجوء للحلول الأمنية بمواجهة الصحافيين، بقوله: «لم نهدد باللجوء للحلول الأمنية، بل تحدثنا بأننا لن نسمح بتكرار تجربة هدم الديمقراطية التي مارستها بعض الصحف في النظام الديمقراطي خلال الفترة 1986 – 1989»، ويؤكد: «لم نتحدث عن حلول أمنية أو إجراءات إدارية ضد الصحافة، بل قلنا سنتخذ إجراءات تتناسب وحماية الحريات الصحافية واستقلالية الصحافيين»، ويتابع: «القول إن الحكومة الانتقالية ستتحول إلى ديكتاتورية، وتتبنى سياسات تمكين بديلة تحت ذريعة تفكيك تمكين النظام السابق، مردود على من يطلقونه، أما إذا كان المقصود بالتمكين هو إبعاد عناصر النظام السابق فهذه سياسة منطقية، لأن سقوط النظام ورئيسه يستلزم ذهاب المسؤولين، ومجيء من ينفذون برامج الثورة»، ويضيف: «من تم تعيينهم أشخاص أكفاء، رشحتهم قوى الحرية والتغيير، باعتباره أكبر تحالف سياسي في تاريخ السودان، وهو ليس تمكيناً، لأنهم ليسوا من حزب واحد».
ويستنكر ما يشيعه موالون للنظام السابق بوجود خلافات بينه وبين وزيره، مؤكداً: «لا توجد أي خلافات بيننا، ونعمل في تناسق وتعاون، مع وجود وجهات نظر مختلفة في بعض القضايا، وهو أمر طبيعي، لأننا شخصان مختلفان، وهذا أمر طبيعي، فنحن نعمل بسياسة واحدة لتحقيق أهداف الثورة».
بيد أن يعقوب يقر بـ«التشدد في تطبيق شعارات الثورة وأهدافها»، وهو ما يتهمه به موالون للنظام المباد، ويقول: «أما إذا كان المقصود بالتشدد هو اتباع نفس ممارسات النظام السابق، فهذا اتهام مردود على مطلقه».
ويتابع: «سنطبق سياسات الثورة في الإعلام، بفتح الباب أمام الجميع، وتسهيل الإجراءات والشروط المالية المطلوبة لإنشاء القنوات والصحف والإذاعات وفتح المجال أمام التنافس»، ويتابع: «إعلام الفترة المقبلة سيكون إعلاماً مهنياً حراً ومستقلاً، يستفيد من مناخ الديمقراطية وينقل نبض وقضايا المواطن، إعلاماً قادراً على عرض المشكلات وتقديم الحلول»، ويستطرد: «نتطلع لإعلام يعكس تنوع المجتمع، ويواكب متطلبات المرحلة، ويدعم الحرية والسلام والعدالة».
وبصفته أحد متحدثي «تجمع المهنيين السودانيين»، يقول يعقوب عما يثار عن خلافات بين «قوى إعلان الحرية والتغيير»: «الخلافات داخل التحالفات أمور عادية، فقوى الحرية والتغيير تعد أكبر تحالف سياسي في تاريخ السودان، أنشئ لإسقاط النظام السابق وإيجاد بديل له، وحقق ذلك عبر الثورة الشعبية»، ويضيف: «لدى هذا التحالف المتنوع رؤى ووجهات نظر وتحليلات مختلفة، لكنه مع ذلك حافظ على وحدته وتماسكه، وتوافق على حلول لكل القضايا التي عرضت عليه».
في شقها الثقافي، يوضح يعقوب أن وزارته تعمل على خطة ثقافية استراتيجية شاملة، تلبي متطلبات المرحلة الحالية وتعزز السلام، ويقول: «فشل الدولة السودانية يرجع إلى الفشل في إدارة التنوع الثقافي»، ويتابع: «ستتيح الخطة المجال واسعاً أمام الثقافات السودانية المتنوعة، لتعبر عن نفسها في كل أجهزة إعلام الدولة، بما يجعل الثقافة جسراً يعبر به السودانيون من الحروب والمجاعات إلى فضاءات السلام والتعايش السلمي والبناء الوطني».
وتعهد يعقوب أن تستوعب وزارته الشباب، لأنهم الوقود الذي أسهم في انتصار الثورة، ويقول: «سنعمل على استيعاب 250 من الشباب ضمن الميزانية الجديدة للوزارة، ونفتح الباب لتمويل المبادرات الشبابية في الفنون والسينما والمسرح والموسيقى».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.