واشنطن لتعزيز قواتها في المنطقة... وبومبيو يؤجل زيارة إلى أوكرانيا لمتابعة تطورات العراق

فرنسا تتضامن مع أميركا... وسفارات تفكر في نقل أنشطتها من بغداد إلى كردستان

قوات عراقية تحرس السفارة الأميركية في بغداد أمس (إ.ب.أ)
قوات عراقية تحرس السفارة الأميركية في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

واشنطن لتعزيز قواتها في المنطقة... وبومبيو يؤجل زيارة إلى أوكرانيا لمتابعة تطورات العراق

قوات عراقية تحرس السفارة الأميركية في بغداد أمس (إ.ب.أ)
قوات عراقية تحرس السفارة الأميركية في بغداد أمس (إ.ب.أ)

قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، إن البنتاغون سينشر مزيداً من القوات في المنطقة، لمواجهة الأحداث المتوترة في العراق، بعد مهاجمة عناصر ميليشيات عراقية موالية لإيران السفارة الأميركية في بغداد، أول من أمس (الثلاثاء).
وحسب إسبر، فإنه بناء على توجيهات القائد العام، سيتم نشر كتيبة مشاة من الفرقة 82، المحمولة جواً في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية بالكويت، رداً على الأحداث الأخيرة في العراق. وأضاف: «سيتم نشر 750 جندياً في المنطقة فوراً، كما سيتم نشر قوات إضافية خلال الأيام المقبلة».

وأشار البيان إلى أن الخطوة تأتي استجابة لمستويات التهديد، المتزايدة ضد أفراد ومنشآت الولايات المتحدة، «كما شهدنا في بغداد»، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستحمي مواطنيها ومصالحها أينما وجدت في جميع أنحاء العالم.
ووفقاً لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فإنه تم إبلاغ 500 من القوات الأميركية في الكويت للاستعداد. وتم إبلاغ 4 آلاف جندي أميركي من قوات الإنذار، بحزم حقائبهم لنشر محتمل في الأيام المقبلة، بعد أن حاول مئات من رجال الميليشيات المدعومين من إيران اقتحام السفارة الأميركية في بغداد.
وكان نحو 100 جندي من المارينز الأميركي قد وصلوا إلى مقر السفارة الأميركية ببغداد منتصف ليل الثلاثاء قادمين من الكويت لتعزيز قوات الأمن في السفارة، إضافة إلى طائرات الهليكوبتر الأباتشي التي حلقت فوق مباني السفارة. وأعلنت كتائب «الحشد الشعبي» أن المتظاهرين انسحبوا استجابة لمطالب قادة «الحشد الشعبي» التي شددت على الانسحاب احتراماً للحكومة العراقية.
وذكرت السفارة الأميركية في بغداد أمس، أنها علقت جميع العمليات القنصلية العامة حتى إشعار آخر، وذلك بعد يوم من اقتحام فصائل مسلحة تدعمها إيران وأنصارها محيطها الخارجي وإشعال حرائق وإلقاء الحجارة وتحطيم كاميرات المراقبة. وقالت السفارة، في بيان: «بسبب هجمات الميليشيات عند مجمع السفارة الأميركية، تم تعليق جميع العمليات القنصلية العامة حتى إشعار آخر. جميع المواعيد المستقبلية ألغيت. ننصح المواطنين الأميركيين بعدم الاقتراب من السفارة».
من جهة ثانية، أعلنت الخارجية الأميركية أن الوزير مايك بومبيو، أجّل زيارته التي كانت مقررة إلى أوكرانيا، اليوم (الخميس)، والبقاء في العاصمة واشنطن لمتابعة الأوضاع في العراق. وتعد زيارة بومبيو إلى أوكرانيا هي الزيارة الأولى له في أعقاب قرار مجلس النواب عزل الرئيس ترمب على خلفية اتصاله برئيس أوكرانيا، وتترقبها أعين الدوائر الأميركية بشكل كبير. وتزامن إعلان تأجيل الزيارة مع إعلان الحكومة العراقية انسحاب المتظاهرين المدعومين من إيران من مجال السفارة الأميركية، بعد أن أطلقت قوات الأمن وفرق المارينز الأميركي التي جاءت من الكويت، الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
من جهتها، أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، أن فرنسا تدين «بشدة» هجوم آلاف المتظاهرين المؤيدين لإيران، على السفارة الأميركية في بغداد، معربة عن «تضامنها التام» مع الولايات المتحدة. وصرحت الوزيرة من مضيق هرمز حيث قضت ليلة رأس السنة، إلى جانب طاقم فرقاطة «كوربيه» الفرنسية: «تدين فرنسا بشدة الهجمات ضد مواقع التحالف الدولي في العراق ومحاولات اقتحام السفارة الأميركية في بغداد»، وفق بيان نشر أمس. وأضافت الوزيرة أن «فرنسا تعرب عن تضامنها التام مع الولايات المتحدة».
وفرنسا حليف رئيسي للولايات المتحدة، ضمن التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، كما أن لها حضوراً عسكرياً في العراق؛ خصوصاً في مجال تدريب القوات العراقية.
وقالت الوزيرة لـ180 بحاراً على متن الفرقاطة العسكرية: «شرارة، أي خطوة خاطئة أو هفوة في تفسير الأمور، تدركون كما أدرك مدى هشاشة الوضع في المنطقة». وأضافت: «الوضع أيضاً أمام خطر التصعيد» مع الإعلان المرتقب لإيران عن التخلي عن مزيد من التزاماتها في إطار الاتفاق النووي. وتشارك فرقاطة «كوربيه» بمهمة مراقبة بحرية أوروبية ستطلق قريباً في مضيق هرمز، الذي يعبر منه ثلث النفط المنقول بحرياً في العالم. وتضم هذه المهمة 400 بحار، ومن المقرر أن تفعل تماماً ابتداء من فبراير (شباط)، بمشاركة هولندا والدنمارك.
إلى ذلك، نقل موقع «السومرية نيوز» أمس عن مصدر مسؤول القول إن بعض السفارات تفكر بنقل أنشطتها من بغداد إلى أربيل بإقليم كردستان.
وقال المصدر إن «بعض السفارات تفكر في نقل أنشطتها إلى أربيل بدلاً من بغداد، على اعتبار أن المنطقة الخضراء لم تعد آمنة، ويمكن إعادة اقتحامها، في أي وقت»، مبيناً أن «هناك مخاوف من إقدام الولايات المتحدة على خطوات تصعيدية أكبر». وأضاف أن «هناك معلومات عن أن واشنطن تبحث عدة خيارات للرد على استهداف سفارتها». وكشف مصدر عسكري عراقي أن «عدة قواعد تستضيف قوات أميركية دخلت حالة تأهب تحسباً لاعتداءات بعد الأحداث التي شهدتها السفارة الأميركية أمس»، موضحاً أن «قواعد التاجي والمطار والحبانية وعين الأسد والقصور الرئاسية في الموصل وموقع البرجسية في البصرة وقاعدة بلد في صلاح الدين والرستمية جنوب بغداد في حالة تأهب». ولفت المصدر إلى أن «القوات الموجودة في تلك القواعد بالغالب لا تمتلك وسائل هجومية، بل دفاعية، لكن مهمة التأمين بيد الجيش؛ خصوصاً في المحيط الخارجي للقواعد»، مضيفاً أنه «تم حصر دخول الأرتال والسيارات بالجيش العراقي فقط».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».