معارك طرابلس تدخل مرحلة «الضرب في العمق»

رئيسا البرلمانيين الليبي والقبرصي: الأعمال التركية تصعّد التوتر في البحر المتوسط

TT

معارك طرابلس تدخل مرحلة «الضرب في العمق»

أعلنت قوات «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أنها نجحت في تحقيق مزيد من التقدم على الأرض في المعارك الرامية إلى «تحرير» العاصمة طرابلس، بعدما قالت إنها اعتمدت «استراتيجية جديدة لتحطيم دفاعات الميليشيات المسلحة» الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.
وقال مسؤول عسكري رفيع المستوى بـ«الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط» إن العمليات العسكرية التي تشنها قوات الجيش دخلت ما وصفه بـ«مرحلة الضرب في العمق»، موضحاً أن «ما يحدث الآن هو ضرب العدو في العمق والسيطرة على أجزاء مهمة في العاصمة على طريق إنهاء المهام المكلفة بها قوات الجيش لـ(تحرير) العاصمة».
وأوضح المسؤول، الذي اشترط عدم تعريفه، أن «هذه التقدمات المطردة للجيش ستستمر وتتصاعد خلال الساعات والأيام المقبلة»، مؤكداً أن «الجيش في سباق مع الزمن لتحرير العاصمة واستباق أي تواجد محتمل أو مستقبلي للقوات التركية على الأرض هناك، وهي القوات التي تخطط حكومة السراج لجلبها».
وكشف المسؤول النقاب عن أن مقرات حكومة «الوفاق» وجميع أجهزتها ستصبح هدفاً لقوات الجيش في هذا الإطار، لكنه امتنع عن كشف مزيد من التفاصيل.
ولفت المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» التابع لـ«الجيش الوطني»، في بيان له مساء أول من أمس، إلى حدوث ما سماه بـ«انهيارات للميليشيات»، مشيراً إلى «عثور عناصر الجيش على جثث تركت على قارعة الطريق في طريق المطار»، ومتحدثاً عن «تقهقر ميداني وهروب وشيك واشتباكات عنيفة في طرق تؤدي لقلب العاصمة». وأوضح المركز أن قوات الجيش وضعت يدها على 6 سيارات مسلحة ومدرعتين تركيتين تركتها «الميليشيات المسلحة بعد هروبها» جنوب طرابلس، لافتاً إلى اعتقال 13 من عناصر هذه الميلشيات في منطقة طريق المطار.
بدورها، أكدت «شعبة الإعلام الحربي» بالجيش أن معسكر النقلية، الذي كان موقعاً هاماً للميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق»، أصبح ضمن النقاط الأمامية للوحدات العسكرية لقوات الجيش، بالإضافة إلى مواقع أخرى تم إحكام السيطرة عليها. ولفتت الشعبة إلى أن قوات الجيش بسطت سيطرتها، بعد معارك عنيفة، على مواقع ونقاط عدة لـ«المجموعات الإرهابية والعصابات الإجرامية».
ووزعت الشعبة لقطات مصورة لوحدات الجيش وهي تتجول في منطقة صلاح الدين بدءاً من «مفترق صلاح الدين مروراً بمقر مصلحة الجوازات والجنسية وطريق مقر الأمن العام وعمارات حي الزهور وصولاً لمقسم النعاجي».
وفي وقت سابق، أعلنت قوات الجيش سيطرتها على المنطقة التي تبدأ من مطار طرابلس العالمي إلى خزانات النفط، مروراً بكوبري الفروسية ومعسكر النقلية.
وكان اللواء أحمد المسماري الناطق باسم الجيش أعلن أن «مسافة لا تتجاوز 300 متر فقط تفصل قوات الجيش عن حي الهضبة» القريب من قلب العاصمة طرابلس.
في المقابل، قالت عملية «بركان الغضب» التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، إن قواتها شنت ما وصفته بـ«هجوم كاسح» على قوات الجيش بمحور الرملة في محيط مطار طرابلس. وأضافت في بيان، أمس، أن عناصرها تمكنت من السيطرة على عدة مبانٍ كان يتحصن بها الجيش الوطني بعد أن دمرت دبابتين وآلية مسلحة.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية بحكومة السراج أن وزراء خارجية كل من إيطاليا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا يعتزمون زيارة ليبيا في السابع من الشهر المقبل برفقة المسؤول السامي للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
من جانبه، قال عبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة الموالية للجيش وتدير شرق ليبيا، في بيان مساء أول من أمس، إننا «لن نخشى في الحق لومة لائم وسنلقن تركيا وقطر دروساً في الجهاد والوطنية والإقدام»، قبل أن يطلب من الجامعة العربية عقد اجتماع طارئ للرد على التهديدات التركية الموجهة إلى ليبيا وسحب الاعتراف من حكومة السراج التي وصفها بـ«غير الدستورية والتي تحاول رهن ليبيا للاستعمار».
وكان رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح طالب أيضاً بسحب الاعتراف الدولي بحكومة السراج، وأكد لدى اجتماعه، أمس، برئيس البرلمان القبرصي ديمترس سيلوريس في نيقوسيا، على عدم شرعية حكومة «الوفاق» وانتهاء ولايتها وفقاً للاتفاق السياسي. واعتبر عقيلة صالح وسيلوريس في بيان مشترك أن «الأعمال التركية تصعّد التوتر في منطقة البحر المتوسط»، ووصفا الاتفاق حول الحدود البحرية الذي وقعته تركيا مع حكومة «الوفاق» بأنه «انتهاك للقانون الدولي وليس له أساس قانوني لأنه يتجاهل أحكام قانون البحار الدولي».
في غضون ذلك، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، أن فرض حظر طيران يمكن أن يحل الصراع في ليبيا. وقال كونتي خلال مؤتمر نهاية العام في روما أمس السبت: «يمكن لفرض حظر طيران أيضاً أن يكون وسيلة لتحقيق هذا الهدف الخاص بالوقف الفوري للأعمال العدائية». وأعلن دعم بلاده الكامل لمبادرة عقد مؤتمر عن ليبيا في العاصمة الألمانية برلين مطلع العام الجديد. وفي إشارة إلى المستعمرة الإيطالية السابقة، قال كونتي: «ثمة نشاط دبلوماسي مكثف لإيطاليا لا يمكن رؤيته في الغالب». وأوضح أنه تحدث مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتابع أنه حذّر إردوغان من تداعيات التدخل العسكري في ليبيا، وقال إن هذه الخطوة من شأنها أن توقع الكثير من الضحايا المدنيين ولن تكون في صالح أي جانب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.