تلويح صالح بالاستقالة يعيد أزمة الحكومة العراقية إلى المربع الأول

صمت السيستاني يحرج الجميع

مظاهرة حاشدة في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (رويترز)
مظاهرة حاشدة في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (رويترز)
TT

تلويح صالح بالاستقالة يعيد أزمة الحكومة العراقية إلى المربع الأول

مظاهرة حاشدة في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (رويترز)
مظاهرة حاشدة في ساحة التحرير وسط بغداد أمس (رويترز)

عادت أزمة تسمية رئيس وزراء للعراق خلفاً لعادل عبد المهدي إلى المربع الأول إثر تلويح الرئيس برهم صالح بالاستقالة، بعد رفضه تكليف مرشح كتلة البناء أسعد العيداني لتشكيل الحكومة.
القوى السياسية انقسمت حيال عزمه الاستقالة انقساماً حادّاً مثلما انقسم الشارع العراقي المتظاهر حيالها. ففيما ردّ تحالف البناء الذي يعدّ نفسه الكتلة الأكبر، بعنف، على صالح، مطالباً باتخاذ الإجراءات القانونية الخاصة بالتصويت على إقالة الرئيس، فإن زعيم التيار الصدري الداعم لكتلة «سائرون» الفائزة الأولى في انتخابات 2018 أعلن وقوفه إلى جانب صالح. كما أيّدت كتل «النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي أيَّدت خطوة صالح.
وبينما لم تعلن الكتل الكردية موقفاً صريحاً من عزم صالح الاستقالة، فإن «تحالف القوى العراقية» الذي يمثل غالبية النواب العرب السنّة في البرلمان العراقي، أعلن اصطفافه إلى جانب «تحالف البناء»، بما في ذلك المضي في إجراءات عزل الرئيس التي تبدو شبه مستحيلة في ظل الانقسام السياسي والعرقي والمذهبي الحاد في العراق.
المرجعية الدينية العليا في النجف ممثلة بآية الله علي السيستاني، التي كانت أعلنت أول من أمس أن خطبة الجمعة في كربلاء أمس لن تتطرق للشأن السياسي، زادت مواقف الكتل السياسية إحراجاً. وفي حين بدت الخطبة التي تلاها ممثل السيستاني في كربلاء أحمد الصافي خالية من الحديث المباشر في السياسة، فإنها انتقدت بشدة عدم سماع أهل الحكمة والعقل.
ففي سياق الخطبة، أكد الصافي أن «المشكلة ليست في أهل الحكمة والعقل، وإنما فيمن لا يستمع لأهل الحكمة والعقل، ومن يدعي أنه ينتمي لأهل العقل والحكمة أيضاً»، مبيناً أن «هذا الادعاء الأخير يجعل الرؤية تغيب عن المدعي».
وأعلنت «كتلة البناء» التي لا تزال تعتبر نفسها الكتلة الأكبر أن «لجوء رئيس الجمهورية إلى سياسة قتل الوقت وتوجيه الرسائل إلى هذه الجهة وتلك، وعدم الالتزام بالمهل الدستورية، دفعنا إلى تقديم الأدلة الثبوتية التي لا تقبل الشك باعتبارنا الكتلة النيابية الأكثر عدداً، التي اعتمدناها في تقديم مرشحنا لرئيس الجمهورية الذي كان قد تعهّد بتكليفه تشكيل الحكومة، ولكننا فوجئنا بإصرار رئيس الجمهورية على مخالفة الدستور، وعدم تكليف مرشح الكتلة الأكبر بحجة رفض المرشح من بعض الأطراف السياسية». وأضافت في بيان: «إننا في (تحالف البناء)، وإذ نجدد التزامنا التام بالسياقات الدستورية التي تؤكد عليها المرجعية الدينية العليا نرفض بشكل قاطع أي تبريرات أو عملية التفاف على الدستور، وأن انتهاك الدستور من الجهة التي يفترض أن تكون حامية له يعني دفع البلاد إلى الفوضى التي لا تخدم سوى الجهات الأجنبية التي تتربص الشر بالعراق وشعبه». ودعا البيان «مجلس النواب إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق رئيس الجمهورية لحنثه باليمين وخرقه للدستور».
الرد على بيان «البناء» جاء سريعاً، لكن من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي حيا موقف الرئيس صالح، وهو ما يعني وقوف كتلة «سائرون» معه. الصدر ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك حين رشح ثلاثة شخصيات لرئاسة الحكومة، وهم مصطفى الكاظمي مدير جهاز المخابرات، والقاضي رحيم العكيلي الرئيس الأسبق لـ«هيئة النزاهة»، وعضو البرلمان العراقي المثير للجدل فائق الشيخ علي. غير أن الصدر عاد، أمس، إلى إعلان تخليه عن دعم أي منهم، بعد أن وجد أنهم لم يحظوا بتأييد ساحات التظاهر.
كما دخلت نظرية المؤامرة على الخط. ففيما بدأت بعض الأطراف والفصائل المسلحة تتهم رئيس الجمهورية برهم صالح بتعرضه إلى ضغوط أميركية وأوروبية لجهة فرض مرشح معين قريب هذه المرة من الولايات المتحدة، فإن كتلاً أخرى بدأت تلمح إلى أن هناك تفاهماً، ولو ضمنياً، بين الصدر وصالح لجهة ترجيح مرشح من غير من تم تداول أسمائهم، وقيام الصدر بترشيح الشخصيات الثلاثة، ومن ثم التخلي عنهم في أقل من 24 ساعة يعني أن هناك طبخة سيتم الكشف عنها خلال الأيام المقبلة، لا سيما أن صالح لم يعلن استقالة واضحة، بل خلط الأوراق أمام الجميع.
من جهته، أكد المستشار القانوني لرئيس الجمهورية أمير الكناني أن «امتناع رئيس الجمهورية عن تكليف مرشح الكتل السياسية جاء لعدة أسباب، منها: تعارض المخاطبات والكتب الرسمية التي وصلت إلى رئيس الجمهورية بشأن الكتلة المعنية بالترشيح بعد فرط عقد الاتفاق بين كتلتي البناء والإصلاح، وهو خرق يحسب على الكتل السياسية لا رئاسة الجمهورية». وأضاف الكناني سبباً آخر لعدم التكليف، هو أن «الالتزام الدستوري الملقى على عاتق الرئيس وفق المادة 67 من الدستور كونه ملزماً بالسهر على سلامة البلاد وأمنها ووحدتها، هي مقدمة على المادة 76 من الدستور، إذ إن التراتبية الدستورية للمواد تكون حاكمة، وتقدم الأولى على التالية لها، لذلك الدستور قدم الحقوق والحريات في أبوابه على مهام السطات الثلاث وصلاحيتها»، مبيناً أن «بعض الكتل السياسية تريد أن تجعل من مهام وصلاحيات الرئيس أن يكون ساعي بريد لتطبيق مضمون المادة 76 من الدستور، وهذا ما يأباه المنطق والعقل السليم».
في السياق نفسه، دعا النائب السابق حيدر الملا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «كتلة البناء»، إلى «التنازل من أجل الشعب، لأنه في حال حصل ذلك سيكون لصالحهم في مثل هذه الفترة الحاسمة من تاريخ البلاد». وأضاف الملا أن «العودة إلى خيار الشارع والالتزام بتوجيهات المرجعية فيه حقن للدماء وحل للأزمة، حيث إن إصلاح النظام متقدم على المكاسب الانتخابية».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.