أحزاب مغربية تعرض تصورها لنموذج تنموي جديد

TT

أحزاب مغربية تعرض تصورها لنموذج تنموي جديد

قررت اللجنة المغربية، المكلفة إعداد النموذج التنموي الجديد، الشروع بعقد جلسات استماع في الثاني من يناير (كانون الثاني) المقبل، بهدف تلقي مقترحات وتصورات المؤسسات والأحزاب السياسية، والنقابات والقطاع الخاص والجمعيات، حول نموذج تنموي بديل، يعتمده المغرب خلال السنوات المقبلة، وذلك بعد الإقرار بفشل النموذج الحالي في الحد من الاختلالات الاجتماعية، و«التفاوتات الصارخة»، و«مظاهر الريع»، وتقليص البطالة.
كما ستوفر اللجنة منصة رقمية لتلقي وتجميع مختلف المساهمات والأفكار، التي يتقدم بها المغاربة من أجل إغناء النقاش والتصورات لهذا المشروع. كما تعتزم اللجنة أيضاً تنظيم مجموعة من اللقاءات الميدانية للاستماع للمواطنين، ولمختلف مكونات المجتمع المغربي.
واتخذت اللجنة قرار الشروع في تلقي الاقتراحات والتصورات بشأن النموذج التنموي، المقرر اعتماده للسنوات المقبلة في المغرب، خلال اجتماع عقدته أول من أمس، في أكاديمية المملكة «حول طبيعة التفاعلات التي تنوي إقامتها مع مختلف الفاعلين داخل المجتمع المغربي».
وحسبما عُلم لدى اللجنة، فإن جلسات الاستماع الواسع والمنفتح ستنطلق في الثاني من يناير المقبل، بهدف جمع مساهمات وآراء جميع الأطراف المدعوة إلى هذه العملية، وذلك في «إطار تشاركي ورغبة منها في توطيد روح التفاعل، والانفتاح الذي يميز عملها».
وخلال الاجتماع ذاته قامت اللجنة بوضع ميثاق أخلاقي، يتضمن مجموعة من القواعد المتعلقة بطريقة اشتغالها، وبالتزامات أعضائها. ومن بين المبادئ التي يتضمنها هذا الميثاق، أن يعمل أعضاء اللجنة بشكل تطوعي، وألا يتلقوا أي أجر أو امتياز كيفما كان نوعه، نظير مشاركتهم في أعمال اللجنة. كما يتعهد الأعضاء بإخبار الرئيس في حالة إمكانية وجود تضارب للمصالح في أثناء مشاركتهم في أعمال اللجنة. ويعد عمل اللجنة تشاركياً ويتطلب تعبئة الذكاء الجماعي لأعضائها، وللمجتمع كافة، حيث يؤكد هذا الميثاق «الاستماع لكل الأفكار من دون أحكام قيمة تجاهها». وخلال جلسات الاستماع، يلتزم أعضاء اللجنة بالحياد والانفتاح، وعدم إبداء أحكام مسبقة، أو مواقف تجاه الجهات المستمع لها.
وعيّن العاهل المغربي شكيب بنموسى، وهو وزير داخلية سابق وسفير سابق للمغرب لدى فرنسا، رئيساً للجنة في 19 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتتكون، بالإضافة إلى الرئيس، من 35 عضواً يتوفرون على مسارات أكاديمية ومهنية متعددة. وبتوجيهات من الملك، ستنكبّ اللجنة على بحث ودراسة الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد، بالنظر إلى المنجزات التي حققها المغرب، والإصلاحات التي تم اعتمادها، وأسباب الإخفاق، وكذا انتظارات المواطنين. فضلاً عن السياق الدولي الحالي وتطوراته في المستقبل.
ومن المقرر أن تقدم اللجنة الصيف المقبل خلاصة عملها بشأن التعديلات الكبرى المقترحة لتحيين وتجديد النموذج التنموي المغربي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.