اشتباه بموجة وبائية من «إنفلونزا الخنازير» والحوثيون يقللون من خطرها

تقارير عن وفاة 346 شخصاً بالمرض في مناطق سيطرة الجماعة

أطفال يعانون المرض ويتلقون العلاج في مستشفى بحجة (أ.ف.ب)
أطفال يعانون المرض ويتلقون العلاج في مستشفى بحجة (أ.ف.ب)
TT

اشتباه بموجة وبائية من «إنفلونزا الخنازير» والحوثيون يقللون من خطرها

أطفال يعانون المرض ويتلقون العلاج في مستشفى بحجة (أ.ف.ب)
أطفال يعانون المرض ويتلقون العلاج في مستشفى بحجة (أ.ف.ب)

لا تزال المناطق اليمنية الخاضعة لقبضة الميليشيات الحوثية تشهد تفشياً مخيفاً لأوبئة جديدة، بالتوازي مع استمرار التدمير الممنهج من الانقلابيين الحوثيين للقطاع الصحي، ونهب المساعدات الإغاثية الطبية المقدمة من المنظمات الدولية.
وفي هذا السياق أفادت تقارير طبية محلية بأن وباء إنفلونزا الخنازير، المعروف علميا باسم فيروس (H1N1)عاد في الأسبوعين الأخيرين للتفشي بصورة متسارعة في العاصمة صنعاء ومناطق يمنية أخرى، ليفتك من جديد بالمئات من المواطنين اليمنيين، في ظل استمرار تجاهل وتخبط القيادات الحوثية القائمة على القطاع الصحي في مناطق سيطرة الجماعة.
وتحدث سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن أن الوباء الذي يمتلك نفس الأعراض المصاحبة لمرض إنفلونزا الخنازير لا يزال ينتشر بصورة كبيرة وغير مسبوقة في معظم حارات وأحياء ومناطق العاصمة، متسبباً في عشرات الوفيات.
ويعيش سكان صنعاء في الوقت الحالي حالة من الخوف والقلق الشديدين مع الانتشار المتسارع للوباء، حيث أكدوا أن ارتفاع أعداد الضحايا ينذر بموجة وبائية تتطلب تدخلاً عاجلاً من المنظمات الدولية، بعيداً عن الفساد المستشري في القطاع الصحي الخاضع للجماعة الحوثية.
وحسب تصريحات السكان، فإن أمانة العاصمة باتت دون غيرها من المدن الأخرى الواقعة تحت قبضة الحوثيين، تسجل اليوم أعلى نسبة وفيات بفيروس (H1N1) أو ما يعرف بإنفلونزا الخنازير.
وأرجعوا سبب انتشار الوباء وغيره من الأوبئة الأخرى، إلى تدني مستوى النظافة العامة وتكدس المخلفات والنفايات وطفح المجاري وغيرها من الأسباب الأخرى التي تقف خلفها أيادٍ حوثية تسعى جاهدة لتفشيها في كل مكان من مناطقهم.
وكشفت مصادر طبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تسجيل أكثر 1038 حالة إصابة مشتبهة بإنفلونزا الخنازير في أمانة العاصمة وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين منذ بداية العام الجاري.
وأشارت المصادر إلى وفاة 346 شخصاً نتيجة الإصابة بإنفلونزا الخنازير في صنعاء حتى الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقالت: «إن 198 حالة من الوفيات هم من سكان أمانة العاصمة، فيما بقية المصابين قدموا إلى صنعاء لتلقي العلاج وتوفوا في المستشفيات».
ووفقاً لنفس المصادر فقد تم التأكد عبر الفحوصات المخبرية من أن 148 حالة من الوفيات بسبب الإصابة بفيروس (H1N1) والتهابات الرئة الوخيمة.
وعلى صلة بالموضوع، اعترفت الميليشيات الحوثية التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى، الأربعاء الماضي، بوجود الوباء لكنها اعتبرت في نفس الوقت «أن ما يُنشر في وسائل الإعلام حول انتشاره مبالَغ فيه وتهويل أكثر من الواقع».
جاء ذلك خلال تصريح للمتحدث الحوثي باسم قطاع الصحة في صنعاء الذي حاول التقليل من شأن انتشار الوباء بمناطق الميليشيات بالقول: «إن عدد المصابين بإنفلونزا (H1N1) لا يتجاوز الـ5% مما يُشاع عنه».
وأشار المتحدث الحوثي إلى وجود حالات قليلة جداً مصابة بهذا المرض، زاعماً أنها لا ترتقي إلى جائحة كما يروّج البعض، كما دعا «إلى عدم التخوف من الأمراض الشتوية، خصوصاً إنفلونزا الخنازير».
وفي تناقض واضح بين ما قاله المتحدث باسم الجماعة، أعلن القيادي الحوثي المعيّن وزيراً لصحة الميليشيات في حكومة الانقلاب غير المعترف بها طه المتوكل، أنه تم تسجيل ألف و600 حالة اشتباه بالإنفلونزا، التي وصفها بـ«الموسمية». وأشار الوزير الحوثي إلى وجود 48 حالة وفاة بينها 8 حالات فقط إصابة بإنفلونزا H1N1، على حد زعمه.
وانتقد أطباء يمنيون نفي متحدث الصحة الخاضعة للحوثيين، وجود وفيات أو إصابات بمرض إنفلونزا الخنازير المعروف عالمياً باسم «إتش1 إن1» والتقليل من أهمية الكارثة الصحية وإخفاء حقيقة الوضع، رغم تسجيل المئات من حالات الوفاة والإصابة في صنعاء ومدن يمنية أخرى.
وهاجم ناشطون يمنيون القيادي الحوثي ومتحدثه الإعلامي واتهموا الجماعة بالتساهل والتلاعب بصحة وحياة اليمنيين والتخبط والتناقض الواضح في تصريحاتها الإعلامية.
ويقول الناشطون: «في الوقت الذي تتحدث المصادر الطبية عن تسجيل أكثر من ألف إصابة واشتباه بهذا الوباء، و346 حالة وفاة خلال فترة قصيرة، تخرج ميليشيات الصحة الحوثية لتعلن عبر تصريحات غير مسؤولة وعبثية لتطمئن الناس وتدعوهم لعدم التخوف من أمراض تعدها في نفس الوقت شتوية وعادية».
وأضافوا: «بدلاً من أن تدق ناقوس الخطر وتعمل على إنقاذ المواطنين، وتوعيتهم بطرق وأساليب تجنب الإصابة بهذا الوباء الخطير وغيرها من الإرشادات والتعاليم الصحية الأخرى، ما زالت للأسف منهمكة في تنفيذ ما تبقّى من مخططها الإجرامي الممنهج والخبيث المتعلق بابتزاز وتعسف ونهب وتدمير ما بقي من القطاع الصحي».
وأشار الناشطون إلى «أن الحرب التي افتعلتها تلك الميليشيات الانقلابية المدعومة من إيران في 2014 أدت إلى انهيار كامل للقطاع الصحي في اليمن وتدهور كبير في الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية، وتسببت في انتشار الأوبئة، على رأسها الكوليرا والدفتيريا وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير، وغيرها من الأوبئة والأمراض الفتاكة الأخرى». وعلى صعيد متصل، وفي ظل انتشار الوباء الفتاك، أفادت تقارير محلية في صنعاء، بأن الصحافي الرياضي عصام الحرازي (24 عاماً)، ويقطن حي حدة الراقي بأمانة العاصمة، توفي يوم الجمعة الماضي، إثر إصابته بإنفلونزا الخنازير عقب إسعافه لأحد المستشفيات القريبة من مسكنه وعجز الأطباء عن إنقاذ حياته.
وفي غضون يومين فقط، توفي خمسة شبان وامرأة في العاصمة صنعاء، نتيجة إصابتهم المحتملة بفيروس إنفلونزا الخنازير. ومن بين أولئك الضحايا شابان، قالت مصادر محلية إنهما توفيا الخميس الماضي، نتيجة إصابتهما بنفس الفيروس داخل منزليهما، وهما أحمد علي الوصابي (32 عاماً) من منطقة عصر بصنعاء، ومحمد مسعود (35 عاماً) والأخير فارق الحياة بعد إسعافه إلى مستشفى الكويت الحكومي.
ومنذ انقلاب الميليشيات الحوثية على السلطة الشرعية في أواخر 2014، انتهجت سياسة تدميرية شاملة تجاه القطاع الصحي بمناطق سيطرتها، وعملت على إيقاف رواتب ونفقات تشغيل القطاع الصحي، وحرمت المواطنين من تلقي الخدمات الطبية، للحماية من الأمراض والأوبئة، التي تفتك بهم، الأمر الذي تسبب بوفاة الآلاف منهم.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.