تركيا تطالب مجلس الأمن بافتتاح معبر للمساعدات الإنسانية في تل أبيض

معسكر واشوكاني قرب الحسكة للنازحين من رأس العين إثر معارك شنتها تركيا شمال سوريا (أ.ف.ب)
معسكر واشوكاني قرب الحسكة للنازحين من رأس العين إثر معارك شنتها تركيا شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

تركيا تطالب مجلس الأمن بافتتاح معبر للمساعدات الإنسانية في تل أبيض

معسكر واشوكاني قرب الحسكة للنازحين من رأس العين إثر معارك شنتها تركيا شمال سوريا (أ.ف.ب)
معسكر واشوكاني قرب الحسكة للنازحين من رأس العين إثر معارك شنتها تركيا شمال سوريا (أ.ف.ب)

طالبت تركيا بافتتاح معبر خامس مع سوريا لإدخال المساعدات الإنسانية، وسط مطالبات روسيا بإغلاق معبرين من المعابر الأربعة المفتوحة حاليا.
وناشد الأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء، روسيا، عدم الاعتراض على تمديد العمل بالآلية المعتمدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود وخطوط الجبهة، في حين تريد موسكو تقليل هذه المساعدات بقوة.
وتقدمت تركيا بطلب إلى المجلس لإضافة معبر «تل أبيض» بريف الرقة (شمال شرقي سوريا) المقابل لبلدة أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا جنوب تركيا إلى المعابر الأربعة السابقة وهي: معبرا «باب السلام» و«باب الهوى» مع تركيا، بالإضافة إلى معبري «الرمثة» مع الأردن و«اليعربية» مع العراق؛ وذلك بهدف إدخال المساعدات الإنسانية إلى السوريين المحتاجين. وجاءت مطالبة تركيا في وقت تطالب فيه روسيا بإغلاق معبري «الرمثة» مع الأردن و«اليعربية» مع العراق لمدة 6 أشهر، كما أشارت إلى أن المساعدات الإنسانية تصل إلى الداخل السوري بموجب قرار مجلس الأمن الصادر عام 2014 والذي يتم تجديده بشكل سنوي.
وأكدت مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن دعم بلادها لمقترح تركيا بافتتاح معبر «تل أبيض» بهدف مرور المساعدات الإنسانية إلى سوريا. وأدخل الهلال الأحمر التركي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مساعدات إنسانية إلى مدينة «تل أبيض» عبر معبرها، بعد أن قامت السلطات التركية برفع الحواجز الإسمنتية من معبر أكتشا قلعة، بعد مرور خمس سنوات على إغلاقه.
وفرضت تركيا والفصائل السورية المسلحة الموالية لها المنضوية تحت رايتها، سيطرتها على عدد من المناطق في شمال شرقي سوريا، بينها تل أبيض، خلال عملية «نبع السلام» العسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي استهدفت وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية.
وعلى مدى السنوات الست الماضية، تعبر الأمم المتحدة وغيرها من منظمات الإغاثة الحدود إلى سوريا من تركيا والعراق والأردن في أربعة أماكن مصرح بها من مجلس الأمن الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية لملايين الأشخاص.
ويهدف المجلس إلى تمديد الموافقة على هذه العمليات، التي وصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنها «ضرورية»، لكن روسيا (العضو الدائم بالمجلس) تريد خفض عدد المعابر إلى النصف.
ويقترح قرار صاغته بلجيكا والكويت وألمانيا زيادة المعابر الحدودية المسموح بها إلى 5، بإضافة معبر ثالث من تركيا، لكن روسيا تقدمت إلى المجلس بنص منافس من شأنه الموافقة فقط على العمليات الحالية في معبرين تركيين. وعندما سئل مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أول من أمس، عما إذا كانت روسيا ستستخدم حق النقض ضد مشروع القرار المقدم من بلجيكا والكويت وألمانيا، وصف المندوب مشروع القرار بأنه «غير مقبول ولا تتوفر له مقومات البقاء». وقال المندوب الروسي للصحافيين: «إذا لم تمر مسودتنا، فهذا سيعني أن الآلية التي اقترحنا تمديدها لن يتم تمديدها».
ويحتاج القرار إلى 9 من أصوات أعضاء المجلس الخمسة عشر لتمريره، مع عدم استخدام روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا (الدول دائمة العضوية) حق النقض. والعام الماضي امتنعت روسيا والصين عن التصويت في المجلس لتمديد الموافقة على نقل شحنات المساعدات الإنسانية عبر الحدود. وفي بيان مشترك، أول من أمس، عبرت بلجيكا والكويت وألمانيا ونظراؤهم السبعة المنتخبون في مجلس الأمن عن تأييدهم لمشروع القرار. وقال الأعضاء العشرة إن «عواقب عدم تجديد الآلية ستكون كارثية.. هذه آلية تتيح وصول المساعدات الحيوية إلى 4 ملايين شخص في سوريا».
وكان غوتيريش حث، في تقرير قدم إلى المجلس في 16 ديسمبر (كانون الأول) الجاري الدول الأعضاء على تمديد الإذن بتسليم المساعدات عبر الحدود، قائلا: «هذه المعونة حالت دون تفاقم الأزمة الإنسانية داخل سوريا».
وأضاف: «بينما أرحب بالجهود الجارية لزيادة المساعدات الإنسانية المقدمة من داخل الجمهورية العربية السورية، أكرر أن الأمم المتحدة ليست لديها وسيلة بديلة للوصول إلى الناس في المناطق التي تُقدم فيها المساعدات عبر الحدود».
في شأن متصل، اعتبر الرئيس التركي أن إنشاء مدن للاجئين في منطقة آمنة يسعى لإقامتها في شمال سوريا سيكون إنجازا تاريخيا. وقال إردوغان أمس (الأربعاء) قبل مغادرته إلى كوالالمبور للمشاركة في قمة لدول إسلامية تعقد هناك، إن القوى العالمية لم تتعهد حتى الآن بدعم خطط تركيا لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا؛ حيث تنوي أنقرة إعادة توطين مليون لاجئ سوري.
وجدد إردوغان الإشارة إلى أنه اقترح تمويل إقامة المنطقة الآمنة من عائدات النفط في سوريا لكن مقترحه لم يلق ردا. وقال: «علينا أن نستخرج النفط من الآبار التي يسيطر عليها الإرهابيون في سوريا، وننجز مشروعات بناء الوحدات السكنية، والمدارس، والمستشفيات، في المناطق المحررة من الإرهاب، ونوطن اللاجئين فيها.. ولكن لا نلمس استجابة لهذه الدعوة، لأن النفط أهم بالنسبة لهم».
كان إردوغان قال في جنيف الليلة قبل الماضية؛ حيث كان يحضر المنتدى العالمي للاجئين إنه «حتى الدول التي نعتبرها الأشد قوة والأكثر احتراما لم ترد حتى الآن على دعوتنا بخصوص المنطقة الآمنة».
وتابع إردوغان: «إذا ما نجحنا في إنشاء مدن للاجئين في المنطقة الآمنة، فسيُسجل ذلك نموذجا في التاريخ ويُحسب في صف تركيا.. هدفنا الأساسي القضاء على الإرهاب عبر الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، وضمان عودة اللاجئين إلى ديارهم طواعية وبأمان وبكرامة، لذلك نبدي أهمية كبيرة لإنشاء منطقة آمنة بشمال سوريا.. تركيا تستضيف نحو 4 ملايين لاجئ، ولديها خطة لحل جذري لهؤلاء».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.