حكمت محكمة باكستانية، أمس، غيابياً بالإعدام على الرئيس الأسبق برويز مشرّف بعد إدانته بـ«الخيانة العظمى»، في خطوة غير مسبوقة في بلد يتمتع العسكريون فيه بحصانة من الملاحقة القضائية، ما دفع الجيش إلى إدانة الحكم.
وهي المرة الأولى التي يصدر فيها حكم بالإعدام بحق قائد سابق للقوات المسلحة في باكستان، التي حكمها الجيش لعقود ولا يزال يحتفظ بنفوذه في البلاد. ويقيم مشرّف في منفاه الاختياري منذ رفع حظر السفر، الذي كان مفروضاً عليه في 2016. ما سمح له بتلقي العلاج في الخارج. وأمضى الرئيس الأسبق البالغ 76 عاماً الجزء الأكبر من وقته مؤخراً بين دبي ولندن، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وأوردت عدة وسائل إعلام باكستانية الحكم الذي أكده مسؤول رفيع في المحكمة.
وسارع الجيش الباكستاني إلى إدانة الحكم، وقال في بيان إنه يشعر «بألم وحزن» بسبب القرار. وجاء في البيان أنّ برويز «قائد الجيش السابق ورئيس لجنة الأركان المشتركة ورئيس باكستان الذي خدم البلاد لأكثر من 40 عاماً وخاض حروباً من أجل الدفاع عن البلاد لا يمكن أن يكون خائناً»، مضيفاً: «يبدو أنه تم تجاهل» إجراءات قانونية.
وعدّ النائب العام أنور منصور خان، الذي عيّنته حكومة عمران خان، أن الحكم الذي أصدرته محكمة خاصة «ينافي الدستور». وأضاف في مؤتمر صحافي: «من حق أي شخص أن يحظى بمحاكمة عادلة». وتتمحور القضية حول قرار مشرّف تعليق العمل بالدستور وفرض حال الطوارئ في 2007»، بحسب محاميه أخطر شاه.
وأشعلت الخطوة المثيرة للجدل احتجاجات ضد مشرّف، ما دفعه للاستقالة في مواجهة إجراءات لعزله.
وقال شاه إن مشرّف مريض ولا يزال في دبي. وأشار إلى أنه لم يتم اتّخاذ قرار بشأن استئناف الحكم. بدوره، وصف الجنرال المتقاعد الذي أصبح الآن محللاً أمنياً طلعت مسعود قرار المحكمة بـ«الاستثنائي». وقال: «اتّخاذ المحاكم قراراً جريئاً كهذا يعكس وجود تحوّل في باكستان».
وولد مشرّف في نيودلهي، لكنه انتقل مع عائلته إلى باكستان وتولى السلطة عقب إطاحة رئيس الوزراء نواز شريف في انقلاب سنة 1999. وأصبح الجنرال حليفاً مهماً للولايات المتحدة في إطار «حربها على الإرهاب» التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. ونجا من 3 محاولات اغتيال دبّرها تنظيم القاعدة ضده خلال سنواته التسع في السلطة.
ولم يواجه أي تحديات جدية عندما كان في السلطة، إلى أن حاول إقالة كبير القضاة في مارس (آذار) 2007، في خطوة أشعلت مظاهرات واسعة وتسببت في شهور من الاضطرابات دفعته لإعلان حال الطوارئ.
وتراجع المزاج العام في البلاد عقب عملية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو في 2007، بينما زادت عزلته جرّاء الانتكاسات الكبيرة التي تعرّض لها حلفاؤه في انتخابات فبراير (شباط) 2008. واستقال مشرّف في أغسطس (آب) 2008 في وجه إجراءات عزله التي أطلقها الائتلاف الحاكم آنذاك، وغادر البلاد.
وعاد في 2013 في محاولة لخوض الانتخابات، لكنه مُنع من المشاركة ومن مغادرة باكستان في وقت واجه فيه سلسلة من القضايا القانونية.
ويعدّ حكم الثلاثاء الأخير في سلسلة القرارات القضائية التي استهدفت مشرّف. وفي 2017، عدّت محكمة باكستانية أن مشرّف فار من العدالة في إطار المحاكمة المرتبطة بقتل بوتو، التي كانت أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في بلد مسلم. وأمرت محكمة الإرهاب بمصادرة أملاكه.
ويشتبه بأن مشرّف كان جزءاً من مخطط واسع النطاق هدفه قتل منافسته السياسية قبل الانتخابات، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وينفي مشرف أي دور في الأحداث التي أدت إلى اغتيال بوتو الذي أغرق باكستان في الفوضى لعدة أشهر.
حكم إعدام مشرّف «يؤلم» الجيش الباكستاني
أدين غيابياً بـ«الخيانة العظمى»
حكم إعدام مشرّف «يؤلم» الجيش الباكستاني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة