«المستقبل» يرفض «ارتهان» رئاسة الحكومة

هاجم «القوات» و«الوطني الحر»... وتيار عون يدعوه إلى تسمية بديل

TT

«المستقبل» يرفض «ارتهان» رئاسة الحكومة

أصدر «تيار المستقبل» بياناً شديد اللهجة، هاجم فيه حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، مؤكداً أنه لا ينتظر تكليفاً من أي منهما للرئيس الحريري، ولا يقبل أن يتحول موقع رئاسة الحكومة إلى كرة تتقاذفها تيارات وأحزاب، فيما جدد «الوطني الحر» دعوته الحريري إلى العمل سريعاً لاختيار اسم يتوافق على جدارته وموثوقيته لتولي رئاسة الحكومة.
وعد «المستقبل»، في البيان، أن «البلاد تقف أمام منعطف مصيري، ينذر بأوخم العواقب نتيجة التسابق على تسجيل النقاط السياسية في هذه الخانة أو تلك»، لافتاً إلى أنه «كان من المثير للريبة في هذه المرحلة، وقبيل ساعات من بدء الاستشارات النيابية الملزمة، ما صدر عن بعض الكتل النيابية بالامتناع عن تسمية أي شخصية لتكليفها بتأليف الحكومة، وما يحيط الاستشارات من غموض والتباسات ومحاولات التفاف تسعى إلى محاصرة موقع رئاسة الحكومة، والخروج على القواعد الدستورية في تسمية رؤساء الحكومات».
وقال إن «هناك تقاطعاً للمصالح جرت ترجمته في الموقف الذي صدر عن (التيار الوطني الحر) قبل أيام، وقضى بإعلان التحاقه بالساحات والانضمام إلى صفوف المعارضة، وبين الموقف الذي صدر بعد منتصف الليلة الماضية عن كتلة (القوات اللبنانية)، وقضى بالامتناع عن تسمية أحد في الاستشارات».
ورأى أن «الترجمة السياسية لهذين الموقفين أنهما توافقا على عدم تسمية الرئيس سعد الحريري، واجتمعا على حكومة لا يكون سعد الحريري رئيساً لها»، آسفاً «أن يأتي ذلك في ضوء معلومات وتسريبات من مصادر عدة بأن كتلة (التيار الوطني الحر) كانت بصدد إيداع أصواتها فخامة رئيس الجمهورية ليتصرف بها كما يشاء». وحذر من «تكرار الخرق الدستوري الذي سبق أن واجهه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود».
واتهم «المستقبل» جهات لم يسمها بالعمل «طوال شهرين على إنكار ما يحصل بعد 17 أكتوبر (تشرين الأول)، لتعلن بعد ذلك أنها جزء لا يتجزأ من الحراك الشعبي والثورة، وهناك آخرون يرون الفرصة مواتية ليعملوا فيها تشي غيفارا كي يبقوا في الشارع لغايات في نفوس أصحابها. وهناك من قرر أن يقلب الطاولة على نفسه، ويركض وراء تركيب خيمة بساحة الشهداء، بحثاً عن مقاعد متقدمة في صفوف الثورة».
وأعلن «تيار المستقبل» أنه «ينأى بنفسه عن هذه السياسات، وهو في المقابل وبكل وضوح لا ينتظر تكليفاً من (التيار الوطني) ولا من (القوات) للرئيس الحريري، ولا يقبل أن يتحول موقع رئاسة الحكومة إلى طابة (كرة) تتقاذفها بعض التيارات والأحزاب».
وشدد على أن «موقع رئاسة الحكومة أكبر من كل هذه الهرطقات، ولن يكون رهينة عند أحد مهما علا كعبه. فالرئيس الحريري قدم استقالته ليفتح باباً أمام حل يحاكي مطالب الناس، لكن يبدو أن بعض المصالح تقاطعت على تعطيل تأليف حكومة».
وأضاف أن «الرئيس الحريري و(تيار المستقبل) لن يدخلا بألاعيب الانتقام، ولا بأي مشروع لتخريب البلد والوقوع بالفتنة. وإذا كانت هناك فرصة لتلبية مطالب الساحات، فليكن. وإذا كانت هناك فرصة لتسمية شخصية سنية بمستوى الموقع... فليكن أيضاً. المهم ألا يعتقد أحد أنه قادر على أخذ البلد للخراب، لأن نار الخراب ستكوي الجميع، وأولهم الأحزاب ورجال السياسة الذين يتلطون خلف الثورة، ويعتبرون أنفسهم أبطال هذا الزمن».
وعد أن «زمن البطولات انتهى، زمن العضلات السياسية انتهى. هذا الزمن لمن يتحمل المسؤولية، ولمن يفتح أذنيه لصرخات الشباب والصبايا، وليس للمتاجرة بآلام اللبنانيين وأوجاعهم، وركوب موجات القلق والتذمر في الشارع».
في المقابل، أشارت اللجنة المركزية للإعلام في «التيار الوطني الحر»، في بيان، إلى أن «التيار يدعو بكل إيجابية إلى التوقف عن إضاعة الوقت، والموافقة على اقتراح تكتل (لبنان القوي)، بولادة حكومة إنقاذ فاعلة مؤلفة من أهل الجدارة والنزاهة، رئيساً ووزراء، لتبدأ فوراً بمواجهة الأزمة الحادة، تفادياً لتعميق الانهيار الذي يهدد بضرب الاستقرار».
وجدد «التيار» طرحه بأن «يقدم الرئيس الحريري من موقعه الميثاقي على العمل سريعاً لاختيار اسم يتوافق على جدارته وموثوقيته لتولي رئاسة الحكومة، بحيث يقوم بالتشاور مع رئيس الجمهورية، بمساعدة ودعم الكتل البرلمانية، لتأليف حكومة تضم وزراء لا تشوبهم شائبة فساد، ويتمتعون بالكفاءة والجدارة، كما يشارك فيها أهل الجدارة من بين الحراك، ليتحمل مسؤوليته في عملية الإنقاذ، بدل أن يواصل أهل السياسة استغلاله قمعاً أو تشجيعاً، بحسب مصالحهم».
وأكد «الوطني الحر» استعداده «للمساهمة بولادة حكومة كهذه، تجمع الميثاقية بالجدارة، لأن الهدف الأول للتيار ليس المشاركة فيها، بل نجاحها بتحقيق مطالب الناس، ووقف الانهيار، وإنقاذ البلاد. وبخلاف ذلك، فإن التيار غير معني بالبحث في أي حكومة عنوانها الفشل، لأنه ليس جلياً ومضموناً أنها ستعمل على تغيير السياسات المالية والاقتصادية، ومحاربة الفساد، وتنفيذ الإصلاحات البنيوية والخطط القطاعية، بل سيبقى خارجها، عاملاً على تحقيق برنامجه ومطالب الناس بالإصلاح».
ودخل ‏مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على خط السجال، نافياً الاتهامات بخرق الدستور. وأكد أن «الحديث عن إيداع أصوات كتلة (التيار الوطني الحر) فخامة رئيس الجمهورية، هو محض اختلاق واستباق للاستشارات النيابية الملزمة التي كان ينوي رئيس الجمهورية إجراءها، وبالتالي فإن التذرع به للتمني على رئيس الجمهورية تأجيلها، هو حكم على النوايا لا يصح في العمل السياسي السليم، ومحاولة مكشوفة لتبرير هذا التمني وتجاهل أسباب أخرى له».
وقال إن «رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور، حريص على التزامه نصاً وروحاً ولا يحتاج إلى دروس من أحد في هذا المجال، لا سيما ما يتعلق بالمواد والبنود المتعلقة بصلاحياته الدستورية التي يدركها جيداً وليس في وارد تجاوزها، وهو اعتمد في المرتين اللتين أجرى فيهما استشارات نيابية، على عدم القبول بأي تفويض من النواب أو ترك الحرية للرئيس، بل كان يطلب من النواب تسمية مرشحهم بوضوح أو الامتناع عن التسمية من دون أي خيار ثالث».
وقال إن إشارة بيان مكتب الإعلام لرئيس حكومة تصريف الأعمال ثم «تيار المستقبل» إلى خرق دستوري «مردود لمطلقيه الذين كان يجدر بهم معرفة القواعد الدستورية والإقلاع عن الممارسات التي تتناقض ونص الدستور وروحه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.