«معرض جماعي» تحية للفنون التشكيلية في وسط بيروت

يتضمن لوحات لنحو 26 رساماً عالمياً

TT

«معرض جماعي» تحية للفنون التشكيلية في وسط بيروت

لم تثنِ موجة الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها العاصمة اللبنانية منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غاليري «بلفيدير آرت» في وسط بيروت من إطلاق «معرض جماعي» (collective exbithion) لرسامين عالميين. يشارك في هذا المعرض الجماعي نحو 26 فناناً تشكيلياً عالمياً، بينهم من يندرج على لائحة المؤثرين في مجالهم الفني، أمثال البريطاني دان بالدوين والأميركي غريغوري سيف. وهذا الأخير تعرض أعماله في متحفي الفنون «سانتا مونيكا» الأميركي ومتحف موسكو في روسيا.
«هو بمثابة بقعة ضوء فنية رغبنا في استحداثها في بيروت، رغم موجة الاحتجاجات التي تدور على بعد أمتار قليلة من الغاليري»، تقول دوفيك المشرفة على المعرض. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الزوار يأتون يومياً لاستكشاف اللوحات المعروضة، ونتشارك معهم في نقاشات وحوارات حول ميزة كل فنان مشارك. كما أن شريحة منهم تملك مسبقاً خلفية ثقافية غنية، بحيث يسألون عن فنانين معينين نستضيف لوحاتهم ليستمتعوا بمشاهدتها».
ويعد غريغوري سيف من الفنانين البارزين المشاركين في هذا المعرض الجماعي. وهو مشهور بأعماله من نوع الغرافيتي التي يعبّر فيها عادة عن أفكار هادفة ومفتوحة أبوابها لتناول الحنين والطفولة. وبرسمات منمنمة لوجوه وأقنعة وآلات موسيقية وغيرها، يحاكي غريغوري في لوحته «القفز إلى داخلك»، وبخطوطه السوداء الرفيعة مشاهده بلغة طفولية بسيطة تتكئ على خلفيات ملونة بالأحمر والأزرق والأصفر لتؤلف قطعة تجريدية واحدة.
أما البريطاني دان بالدوين ومن خلال لوحته «يوماً ما هذا القلب سيتوقف»، فيحث ناظرها على التفاعل مع عناصر الحياة على اختلافها بالتسابق مع الزمن، كونه يعدّها قصيرة «ولا تستاهل منا الالتهاء بتعقيداتها». وفي تقنية ترتكز على طباعة مساحة حريرية ملونة بالأكريليك يترجم بالدوين أفكاره هذه من خلال مشهدية مستوحاة من الطبيعة. ألوان زاهية تزود ناظرها بطاقة إيجابية، حيث نستعرض في لوحته العصافير والفراشات والزهور التي تشير إلى فرح الحياة، غامزاً من خلال رسم صغير لهيكل عظمي في أسفل اللوحة إلى اليسار بضرورة الاستفادة من الوقت قبل موعد الهلاك.
ومع الأميركي جوناثان بول المعروف باسمه الفني ديزاير أوبتن شيريش تطالعنا منحوتاته الساخرة التي ينتقد فيها نزعات حديثة يدمن عليها سكان الأرض ويعطونها كثيراً من اهتماماتهم. ونجد في منحوتته «نحن معروفون» مجسم كلب يغطي جسمه الصوف الأزرق المصنع على هيكلية من مادة الريزين. فينتصب واقفاً بأناقة لافتة على مرآة تعكس خيالات إكسسواراته التي يتزين بها.
ومع لوحة «القمر» نتعرّف إلى مات ديفاين الفنان المحبوب جداً في أميركا، كما تذكر لنا دوفيك المشرفة على المعرض. فمنحوتاته العصرية يخرج فيها عن المألوف، بحيث يمكن أن تعرض بطريقة عادية أو تعلق على الجدار. فتعكس خيالها في المكان وتؤلف بقعة صفراء مضيئة مصنوعة من مادتي الألمونيوم والستانلس ستيل.
ومن نيجيريا يقدم لنا الرسام الأفريقي روم إيزيشاي تحفة فنية ترتكز تقنيتها على طبقات متداخلة من نشارة الخشب التي يرسم عليها خطوط ملامح وجه فتاة لا يمكنك أن تكتشف تفاصيلها إلا على بعد منها. فيما مواطنه كوبيري الذي يستقر في ألمانيا فيستعمل تقنية رمي حبر الأكريليك على مساحة واسعة من لوحته «إنها هارماتان». ونستدل منها على حالة رجل يصارع أفكاره ضمن عاصفة نفسية يمر بها شبيهة إلى حد كبير بتلك المعروفة في نيجيريا بعاصفة «هارماتان»، فتلامس ناظرها بتفاصيلها الصغيرة المشبعة بالأحاسيس والمشاعر المتضاربة. وبتقنية الشمع الملون نراقب عن كثب لوحة للأميركي ديلان فتتخيلها زهوراً تطفو على المياه أو أعشاباً بحرية تغرق. وكان لونها بالأحمر والأزرق الداكن من خلال تقنية الـ«ميكس ميديا».
ومع لوحة «القوة» لجايمس فيربيكي نتابع تقنية الـ«كولاج» التي يعتمدها عادة في أعماله وبإتقان محترف. فهو من خلال قصاصات ورق قديمة يستخرجها من صحف ومجلات وشعارات شركات انتهت صلاحيتها يبني لوحاته الشبيهة إلى فسيسفاء معصرنة.
وفي جولتك في غاليري «بلفيدير آرت» تتنقل بين لوحات زيتية وأخرى بتقنية الريزين والخشب وغيرها لتشهد بالفعل مجموعة فنون ضمن معرض واحد يتيح لزائره التقاط أنفاسه في فسحة فنية لا تشبه غيرها.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.