مطعم الاسبوع: «أبيسينيا» مطعم إثيوبي تتغلب فيه الأصابع على الشوكة

«الحبشة» في قلب هارلم

خبز رقيق يوضع عليه يخنات متنوعة
خبز رقيق يوضع عليه يخنات متنوعة
TT

مطعم الاسبوع: «أبيسينيا» مطعم إثيوبي تتغلب فيه الأصابع على الشوكة

خبز رقيق يوضع عليه يخنات متنوعة
خبز رقيق يوضع عليه يخنات متنوعة

وصفة «الحمص المهروس ذو التتبيلة الخفيفة» لا تجهزك إلى ما يأتي بعدها، وهو ما يبدو طبقا ذاتي الإعداد أكثر منه صلصة أو حساء جانبيا، وهو يحمل اللون الأحمر مثل الصحراء اللاهبة. وهو ليس خفيفا، كذلك، بفضل الصدمة اللاذعة اللطيفة لتوابل «البربر»، وهي مزيج من التوابل الإثيوبية التي يسيطر عليها الفلفل الأحمر، مع إضافات دافئة ولطيفة من القرفة، والهيل، والقرنفل.
هذا هو حساء «شيرو»، المكون من العناصر الرئيسة في جدول الإثيوبي.. غير جذاب ولكنه أساسي. من بين كل المقبلات في مطعم «أبيسينيا» «الحبشة» بحي هارلم في نيويورك، فإن الـ«شيرو» هو أكثرها من حيث عدم الترتيب وأدناها من حيث المظهر، ولكنني أتحدى أي طاه «غير إثيوبي» في المدينة في إعادة طهيه اعتمادا على المذاق فقط. حتى صاحبة المطعم والطاهية الرئيسة فيه، السيدة فريحوت ريتا، لا تصنع ذلك الطبق من الصفر؛ حيث يجري إعداد مسحوق الـ«شيرو» في إثيوبيا على يد إحدى عماتها.
نشأت ريتا في المرتفعات الشمالية في إثيوبيا، في مدينة اليبيلا المقدسة. وقد انتقلت إلى الولايات المتحدة قبل 16 عاما وسرعان ما أصبحت معروفة بين المهاجرين الإثيوبيين في نيويورك لأنها أشهر من يصنع «اينجيرا» الكعكة المستديرة ذات المذاق الحمضي، فهي رقيقة ومتعرجة بقطر أكبر من قدم بقليل، ولا توجد وجبة إثيوبية تقدم دونها. ولعشر سنوات، كانت ريتا تبيع كعكة «اينجيرا» من شقتها في حي هارلم. والآن يأتي زبائنها إلى مطعم «أبيسينيا»، وهو المطعم الذي افتتحته في عام 2011 وهو قريب من منزلها.
من الصعب تكرار صناعة كعكة «اينجيرا» في نيويورك، وتشك ريتا في ذلك نظرا للاختلاف في نوعية المياه. فقد عدلت منها بإضافة دقيق القمح والشعير إلى الخليط قبل أن تتركه ليختمر لمدة 3 أيام. والنتيجة، كعكة مليئة بالفجوات الصغيرة، وأسفنجية ولكنها قوية لكي لا تتفكك بعد سكب العصائر من مختلف الأطباق الموضوعة عليها.
وقد يشمل ذلك نوعا من العدس الأحمر، والملفوف والثوم، وأفخاذ الدجاج والبيض المسلوق تحت غطاء من توابل «البربر» والبصل المطبوخ حتى الذوبان، ولحم الضأن الغارق في عجين «الأوازي»، وهو منقوع من توابل «البربر»، ثم إضافة فلفل الهالبينو الحارق، ولحم البقر المعتق مع الزنجبيل والكركم، بالإضافة إلى دفء الكاري لتفادي حرارة الفلفل الموجودة في الأطباق الأخرى.
من الصعب تخصيص أطباق معينة للاعتراف بها نظرا لأنها تأتي في مجموعات، وتقدم في أكوام صغيرة متجاورة على طول حافة كعكة «اينجيرا». وجبة «كيتفو» قطعة من لحم البقر المفروم المهروس والمشبع بتتبيلة «نيتر كيبيه» وهي زبدة صفراء متبلة، و«ميتميتا» وهي تتبيلة لاذعة من الفلفل الأفريقي الحارق. وعادة ما تقدم نيئة، ويمكن أن تطلبها بطريقة «لبلب»، أي التي جرى تسخينها بما يكفي لدرجة الاحتراق.
هناك مزيد من «اينجيرا» تقدم طبقا جانبيا، وتستخدم لتناول مزيد من الطعام، وإذا فعلت ذلك بطريقة صحيحة، فلن تبقى أصابعك ملوثة وملتصقة. «وإذا لم تفعل، فلا تلعق أصابعك، فإن ذلك يعد من الأفعال غير المهذبة».
ليست الحلوى من التقاليد الإثيوبية. ووفقا لذلك، فلا تضم قائمة الطعام إلا نوعا وحيدا، وهو كعكة الجزر، التي لم تكن متوفرة خلال زياراتي. ومن الأفضل أن تنتهي من طعامك بمشروب «التيج»، وهو شراب مخمّر يعود إلى آلاف السنين، ويصنع من العسل المخمّر مع نبات «الجيشو»، وهو نوع من النبق الذي تعوض مرارته حلاوة العسل.
ومن بين الأصناف الثلاثة لمشروب «التيج» على القائمة في مطعم «أبيسينيا»، وهي ليست على الدوام متوفرة، فإن شراب «السابا» هو أكثرها إقناعا. وعند سكبه، يبدو كشراب القيقب الرخيص. ظننت أنه سوف يكون حلو المذاق، وقد كان، ثم تحول مذاقه في فمي شيئا فشيئا وصار مزبدا وثخينا. كان قوامه مثل مشروب الساكي الياباني ومذاقه مثل الموسكاتو الخفيف.
غرفة الطعام في مطعم «أبيسينيا» هي غرفة متواضعة، مع بعض العلامات الثقافية القليلة من آلة «stringless kirar» وهي آلة تشبه القيثارة، والسلال المنسوجة الموضوعة فوق الثلاجة. والسقف والأرضية نوع من البلاط اللطيف يستدعي للذاكرة محلات الدجاج المقلي الذي كان المحل يوفره من قبل.
عدم وجود مظاهر الفخامة يبعث على الراحة. وهناك بعض السمات اللافتة في الديكور؛ حيث تتلألأ الأضواء على النوافذ، ووضعت مفارش بيضاء على الموائد، ومزهريات من الزهور البلاستيكية الجميلة. والسيدة التي تعمل على خدمتك، تستقبلك وتخدمك في الوقت ذاته، وهي إنسانة صبورة ولطيفة، ولا يثير مرور الوقت انزعاجها. وإنك تتعلم منها ذلك أيضا.

* الطعام الموصى به
- «يتيماتيمفيتفيت»، يتكون من الطماطم وسلطة «اينجيرا».
- «كيتفو»، عبارة عن شريحة لحم مع البصل ونبات الكبر والتوابل.
- «أوازي الضأن، دوروات»، حساء الدجاج مع توابل البربر.
- «يي سيجاوات»، حساء لحم البقر مع توابل البربر.
- «جومين»، يتكون من خضار الملفوف.
- «يي ميسيروات»، يتكون من العدس الأحمر.
- «تيكيلجومين»، عبارة عن الملفوف.
- «كيكالتشا»، عبارة عن بازلاء مفصومة.
* الأسعار: من 5 دولارات إلى 17 دولارا، بطاقات «أميركان إكسبريس» غير مقبولة.
* مفتوح يوميا لتناول طعام الغداء والعشاء.
* يمكن الحجز مسبقا.
* دخول الكراسي المتحركة على نفس مستوى رصيف الشارع.

* مطعم «أبيسينيا (الحبشة)»
268 غرب شارع 135 (شارع فريدريك دوغلاس)، هارلم، 2673 - 281 - 212، «harlemethiopianfood.com».
* خدمة «نيويورك تايمز»



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».