زعيما روسيا وأوكرانيا يتفقان على وقف كامل وشامل لإطلاق النار

ماكرون وميركل متفائلان... لكن زيلينسكي يعرب عن أسفه لتحقيق نتائج قليلة

لم تكن هناك إشارات دفء بين بوتين وزيلينسكي اللذين فصل ماكرون وميركل بينهما في اللقاءات (إ.ب.أ)
لم تكن هناك إشارات دفء بين بوتين وزيلينسكي اللذين فصل ماكرون وميركل بينهما في اللقاءات (إ.ب.أ)
TT

زعيما روسيا وأوكرانيا يتفقان على وقف كامل وشامل لإطلاق النار

لم تكن هناك إشارات دفء بين بوتين وزيلينسكي اللذين فصل ماكرون وميركل بينهما في اللقاءات (إ.ب.أ)
لم تكن هناك إشارات دفء بين بوتين وزيلينسكي اللذين فصل ماكرون وميركل بينهما في اللقاءات (إ.ب.أ)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات وجها لوجه مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في باريس استمرت تسع ساعات، بوساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وكانت لغة الجسد بين بوتين وزيلينسكي فاترة. وزيلينسكي ممثل كوميدي تحول إلى سياسي وانتخب في وقت سابق من العام متعهدا بحل الصراع. ولم تكن هناك مصافحات علنية بين الزعيمين. وأشاد بوتين بالقمة باعتبارها «خطوة مهمة» نحو خفض التصعيد في أزمة شرق أوكرانيا. وقال بوتين إن «العملية تسير في الاتجاه الصحيح»، مضيفا أن «روسيا ستبذل كل ما في وسعها حتى ينتهي هذا النزاع». وصدرت من الكرملين مؤشرات إلى استعداده للعمل مع زيلينسكي الذي اعتبره بوتين «شخصا لطيفا وصادقا». لكن لم تكن هناك إشارات تدل على الدفء بين الرجلين خلال المؤتمر الصحافي عند منتصف الليل، حيث جلس الاثنان بمواجهة بعضهما البعض وماكرون وميركل يفصلان بينهما.
لكن زيلينسكي أعرب عن أسفه لتحقيق نتائج قليلة جدا على حد وصفه، وقال: «تمت معالجة تساؤلات عدة، ونظرائي قالوا إنها نتيجة جيدة جدا بعد لقاء أول. لكنني سأكون صريحا، إنه قليل جدا، فقد أردت حل عدد أكبر من المشاكل». وقال زيلينسكي إنّ الأطراف «ستعمل على الإفراج المتبادل قبل 31 ديسمبر (كانون الأول) عن السجناء وفقاً لمبدأ (الجميع مقابل الجميع)».
وقال بيان القمة: «تلتزم الأطراف بوقف كامل وشامل لإطلاق النار وتعزيزه بتنفيذ جميع إجراءات الدعم الضرورية لوقف النار قبل انتهاء عام 2019». وأضاف البيان أنه يجب الاتفاق بشأن ثلاث مناطق إضافية في شرق أوكرانيا «بهدف فك ارتباط القوات والمعدات بحلول نهاية مارس (آذار) 2020». وقال الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحافي، جلس فيه بوتين وزيلينسكي يتوسطهما ماكرون وميركل: «لقد حققنا تقدما في فك الاشتباك وتبادل السجناء ووقف إطلاق النار والتطور السياسي... وقد طالبنا وزراءنا بالعمل في الأشهر الأربعة القادمة... بغية تنظيم انتخابات محلية وبهدف عقد قمة جديدة في غضون أربعة أشهر».
وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن «بالغ رضاها» عن نتائج القمة النورماندي حول أوكرانيا التي استضافتها باريس مساء الاثنين. وقالت ميركل عقب لقاء القادة: «لقد تجاوزنا اليوم فترة الجمود». وذكرت ميركل أنه تم الاتفاق على «أمور واقعية»، وأضافت «سنواصل بالطبع هذا الطريق». وأدى الصراع في شرق أوكرانيا والذي اندلع في 2014 إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص وترك مساحات شاسعة من أوكرانيا تحت السيطرة الفعلية لانفصاليين تدعمهم موسكو. كما أدى إلى تفاقم الخلاف بين الشرق والغرب إلى أشد مستوى منذ الحرب الباردة. لكن المحادثات أسفرت عن التزامات محددة. وجدد بيان ختامي الالتزام فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق نار قائم في إقليم دونباس الواقع بشرق أوكرانيا. ولم يصمد وقف إطلاق النار بالكامل من قبل. وعزز البيان سلطات مراقبي الهدنة الدوليين.
وسيطر الانفصاليون على منطقتي دونيتسك ولوغانسك بعد وقت قصير من ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية. وأكّد دبلوماسيون أنّ قضية القرم، المسألة التي عزّزت من شعبية بوتين داخليا لكنّها أدت لفرض عقوبات دولية على روسيا، غير مطروحة على الطاولة في القمة.
وقبيل الاجتماع، أكد وزير الخارجية الأوكراني فاديم بريستيكو مطالب بلاده الرئيسية التي تشمل «وقفاً دائماً وشاملاً لإطلاق النار وسيطرتنا على حدود دولة موحدة لا يمكن تقسيمها ونزع أسلحة وتفكيك المجموعات المسلحة غير القانونية وإجراء انتخابات محلية تتوافق مع قانوننا».
وأبلغ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس صحيفة «فونكي» قبل القمة: «علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لإحراز تقدم في عملية السلام الأوكرانية»، واصفا النزاع بأنه «جرح متقيح في (جسد) أوروبا». وأشاد ماس بزيلينسكي لجلبه «زخما جديدا» إلى المباحثات، مضيفا أنه «لإحراز تقدم في الخطوات الصعبة المقبلة، على روسيا أن تتخذ خطوة أيضا». وقمة الاثنين هي الأولى على هذا المستوى منذ ثلاث سنوات وتسعى لتطبيق اتفاقات مينسك المبرمة في العام 2015 وتنص على سحب الأسلحة الثقيلة واستعادة كييف سيطرتها على الحدود وحكم ذاتي أكبر وإجراء انتخابات محليّة. وبالنسبة لماكرون، فالقمة محور سياسة خارجية جريئة في شكل متزايد يقودها الرئيس الشاب رغم الصعوبات في الداخل، حيث دخل عمال النقل في إضرابات منذ أيام في نزاع متعلق بإصلاح المعاشات التقاعدية.
وأعرب ماكرون، الذي صدم حلفاء بلاده في حلف الأطلسي بإعلانه أن التحالف بات بحكم «الميت دماغياً» عن اعتقاده بأن أوروبا تحتاج إلى شراكة استراتيجية مع روسيا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».