التحقيق مع البشير حول انقلاب 1989

مجلس السيادة يشكل لجنة لاجتثاث آثار النظام المعزول واسترداد الأموال المنهوبة

الرئيس المعزول، عمر البشير
الرئيس المعزول، عمر البشير
TT

التحقيق مع البشير حول انقلاب 1989

الرئيس المعزول، عمر البشير
الرئيس المعزول، عمر البشير

حققت نيابة الخرطوم شمال، اليوم الثلاثاء، مع الرئيس المعزول، عمر البشير، بتهمة تنفيذ الانقلاب العسكري الذي أطاح النظام الديمقراطي في 30 يونيو (حزيران) 1989، أثناء ذلك شكل مجلس السيادة الانتقالي، لجنة لاجتثاث آثار النظام السابق، أو ما اصطلح عليه سودانيا بسياسات التمكين، تهتم أيضا بمحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة.
ومثل البشير أمس أمام اللجنة القانونية التي كونها النائب العام، تاج السر علي الحبر، بشأن الانقلاب، واستغرق التحقيق معه ساعتين حول دوره في الانقلاب. ورفض البشير الذي رأس مجلس قيادة الانقلاب، في وقت سابق المثول أمام اللجنة قبل التحدث مع هيئة الدفاع عنه، والتي حققت في الأيام الماضية مع عدد من العسكريين والمدنيين المتهمين بالمشاركة في الانقلاب على حكومة الصادق المهدي المنتخبة في عام 1986. وينتظر أن يصدر حكم نهائي في مواجهة المعزول البشير في 14 من ديسمبر (كانون الأول)، الحالي، في قضية فساد مالي، وتتزامن جلسة النطق بالحكم مع دعوات لأنصاره لمسيرة مليونية لتغيير السلطة الانتقالية. وشكل النائب العام في 4 من نوفمبر (تشرين الثاني)، الماضي، لجنة تحقيق وتحر في انقلاب 1989 برئاسة رئيس نيابة عامة سيف اليزل محمد سري، وعضوية 4 آخرين ممثلين للأجهزة النظامية.
ويكون للجنة اختصاص النيابة العامة، والاستعانة بمن تراه مناسبا، على أن ترفع تقريرها للنائب العام في مدة لا تتجاوز 3 أشهر. وحكم البشير السودان 30 عاما من 30 يونيو 1989 وحتى عزله بثورة شعبية في 11 من أبريل (نيسان) الماضي، انحازت لها القوات المسلحة.
في غضون ذلك، أصدر مجلس السيادة الانتقالي، قراراً بتشكيل لجنة لاجتثاث آثار النظام السابق، (سياسات التمكين)، ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة. ويرأس اللجنة التي تتكون من 18 عضوا، عضو مجلس السيادة، الفريق الركن، ياسر العطا، ونائبه عضو السيادة، محمد الفكي سليمان، ومقرر اللجنة وزير مجلس الوزراء، عمر مانيس، وعضوية ممثلي عدد من الوزرات. ومنحت اللجنة الاختصاصات والصلاحيات المنصوص عليها في قانون تفكيك نظام 30 من يونيو 1989 وإزالة التمكين لعام 2019.
وشمل القرار أيضا تشكيل لجنة الاستئنافات من 5 أعضاء، يرأسها عضو السيادة اللواء ركن، إبراهيم جابر، وعضو السيادة، رجاء نيكولا نائبة له، ووزير العدل نصر الدين عبد الباري مقررا. وأجاز مجلسا السيادة والوزراء في السودان، في 28 من نوفمبر، الماضي، قانونا لتفكيك نظام البشير المعزول، وقضى بحل حزب المؤتمر الوطني ومصادرة أصوله وممتلكاته. وتحتجز السلطات السودانية، بأوامر تسليم وقبض من النيابة العامة أبرز المشاركين في انقلاب الجبهة الإسلامية بسجن كوبر المركزي بالخرطوم بحري، على رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير، ونائبه الأسبق، علي عثمان محمد طه، وعوض أحمد الجاز، ونافع علي نافع، والقيادي بحزب المؤتمر الشعبي، علي الحاج محمد.
وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، إن السودان تذيل القوائم السنوية بين الأمم في الفساد وحقوق الإنسان بسبب ممارسات وسلوك النظام البائد الشنيعة التي دفع شعبنا ثمنها حصارا وحروبا داخلية وفقرا.
وأضاف في تدوينة على صفحته بـ(فيسبوك): «اليوم نحن أكثر إرادة وقابلية للتقدم، مكاننا ليس في الخلف، وكما ألهمنا شعوباً أخرى للثورة والتغيير، نطمح في أن نلهم كل العالم في هذين المجالين وسقفنا الآفاق، نعمل لذلك وشعبنا صاحب الإجابة».
من جهة ثانية، قال وزير الصناعة والتجارة، مدني عباس مدني، إن زيارة رئيس الوزراء، إلى واشنطن أحرزت اختراقا فيما يتعلق بحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ونحن الآن أقرب من أي وقت لتحقيق هذا الهدف. وأضاف في تصريحات صحافية أمس، عقب الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء: «هنالك بعض القضايا يمكن تسويتها مع الإدارة الأميركية بشكل سريع خلال الفترة المقبلة. واستمع مجلس الوزراء إلى تنوير من رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، حول نتائج زيارته إلى الولايات المتحدة، وتقرير من وزير المالية، إبراهيم البدوي، حول إجراءات سير موازنة عام 2020».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.