إردوغان أعلن بدء إسكان مليون سوري في تل أبيض ورأس العين

قال إن الجيش التركي يواصل ردع «الوحدات» الكردية

TT

إردوغان أعلن بدء إسكان مليون سوري في تل أبيض ورأس العين

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه تم البدء في العمل على إسكان مليون سوري في مدينتي تل أبيض ورأس العين، شمال شرقي سوريا، بعد أن انتزعت القوات التركية والفصائل السورية المسلحة الموالية لها السيطرة عليها من «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في عملية «نبع السلام» العسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقال إردوغان، في كلمة له أمام اجتماع وزراء الشؤون الاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، أمس (الاثنين)، إنه سيتم تقديم الدعم لإنشاء مناطق سكنية جديدة في الشمال السوري، لافتاً إلى أنه تم البدء في العمل على إسكان مليون شخص في مدينتي تل أبيض ورأس العين.
وأضاف إردوغان أنه لن يستطيع طرف بمفرده تحمل أعباء السوريين الموجودين على الأراضي التركية والمقيمين بالقرب من الحدود التركية، البالغ إجمالي عددهم 9 ملايين شخص.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يقدم للاجئين السوريين سوى 3 مليارات يورو، بينما تجاوز ما أنفقته تركيا عليهم 40 مليار دولار.
في سياق متصل، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، التزام بلاده بالاتفاق مع كل من الولايات المتحدة وروسيا حول عملية «نبع السلام» والمنطقة الآمنة في شمال سوريا، وقال في الوقت ذاته: «إننا نستخدم حقنا المشروع في الرد على تحرشات الإرهابيين (الوحدات الكردية) في الجبهتين الشرقية والغربية، ونحن نرى تراجع تلك التحرشات».
وأوقفت تركيا عملية «نبع السلام» في 17 أكتوبر الماضي، بعد 8 أيام من انطلاقها، بموجب اتفاق مع الولايات المتحدة، أعقبه اتفاق آخر مع سوريا في سوتشي في 22 من الشهر ذاته، بشأن انسحاب الوحدات الكردية من المنطقة وإقامة منطقة آمنة لإيواء اللاجئين.
وقال أكار، في لقاء أمس مع وكالة أنباء «الأناضول» التركية الرسمية، إن «حدود تركيا الجنوبية هي حدود حلف شمال الأطلسي (ناتو) الجنوبية أيضاً، فنحن بحمايتنا لحدودنا نضمن أمن (ناتو) وأمن أوروبا».
وأضاف أن الجيش الوطني السوري يعمل مع القوات التركية ضد من سماهم «الإرهابيين» (الوحدات الكردية)، ويسعى لتطهير الأراضي السورية من التنظيمات الإرهابية.
في غضون ذلك، بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الإيراني جواد ظريف، مستجدات الأوضاع في سوريا، على هامش مشاركتهما أمس في مؤتمر «قلب آسيا»، الذي يعقد في إسطنبول.
وقالت مصادر تركية إن جاويش أوغلو وظريف بحثا القضايا الإقليمية والدولية، ومنها أحدث التطورات فيما يتعلق بسوريا والظروف التي يمر بها العراق وأفغانستان، وبحثا كذلك في القضايا الثنائية التي تهم البلدين.
على صعيد آخر، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن «داعش» يواصل نشاطه في البادية السورية، ولا سيما في باديتي حمص ودير الزور «عبر هجمات متجددة يعمد عناصر التنظيم إلى تنفيذها بين الحين والآخر، مستهدفاً مواقع للإيرانيين والميليشيات الموالية لهم، وقوات النظام والمسلحين الموالين، بالإضافة لزرع ألغام وعبوات في عمق البادية، لاستهداف الأرتال العسكرية التي تأتي للبادية بغية تمشيطها، أو كتعزيزات لتحصين مواقع ونقاط، وكان آخرها العبوات الناسفة التي انفجرت برتل مشترك تابع لـ(لواء القدس) الفلسطيني والدفاع الوطني، والذي تسبب في مقتل عنصرين وإصابة 17 آخرين بجروح متفاوتة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».