موجة غضب ومخاوف عراقية عقب «مجزرة السنك» واستهداف منزل الصدر

اتهامات لفصائل موالية لإيران بالوقوف خلفها... وعلاوي يلوح بتحول ملف الاعتداءات إلى «الجنائية الدولية»

TT

موجة غضب ومخاوف عراقية عقب «مجزرة السنك» واستهداف منزل الصدر

شهد العراق، أمس، موجة غير مسبوقة من الغضب نجمت عن المجزرة الجديدة التي نفذتها، ليل السبت، جماعات مجهولة، يُعتقد أنها تنتمي إلى فصائل مسلحة موالية لإيران، في ساحتي السنك والخلاني، وذهب ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، ضمنهم ثلاثة مصورين صحافيين.
وشهد العراق أيضاً، تنامي مشاعر الخوف من احتمالية انحدار البلاد إلى موجة من التطاعن الداخلي، ومستويات جديدة من العنف، في ظل العجز الواضح الذي تبديه القوات الحكومية في ضبط الأوضاع ووقف ممارسات الفصائل المسلحة المنفلتة، لا سيما بعد استهداف بطيارة مسيرة طال منزل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بمنطقة الحنّانة في محافظة النجف.
وتقاطعت الروايات التي قدمتها السلطات العراقية من جهة، والمتظاهرون من جهة أخرى، حول ما جرى في ساحتي الخلاني تقاطعاً حاداً حتى بالنسبة إلى أعداد القتلى والجرحى. ففيما تحدثت مصادر رسمية عن سقوط 4 قتلى ونحو عشرين جريحاً، وتحدثت أخرى عن مقتل 7 عناصر من قوات الأمن، تؤكد غالبية الروايات الصادرة عن المتظاهرين مقتل 23 وإصابة أكثر 100 متظاهر على أقل تقدير.
وباستثناء حديث بعض المتحدثين الرسمين عن «شجار» وقع بين المتظاهرين، وتسبب بإحداث حريق مرأب السنك ومواجهات ساحتي السنك والخلاني، لم تصدر عن الجهات الحكومية العراقية أي إيضاحات حول ما حصل بالتحديد، فيما صدرت عن جماعات الاحتجاج روايات كثيرة تتطابق في خطوطها العامة، وإن اختلفت في بعض التفاصيل.
وتتفق غالبية تلك الروايات حول الخطة المدبّرة التي نفذتها فصائل مسلحة بالتنسيق والتعاون أحياناً مع الجهات الرسمية للتأثير على ساحات المظاهرات وفض الاعتصامات، في المنطقة المحصورة بين ساحة التحرير وجسر السنك، وعدم السماح بتمددها إلى الشوارع والمقربات القريبة من البنك المركزي العراقي.
وتتفق جماعات الاحتجاج أيضاً، على أن عملية ضرب المتظاهرين استهدفت قطع الطريق على المظاهرة المليونية التي يخطط لها المحتجون، ويفترض أن تجتمع خلالها، في العاصمة بغداد، جميع الفعاليات الاحتجاجية في بقية المحافظات المنتفضة، في العاشر من الشهر الحالي.
وتشير إحدى تلك الروايات حول طبيعة ما حدث في السنك والخلاني، إلى «تواطؤ» جهات حكومية مع فصائل مسلحة، من خلال تعمد قطع التيار الكهربائي في ساحة السنك ومرأبها، تمهيداً لمرور سيارات المسلحين من أمام نقاط التفتيش دون مساءلة أو متابعة، رغم امتلاك وزارة الداخلية لكاميرات ترصد مداخل ومخارج جميع شوارع العاصمة. وفيما أنحت قيادة عمليات بغداد باللائمة على المتظاهرين لرفضهم وجود القوات الأمنية بالقرب ساحات الاعتصام، وحمّلتهم ضمناً مسؤولية ما حدث، تقول جماعات الاحتجاج: إن «عدم تدخل القوات الأمنية حتى انتهاء المجزرة وانسحاب جميع المسلحين دليل على اتفاق مسبق بين الجانبين».
أما الناشط علاء البغدادي، فحمّل صراحة «كتائب حزب الله» مسؤولية أعمال القتل ضد المتظاهرين، واستبعد ضلوع بقية الفصائل «الحشد الشّعبيّ» فيما حدث.
وكتب البغدادي، وهو مقرب من تيار الصدر، عبر صفحته في «فيسبوك»: «قبل يومين دخلت مجاميع تابعة لـ(كتائب حزب الله) إلى ساحة التحرير تحت ذريعة الدّفاع عن المرجعيّة، ورفعوا لافتات ضدّ أميركا وإسرائيل (والسعودية طبعاً) وبعض اللافتات التي تدافع عن السّيد السيستاني». وأضاف أنهم «رفعوا لافتة كتب عليها (الخال، وهي اللافتة ذاتها التي عُلّقت على واجهة مرأب السنك، والخال هو المصطلح المُشفّر الذي يتداوله أفراد (كتائب حزب الله) فيما بينهم، وهو يرمز إلى (قاسم سليماني)، وأيضاً يُطلقونه على قادتهم».
ويشير البغداد إلى أن «عصابات (الخال) قامت بالتمرّكز على يسار حديقة الأُمّة، بالقرب من الشّارع القريب على البتاوين، وحاولوا نصب بعض الخيام».
ويؤكد أنه قام باتصالات مباشرة بـ«سرايا السلام» وبعض العناصر من «كتائب حزب الله»، للحيلولة دون وقوع مجزرة، وبالفعل تم طردهم من ساحة التحرير سلمياً. ويشير إلى أن هدف الكتائب «كان التمرّكز والتخندق في الساحة، كخطوة أولى للتغول بين الجماهير وفضّ الاعتصام وإنهائه، بعد السّيطرة على المطعم التركي وجسور الجمهوريّة والسّنك والأحرار».
ولفت البغدادي أنه وبعد «فشل محاولتهم هذه، وبعد الصّفعة المهمّة التي وجّهت لهم من المرجعيّة، حينما منعت استخدام اسمها وصورها كذريعة للاشتراك في المظاهرات، قاموا بمجزرة الأمس كمحاولة ثانية من أجل الإجهاز على الاعتصام، بعد أن قام بعض أفرادهم من الصّعود إلى (كراج السّنك) ورفع لافتة (الخال)، كإشارة لوجودهم، وأيضاً كإيعازٍ لجماهيرهم بتحديد ساعة الصّفر لمجزرتهم، واقتحام ساحة التحرير».
وتتطابق مع رواية البغدادي روايات كثيرة تحدث بها متظاهرون بشأن لافتة «الخال»، التي وُضِعت على مرأب السنك، وتلك الروايات المتعلقة بالدور الفعال الذي لعبه أصحاب «القبعات الزرقاء» في حماية المتظاهرين من مجزرة أكبر كانت ستحدث ليلة السبت، لولا تصديهم للجماعة المهاجمة وحماية الناس. وانتشرت أمس، في مواقع التواصل الاجتماعي عبارات الشكر لأصحاب القبعات الزرق، وهم جماعات مرتبطة بتيار الصدر نشطوا منذ اليوم الأول لانطلاق المظاهرات، وارتبطت مهامهم بتقديم الدعم اللوجيستي والحماية للمعتصمين والمتظاهرين.
واعتبر مراقبون، أمس، أن تعرُّض منزل زعيم التيار الصدري إلى قصف بطائرة مسيرة، أمس، يشير إلى رسالة تحذيرية شديدة بعثتها إليه الفصائل المرتبطة بإيران والمنزعجة من الدور الفعال الذي يقوم به أتباعه في الحركة الاحتجاجية.
وقال المتحدث باسم الصدر جعفر الموسوي، أمس، إن «ارتكاب مجزرة السنك وقصف الحنانة يهدف إلى قتل مشروع الإصلاح وللدفع بقبول مرشح رئاسة الوزراء كالعادة خلافاً لمطالب المتظاهرين والتضحيات والدماء التي أُريقت في ساحات الفداء».
وفيما لم يتهم تيار الصدر أي جهة بالوقوف وراء استهداف منزل مقتدى الصدر، هددت «سرايا السلام» الجناح العسكري للتيار، أمس، بردّ «لا يتوقعه أحد» في حال ثبوت تورط أي جهة بحادثة الحنانة في النجف، مشيرة إلى أن «التحقيقات جارية».
وقالت «المعاونية الجهادية» لـ«سرايا السلام»، في بيان إن «القصف الذي حصل فجر اليوم لمنزل مرجعنا الشهيد محمد الصدر، ومسكن قائدنا مقتدى الصدر، بطائرة مسيرة له سابقة خطيرة جداً لا تُنذر بخطر بل هي الخطر بعينه».
وطالبت الهيئة السياسية للتيار الصدري، أمس، بعقد جلسة طارئة لمجلس النواب لمناقشة أحداث بغداد والنجف، وشددت على ضرورة كشف الحكومة عن الجهات التي تقف وراء أحداث ساحة الخلاني والحنانة.
وقال رئيس الهيئة نصار الربيعي في بيان إن «قصف منزل مقتدى الصدر في الحنانة جاء تنفيذاً لأجندات مشبوهة تريد بالعراق الانزلاق نحو الهاوية، وإن تلك الحوادث لن تثنينا عن المضي قدما في الإصلاح والدفاع عن العراق المظلوم».
من جانبه، حذر رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، أمس، الأجهزة الأمنية بتدارك الأمر قبل أن «يتحول ملف الاعتداءات (على المتظاهرين) بالكامل إلى (المحكمة الجنائية الدولية)». وقال علاوي عبر «تويتر»: «عمليات الطعن التي تعرض لها متظاهرو ساحة التحرير هي استكمال لجرائم القناصة واستهدافهم بالقنابل الدخانية والرصاص الحي»، معتبراً أن «حفلات الدم التي تقيمها العصابات الإجرامية على حساب أرواح الشباب العراقي لن تؤدي إلى استقرار البلاد».
واعتبر رئيس الجمهورية، برهم صالح، ما حصل مساء أول من أمس في ساحة الخلاني ومرأب السنك ضد المحتجين، وأدى إلى مقتل وإصابة العشرات «اعتداء إجرامي مسلح قامت به عصابات خارجة عن القانون». وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية أن الأخير «تابع باهتمام شديد وبألم عميق، مع الجهات الحكومية المختصة ما حصل مساء الجمعة من اعتداء إجرامي مسلح قامت به عصابات مجرمة وخارجون على القانون، ذهب ضحيته عدد من الشهداء والجرحى في الاحتجاج الشعبي»، مؤكداً «الحق المشروع لأي مواطن بالاحتجاج والتظاهر السلميين، ومنع وتجريم أي ردّ فعل مسلح وعنيف ضد المتظاهرين السلميين». وأشار إلى أن «مسؤولية أجهزة الدولة الأمنية، بالإضافة إلى حماية المتظاهرين السلميين والممتلكات العامة والخاصة والحفاظ على أرواح العراقيين، هي ملاحقة المجرمين الخارجين على القانون، والقبض عليهم، وإحالتهم إلى القضاء العادل لينالوا العقاب الرادع الذي يستحقونه». ودعا «الجميع إلى احترام الطابع السلمي للمظاهرات التي تدعو إلى الإصلاح والوئام المجتمعي والتعاون بين المواطنين والأجهزة الأمنية للدولة، للحفاظ على الأمن العام، ومواجهة الخارجين عن القانون». وتقدم صالح بـ«أحر مواساته وتعازيه لجميع عوائل الضحايا الشهداء»، معرباً عن تمنياته بـ«الشفاء العاجل للجرحى».



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».