سوريا تهدد تركيا بـ«أصدقائها» للتصدي للمناطق العازلة

الأمين العام للائتلاف لـ («الشرق الأوسط»): مطلبنا مناطق حظر جوي تنطلق منها عمليات المعارضة

سوريا تهدد تركيا بـ«أصدقائها»  للتصدي للمناطق العازلة
TT

سوريا تهدد تركيا بـ«أصدقائها» للتصدي للمناطق العازلة

سوريا تهدد تركيا بـ«أصدقائها»  للتصدي للمناطق العازلة

شنّت وزارة الخارجية السورية، يوم أمس (الأربعاء)، هجوما عنيفا على الحكومة التركية على خلفية دعوتها لإقامة مناطق عازلة داخل الأراضي السورية، مهددة باتخاذ كل الإجراءات لحماية سيادتها «بالتشاور مع أصدقائها».
وأعلنت الخارجية السورية، في بيان، رفضها «رفضا قاطعا المحاولات التركية لإقامة منطقة عازلة على الأراضي السورية أو أي تدخل عدواني لقوات أجنبية فوق أراضيها»، وطالبت المجتمع الدولي، وخصوصا مجلس الأمن، التحرك السريع لوضع حد لـ«انتهاكات الحكومة التركية التي تشكل تهديدا للأمن والسلم الإقليمي والدولي»، لافتة إلى أن الحكومة السورية «ستتخذ بالتشاور مع أصدقائها كل الإجراءات الضرورية لحماية سيادتها الوطنية ووحدة وسلامة أراضيها».
واستغرب نصر الحريري، الأمين العام للائتلاف الوطني السوري المعارض، أن يكون البحث وبعد 4 سنوات على الأزمة السورية، لا يزال يتطرق للمناطق العازلة، لافتا إلى أن «المطلوب أكثر من ذلك وبالتحديد مناطق حظر جوي تستخدمها المعارضة السورية المسلحة لتنطلق منها في عملياتها ضد النظام، باعتبار أن المناطق العازلة هي خيار لحماية اللاجئين وما ننشده اليوم من التوصل لوضع خطة وقائية تجنب المدنيين براميل النظام المتفجرة وتؤسس لمرحلة إسقاط بشار الأسد». وعد الحريري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف تركيا «متقدم» بشأن المناطق العازلة، كونها تربط مشاركتها بالتحالف ضد «داعش» بإنشاء هذه المناطق، مستهجنا «تباطؤ» القوى المؤثرة بالقرار الدولي باتخاذ القرار المنتظر في هذا الاتجاه، وأضاف: «الضربات الجوية لن تكفي لإنهاء (داعش)، بل ستهدد بتمددها أكثر في حال لم تترافق مع عمل ميداني ودعم الجيش الحر وإقامة مناطق عازلة ومناطق حظر جوي».
واستبعد الحريري أن تستغنى دول التحالف عن الدور التركي بضرب «داعش»، نظرا لأهميته ولكونه استراتيجيا، متوقعا أن يحصل نوع من التوافق لانضمام تركيا إلى التحالف الدولي الذي يوجه ضربات جوية لـ«داعش» منذ نحو 3 أسابيع.
وكان الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان دعا مرارا إلى إقامة منطقة عازلة ومنطقة للحظر الجوي في شمال سوريا لحماية المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة والسكان الذين يفرون من المعارك المحتدمة في مناطقهم، وأقر البرلمان التركي في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي مشروع قرار حكومي يجيز للجيش شن عمليات ضد مقاتلي تنظيم «داعش» في سوريا والعراق كما يسمح بنشر قوات أجنبية على الأراضي التركية يمكن أن تشارك في تلك العمليات.
والمنطقة العازلة تفصل عادة بين طرفي نزاع، وهي عبارة عن مساحة تحظر فيها الأسلحة، وتكون برية، كما يمكن أن تقترن بمنطقة حظر جوي. وأشارت الخارجية السورية إلى أن السعي التركي لإقامة مناطق آمنة يشكل «انتهاكا سافرا لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي التي توجب احترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما يشكل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وضرورة تجفيف منابعه، ولا سيما القرارات 1373 - 2170 - 2178». واتهمت الخارجية السورية الحكومة التركية بـ«توفير كل أشكال الدعم السياسي والعسكري واللوجستي للتنظيمات الإرهابية المسلحة وإيوائها وتدريبها وتمويلها وتسليحها وتسهيل مرور الإرهابيين الذين ينتمون إلى أكثر من 83 دولة إلى سوريا»، معدة أن تركيا تحولت إلى «قاعدة أساسية للإرهاب الذي يضرب سوريا والعراق ويهدد بقية دول المنطقة.. وما المؤامرة التي تكشفت على عين العرب إلا دليل فاضح على العلاقة الوثيقة القائمة بين أنقرة وتنظيم (داعش) الإرهابي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.