الدايري لـ(«الشرق الأوسط»): ليبيا أصبحت ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية

قوات حفتر تهاجم بنغازي ومصر تنفي قصف المتشددين

الدايري لـ(«الشرق الأوسط»): ليبيا أصبحت ساحة  لتصفية الحسابات الإقليمية
TT

الدايري لـ(«الشرق الأوسط»): ليبيا أصبحت ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية

الدايري لـ(«الشرق الأوسط»): ليبيا أصبحت ساحة  لتصفية الحسابات الإقليمية

يحتار المرء من أين يبدأ حواره مع وزير خارجية ليبيا محمد الدايري الذي التقته «الشرق الأوسط» في باريس صباح أمس في نهاية زيارة مدتها 48 ساعة إلى العاصمة الفرنسية بمعية وفد رسمي ضم في صفوفه رئيس الأركان الليبي، والتقى خلالها وزيري خارجية فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، والمبعوث الأممي إلى ليبيا، ومسؤولين آخرين. ذلك أن المشكلات التي تواجه الدولة الليبية لا تعد ولا تحصى. والوزير الجديد الذي تسلم مهامه منذ أقل من 3 أسابيع قادم إلى الوزارة من منظمة الأمم المتحدة حيث قضى سنوات طويلة يهتم بقضايا اللاجئين. والرجل يتميز باللطف والكياسة، وهما صفتان لا بد منهما لأي دبلوماسي يريد مقاربة المسائل الشائكة وربما المستعصية مثل مشكلات ليبيا.
يؤكد الوزير الليبي ويشدد على أن ليبيا ليست فيها حكومتان ولا برلمانان، وإنما حكومة شرعية واحدة وبرلمان شرعي واحد. وهو يطلب من الأسرة الدولية دعم هذه الشرعية والمساعدة على إيجاد حل سياسي يرى فيه السبيل الوحيد لإخراج ليبيا من أزماتها. ورغم الغيوم السوداء المنذرة بالسوء التي تخيم فوق ليبيا، فإن محمد الدايري يلحظ علامات تفاؤل؛ لعل أبرزها تعويله على الدور الذي يقوم به المبعوث الأممي ليون برناردينو الذي التقاه في باريس والذي يسعى، عقب مؤتمر غدامس، لبلورة سبل الحل الذي لن يكون ناجزا إلا مع حل الميليشيات وجمع السلاح وبناء الدولة الليبية. ويؤكد الوزير الجديد أن بلاده ضحية «صراع إقليمي وتصفية حسابات وساحة لتحقيق مكاسب جدية يسعى إليها البعض». كما أنه يرى أن المكاسب العسكرية التي تتحقق اليوم لهذا الطرف أو ذاك ربما تزول بعد أسبوع أو 10 أيام. وفي رأيه أن الهدف الأول في ليبيا يجب أن يكون الحصول على وقف لإطلاق النار تمهيدا للمرحلة المقبلة التي يجب أن تكون نزع السلاح وحل الميليشيات. وفي ما يلي نص الحوار:

* أجريت في باريس مجموعة من اللقاءات المهمة بينها اجتماعان مع وزيري خارجية فرنسا والولايات المتحدة الأميركية. ما مطالب ليبيا اليوم من هذين البلدين وبشكل أوسع من الأسرة الدولية؟
- مطلبنا الأول هو بطبيعة الحال دعم الشرعية الحالية، وهو يأتي في نظرنا من خلال إيجاد حل سياسي، وبالتالي توفير الدعم الحثيث والقوي لجهود السفير برناردينو ليون (رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا). والحقيقة أن مسار غدامس الذي بدأ في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي أعطى لنا آمالا كبيرة في الوصول إلى حل سياسي مع أولئك الليبيين الذين هم أولا وقبل كل شيء أهلنا الذين اختلفنا معهم سياسيا والذين لجأوا وللأسف إلى العنف والوسائل العسكرية لإبداء خلافاتهم السياسية معنا بعد انتخاب مجلس النواب في 25 يونيو (حزيران) الماضي والإعلان عن هذه النتائج في 21 يوليو( تموز).
الحقيقة أننا الآن في مسار سياسي نحاول أن نتجاوز ما حدث، لأن الحل في ليبيا هو حل سياسي في المقام الأول، واسمح لي أن أذكر أن هناك دولا عربية وأفريقية أخرى عانت من ويلات الحروب الطويلة، ولكن في نهاية المطاف انتهت الحروب بعد الدمار والعنف وتوصلت إلى حلول سياسية. ونحن نريد أن نضع حدا للآلام وأوجاع الشعب الليبي.
* لكن ماذا تريدون عمليا من الدول الكبرى وامتدادا من مجلس الأمن الدولي الذي كانت الحكومة السابقة قد تقدمت إليه بطلب للمساعدة؟
- ما نريده منها أولا هو تحييد المناوئين للعملية السياسية.
* من هم هؤلاء؟
- هم يعرفون أنفسهم. في الداخل وكذلك في الخارج. نحن نرى أن ليبيا ضحية صراع إقليمي أيضا بعد التغييرات الجذرية التي حلت في منطقتنا من تونس إلى مصر إلى غيرها من البلدان. الحقيقة أن ليبيا أصبحت ساحة صراع إقليمي وتصفية حسابات. لا بل إنها أضحت ساحة لتحقيق مكاسب جديدة يسعى إليها البعض. وأنا لا أخفي عليك أن هناك تحديات لهذا المسار السياسي.. بعد غدامس، صدرت تصريحات تخون حتى أولئك الذين شاركوا في هذا المسار، وميدانيا هناك من يواصل مسار العنف لكي يحقق مكاسب سياسية وعسكرية. وبنظرنا هذه حسابات قصيرة النظر، لأنك يمكن أن تحقق اليوم مكسبا عسكريا يمكن أن تخسره بعد أسبوع أو 10 أيام.. دوامة العنف في ليبيا ليست مؤدية إلى أية نتيجة. نريد بعد أن تخلصنا في 2011 من براثن الديكتاتورية أن نرسي دولة القانون والمؤسسات ونقود بلادنا، شأنها في ذلك شأن دول عربية أخرى عرفت التغيير سواء في مشرق العالم العربي أو مغربه. الأمر واضح لنا: نريد أن نؤسس لليبيا العصرية سويا. وأمامنا تحديات كبيرة.
* ما «خريطة الطريق» التي رسمتها الحكومة الليبية من أجل الخروج من هذه الدوامة؟
- خريطة الطريق أن نؤيد جهود السفير برناردينو للتوصل إلى وفاق داخل مجلس النواب المنتخب والشرعي. من اجتمع في غدامس هم النواب المنتخبون الشرعيون.. ثم عودة الحكومة إلى طرابلس؛ مكانها الطبيعي، وممارسة مهامها من طرابلس في أقرب فرصة ممكنة.
* من أين تمارسون مهامكم؟
- من مدينة البيضاء التي هي العاصمة الإدارية حاليا، وطبرق هي مؤقتا مقر البرلمان.
* الحكومة السابقة طلبت، من أجل السيطرة على الوضع في ليبيا، تدخلا دوليا. هل ما زال هذا الطلب قائما؟
- ما يحدث اليوم هو أن التدخل الدولي موجود عن طريق الوساطة التي يقوم بها السفير ليون برناردينو، وقد تحدث عن شق سياسي (الحكومة، البرلمان..) كما تحدث عن شق أمني (وقف إطلاق النار وآليات أخرى تتبعه) من أجل وقف هذا الدمار ومعالجة وضع الميليشيات في البلد.
* هل المطروح نزع سلاح الميليشيات؟
* نحن نريد أن نحقق بداية الخطوات الأولى، والمبعوث الأممي لديه آليات، وهو يبحثها مع الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة، وهناك دول ستساعده بقوة بالنظر لأهمية الموقع السياسي والجغرافي لليبيا بحيث تدعم جهوده الرامية، بعد فترة، إلى نزع سلاح الميليشيات. ولكن في البداية، ما نريد التوصل إليه هو وقف لإطلاق النار، ثم حل الميليشيات ونزع سلاحها. برناردينو تناول كافة هذه المسائل في اجتماع غدامس.
* وقف إطلاق النار يحتاج إلى قوة مراقبة. من سيؤمن مثل هذه القوة؟
- السفير برناردينو الذي تشاورت معه أمس لم يصل بعد إلى هذه المرحلة من البحث (تعيين قوة المراقبة). هو يبحث مع نيويورك في الآليات. ولكن هناك دعم دولي (لتنفيذ هذه الخطة). وعندما نتحدث عن دعم دولي، فإن هذا هو المقصود. وبالمناسبة، أريد أن أشير إلى أن السفير برناردينو والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رحب بهما في طرابلس عندما وُجدا في العاصمة قبل أيام، ونحن رحبنا بهم في طبرق أيضا. وأريد أن أقول إن هذا التدخل هو شرعي وينادي به الليبيون الذين يطمحون إلى الخروج ببلدهم إلى ساحة الأمان والابتعاد عن دوامة العنف التي لن تجدي أو تفيد أحدا منا.
* ماذا تريدون من مصر وقد قيل الكثير عنها وعن خططها في ليبيا؟
- الموضوع ضخم كثيرا، وحتى في مصر نفسها. أود أن أقول بداية إن الزيارة لمصر جاءت بداية بدعوة رسمية من الرئيس عبد الفتاح السياسي والذي قام بالزيارة وفد رسمي كبير، وهذا شيء مهم. ثم إن مصر دولة جارة لنا وتربطنا بها علاقات تاريخية. وما نطلبه من كافة الدول قبل 13 يوليو (تموز) 2014، ما طلبناه كمؤتمر وطني وحكومة وهو التعاون العسكري مع مجموعة من الدول منها فرنسا، والولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وإيطاليا، وتركيا، ومصر، والإمارات، والأردن.. وهناك فرق من الجيش الليبي ذهبت إلى هذه الدول لتتدرب ونتمنى مواصلة ذلك. ولا يخفيك أننا نواجه تحديات (أمنية) كبيرة، والأميركيون لم يباشروا بعد برنامجهم العسكري معنا حتى الآن بسبب عوائق صعبة الحل حتى الآن. ونحن نود الاستمرار في التعاون العسكري، خاصة أنه لدينا الآن جيش وطني يقوده اللواء عبد الرازق الناضوري الذي عينة مجلس النواب. أقول إن لدينا اليوم نواة للجيش الليبي. وما يحدث اليوم (من تعاون) مع أية دولة عربية أو أوروبية هو استمرار لسياسات (سابقة) أبرمت وعقدت. ولكن نحن لا نطلب بأي حال تدخل الجيش المصري أو الفرنسي.
* لكنكم تطلبون التعاون الأمني لضبط الحدود مثلا.. أليس كذلك؟
- نحن نطلب ذلك من كافة بلدان الجوار: التشاد، النيجر.. وهذا المسار بدأ في عام 2012. والحقيقة أن ضبط الحدود نريده مع كافة الدول التي لنا معها حدود مشتركة. كما أن المطلوب أيضا بناء وتطوير قدرات الجيش الليبي. ونحن نريد تبديد اللبس (حول طلب التدخل الدولي) الذي نشأ في ذهنية الإعلام العربي والدولي.
* قالت لنا مصادر مصرية إن القاهرة جاهزة لمساعدة ليبيا بالقدر الذي تريده هذه الأخيرة ومن غير تحفظ بما في ذلك الدعم السياسي والأمني والعسكري وخلافه. ما بالتحديد مطالبكم من مصر وأيضا من دول الجوار؟
- ما نطلبه من دول الجوار حاليا هو الالتزام بنتائج اجتماع الحمامات الذي حصل في يوليو (تموز) 2014. الوزير محمد عبد العزيز هو من مثل ليبيا فيه. وقد أفضى الاجتماع إلى إيلاء مصر ترؤس اللجنة السياسية، وإلى إيلاء الشق الأمني للجزائر بحيث تترأس اللجنة الأمنية. ونحن نتطلع لتفعيل هذا الدور. لو توفر لنا دعم أمني وعسكري من الجزائر سيكوم موقفنا الترحيب واليوم قبل غدا. الجزائر دولة شقيقة، وكذلك تونس، وشأنهما شأن مصر.. لكن في السابق المسارات التي سبقت لجهة تدريب الجيش الليبي كانت تتم في الأردن والإمارات ومصر وفرنسا وإيطاليا.. وهناك استمرارية في هذا الشأن.
* أين أصبح عمل البعثة الأوروبية لمساعدة ليبيا في موضوع ضبط الحدود؟
- هي تقدم مساعدة فنية لبناء قدرات لضبط الحدود، وللأسف ليست هذه البعثة موجودة اليوم على الأرض الليبية؛ إذ إنها غادرت ليبيا شأنها في ذلك شأن السفارات الأجنبية التي تركت طرابلس في أكثريتها.
* ما الخطوة الأولى الضرورية واللازمة حتى نستطيع القول إن الأمور في ليبيا سلكت أخيرا الطريق الصحيح علما بأن الأمور مستمرة في التدهور حيث اللواء حفتر يريد السيطرة على بنغازي، وميليشيات الزنتان تريد السيطرة على مصراتة، والمعارك قائمة غرب طرابلس.. وماذا تقول عن أن المسار السياسي مهم جدا لكن المشكلة أن الواقع الميداني يشي بعكس ذلك؟
- صحيح؛ الواقع الميداني يقول عكس ذلك حاليا، ومسار غدامس لم يبدأ إلا في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأمس كنت مع السفير ليون برناردينو. ولا أخفيك أن لدينا الكثير من الآمال التي نضعها في العمل الذي بدأه، وهناك إشارات إيجابية من الجانبين اللذين حضرا «غدامس»، وعلينا أن نمضي قدما بهذا المسار من أجل أن نجد نتائج إيجابية أولية لهذا المسار. والمسؤول الدولي، بعد مرحلة تمهيدية، سيدخل في صلب الموضوع بحيث يصل إلى نتائج أولية، آملين أن يتحقق ذلك في الشهرين القادمين، وتوفر لنا عودة الحكومة إلى طرابلس، لأن الشيء الطبيعي هو أن نعمل كحكومة من العاصمة طرابلس وليس من البيضاء.
* هل هناك تواصل بينكم وبين الحكومة الثانية الموجودة في طرابلس؟
- الحقيقة هي أننا لا نتواصل إلا مع أعضاء المجلس النيابي المنتخبين. ليس في ليبيا سوى حكومة شرعية واحدة، وبالتالي ليست هناك حكومتان. الحكومة الشرعية هي التي انبثقت عن مجلس النواب الذي بدأ أعماله في 4 أغسطس (آب) الماضي والتي حلفت اليمين يوم الأحد 28 سبتمبر 2014.
* هل توصلتم إلى أشياء محددة مع الفرنسيين والأميركيين بشأن إعادة بناء الجيش الليبي؟
- هناك أشياء بدأت في السابق، ونحن مستمرون في ذلك، ونريد تفعيل الاتفاقيات الموقعة ولم تر النور.
* مثلا؟
- التدريب والحصول على أسلحة طلبت في السابق، والحال أنها لم تنفذ بعد. نحن لم نأت إلى هنا لاستحداث أمور جديدة، وإنما لتفعيل اتفاقات تم التوقيع عليها.
* هل أنتم من الذين يرون أن الدول التي ساعدت على إسقاط نظام القذافي لم تكمل المهمة؟
- كنا نتمنى بالفعل أن يكون هناك دعم للفترة الانتقالية، وهم يعترفون بذلك (التقصير). لكن تجربة العراق ربما تكون دفعت هذه الدول لعدم تكرار التجربة عندنا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».