هيئة حوثية تطلق حملة إتاوات ضد التجار وتتوعدهم

أموال ضخمة تحت اسم «الزكاة» تسخرها الجماعة للمجهود الحربي

TT

هيئة حوثية تطلق حملة إتاوات ضد التجار وتتوعدهم

تستعد الميليشيات الحوثية خلال الأيام المقبلة وعبر ما تسمى «هيئة الزكاة» التابعة لها، لتنفيذ عمليات استهداف ونهب وتعسف جديدة ضد المئات من التجار ورجال الأعمال في أمانة العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لقبضة الجماعة.
وكشف تصريح صادر عن القيادي الحوثي شمسان أبو نشطان، رئيس ما تسمي «الهيئة العامة للزكاة» التي أنشأتها الميليشيات مؤخراً بديلاً لـ«مصلحة الواجبات الزكوية» الرسمية، عن أن الجماعة بصدد إعلان القائمة السوداء للتجار المتلاعبين والممتنعين عن أداء الزكاة، في إشارة منه إلى عدم استجابة كثير من التجار لتسليم الزكاة إلى الهيئة الحوثية.
واتهم القيادي الحوثي، في تصريحه الذي بثته وسائل إعلام الميليشيات، التجار ورجال المال والأعمال بالتلاعب وعدم الالتزام بتسليم الزكاة لهيئة الانقلابيين.
وأشار القيادي الحوثي إلى أن هيئته، «غير القانونية»، أعدت «قائمة سوداء بعدد التجار ومالكي المنشآت الصناعية الكبيرة الذين لا يزالون يرفضون تسليم الزكاة للهيئة ويذهبون بها إلى مصادر غير شرعية ومنظمات مشبوهة»؛ على حد زعمه.
وتوعد أبو نشطان بأن هيئته الحوثية ستضطر في قادم الأيام إلى أخذ الزكاة بأي طريقة من الممتنعين والمتهربين، تلويحاً منه باستخدام العصا الغليظة الحوثية ضد التجار ورجال الأعمال.
وتابع القيادي بجماعة الحوثي تهديداته، زاعماً أن «هناك تجاراً كباراً وأصحاب مصانع عملاقة يتلاعبون بأداء الزكاة» التي قال إن هيئته «ستكشف عنها خلال الأيام القليلة المقبلة».
وتصف الميليشيات ما تبقى من المنظمات المدنية والخيرية والمجتمعية العاملة بمناطق سيطرتها بـ«المنظمات المشبوهة»، رغم أن الميليشيات ذاتها اقتحمت مقار المئات منها ونهبت وصادرت كل أرصدتها ومحتوياتها، في حين أعلنت الجماعة وعقب سياسة التجريف التي نفذتها، عن تأسيس المئات من المنظمات التابعة لها بهدف فرض سلطتها الكاملة على العمل المدني والمجتمعي وكذا الخيري.
وفي تعليقهم على تهديدات ووعيد القيادي الحوثي بهيئة الزكاة، أبدى عدد من التجار ورجال الأعمال بصنعاء، تخوفهم من حملات ابتزاز ونهب وسطو حوثية جديدة ستطالهم خلال المرحلة المقبلة.
وقال عدد من التجار، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات تسعى من خلال خطتها هذه لفرض إتاوات وجبايات على التجار وأصحاب المحال التجارية وبطريقة ابتزازية جديدة وتحت اسم «الزكاة». وأضافوا أنهم لا يكادون ينتهون من حملات نهب حوثية سابقة، حتى تفاجئهم الميليشيات بحملات ابتزاز ونهب أخرى جديدة.
وشكا التجار ورجال الأعمال في الوقت ذاته من استمرار مضايقات الميليشيات لهم، ومن تعدد حملات النهب والاستهداف التي تطالهم وتحت أسماء وذرائع عدة ومختلفة.
وأشاروا إلى أن الجماعة تشن حملات متواصلة لجمع إتاوات وجبايات عينية ونقدية بالقوة تحت عناوين كثيرة؛ أبرزها «تمويل عملياتها المسلحة بجبهات القتال».
وأكد التجار التزامهم وبشكل سنوي وأمام الله تعالى، وبعيداً عن هيئة الميليشيات الربحية، بدفع ما عليهم من زكاة. وقالوا: «الزكاة التي ندفعها سنوياً تذهب جميعها لصالح المستحقين الحقيقيين من الفقراء والمساكين والمعتازين والنازحين وغيرهم من الفئات المجتمعية الأشد فقراً وضعفاً».
وتابعوا في أحاديثهم مع «الشرق الأوسط»: «لا علاقة لنا بهيئة الحوثيين، ولسنا ملزمين أو معنيين بأن نحرم المستحقين من الزكاة وندفعها لميليشيات عاثت في اليمن فساداً وخراباً ودماراً، وأوصلت اليمنيين إلى ما هم عليه اليوم من بؤس وفقر ومجاعة وأمراض».
وتطرق أحد التجار بصنعاء في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى الإرهاب الذي ما زال يمارس في حقهم من قبل المشرفين الحوثيين، وكشف عن اقتحامهم قبل أيام قليلة عدداً من المحال التجارية بإحدى مديريات أمانة العاصمة، حيث أرغموا أصحابها تحت التهديد وقوة السلاح على دفع مبالغ مالية غير قانونية.
وعلى المنوال ذاته، حذر خبراء اقتصاديون من عواقب استمرار استهداف الميليشيات لمن تبقى من التجار ورجال الأعمال والعاملين كافة في المجال الاقتصادي بمناطق سيطرتها.
وعدّ الخبراء أن الاستهداف الحوثي لهذا القطاع المهم وعبر بوابة «هيئة الزكاة» هذه المرة، سيكون له التأثير المباشر وغير المباشر على ما تبقى من النشاط التجاري في مناطق الانقلابيين، الذي بات اليوم شبه مشلول بسبب تصرفات وممارسات الجماعة.
وأشاروا إلى أن ميليشيات النهب والسلب الحوثية حققت موارد مالية طائلة من عائدات الزكاة وغيرها خلال العام الماضي والعام الحالي وتصل تلك المبالغ إلى مليارات الريالات.
وفي المقابل، قدر مراقبون محليون أن إيرادات الميليشيات من زكاة الفطر فقط بمناطق سيطرتها زادت على 10 مليارات ريال (الدولار يعادل نحو 58 ريالاً)، فضلاً عن الزكاة المدفوعة على الأموال والعقارات ومن المزارعين والشركات العامة والخاصة والأنشطة التجارية المختلفة، التي تصل إلى مئات المليارات، بحسب تقديرات الخبراء الاقتصاديين.
وفي حين تزعم الجماعة أنها أنشأت «هيئة الزكاة» من أجل جباية الأموال وصرفها في مصارفها الشرعية، يقول المراقبون إن أغلب هذه الأموال يتم صرفها على المجهود الحربي بعد إلغاء جميع الحسابات المتعلقة بالزكاة ودمجها في حساب واحد، لدى البنك المركزي الخاضع لسيطرتها في صنعاء.
وفي مايو (أيار) من العام الماضي، أنشأت الميليشيات هيئة جديدة أطلقت عليها اسم «الهيئة العامة للزكاة»، في تعطيل حوثي واضح ومتعمد لوظيفة ومهام «مصلحة الواجبات الزكوية» المعتمدة رسمياً من قبل اليمنيين وحكومات يمنية متعاقبة. وربطت الميليشيات هيئتها الجديدة تلك مباشرة بمجلس حكم الميليشيات الانقلابي، في مخالفة صريحة للقانون اليمني، وسعياً لتكريس النهب المنظم لأموال المواطنين.
وفي رد فعل سابق للحكومة الشرعية تجاه الانتهاكات الحوثية للدستور والقانون وإنشائها الهيئة بصورة مخالفة، عبرت مسؤولة يمنية عن إدانتها إنشاء الميليشيات بصنعاء الهيئة العامة للزكاة. وعدّت وزيرة الشؤون الاجتماعية، ابتهاج الكمال، أن ذلك مسعى واضح من الانقلابيين لإلغاء صندوق الرعاية الاجتماعية، ومصلحة الواجبات، وتعطيل عملهما في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.
وقالت الوزيرة في تصريحات سابقة إن إنشاء الجماعة «هيئة الزكاة»، وطرح مشروع ما تسمى «زكاة الخُمس»، يعد إجراء غير قانوني، وتطوراً مخيفاً في إطار بحث الميليشيات عن ذرائع جديدة لجباية الأموال، واستخدامها في حربها العبثية بحق اليمنيين. وطالبت الكمال المنظمات والهيئات النقابية والحقوقية، بالوقوف في وجه الميليشيات وإجراءاتها الرامية لزيادة معاناة المواطنين، وإطالة أمد الحرب.
من جانبه، قال وزير الأوقاف اليمني أحمد عطية، في تعليقه على إنشاء الهيئة، إن أي هيئات أو جمعيات ينشئها الانقلابيون تعدّ باطلة، وإن التعامل معها مساعدة للانقلاب الميليشياوي. وأضاف عطية، في تغريدة سابقة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن هيئة الزكاة التي أنشأها الحوثيون هي من أجل فتح «باب جديد لنهب أموال الناس». وقال: «إذا كان الانقلاب باطلاً، فأي هيئات أو جمعيات ينشئها هي أيضاً باطلة».
وكان عدد من المشايخ والشخصيات الدينية في اليمن أصدروا فتاوى عدة سابقة مؤداها تحريم دفع الزكاة للحوثيين. وعدّ العلماء «دفع الزكاة للحوثيين يمثل إعانة لهم على قتل الناس واستباحة الدماء والتعاون على المعصية، وهو ما لا تجيزه الشريعة الإسلامية السمحة، لا سيما أن الأصل في زكاة الفطر هو إخراجها وتسليمها للفقراء والمساكين».


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.