طلاب الجامعات الجزائرية يلوّحون بإضراب عام لعرقلة «الرئاسية»

الحكومة تهاجم المتظاهرين في «قضية الاستنجاد بالبرلمان الأوروبي»

جانب من المظاهرات الشعبية في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الشعبية في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

طلاب الجامعات الجزائرية يلوّحون بإضراب عام لعرقلة «الرئاسية»

جانب من المظاهرات الشعبية في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الشعبية في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

عاشت جل المدن الجزائرية الكبيرة، أمس، مظاهرات حاشدة لطلاب الجامعات، حملت شعارات معادية لـ«رئاسية» الـ12 من الشهر الحالي، وللمترشحين الخمسة الذين يخوضون آخر أيام حملة الانتخابات. وفي غضون ذلك، هاجم وزير الداخلية صلاح الدين دحمون المتظاهرين ضد الانتخابات بشدة، ولمح إلى أن فرنسا هي من يقف وراء اللائحة التي أصدرها البرلمان الأوروبي، والتي أدانت طريقة تعامل السلطات مع الحراك الشعبي.
ودعا الطلاب المتظاهرون بالعاصمة إلى إضراب عام خلال الأسبوع الأخير الذي يسبق الاستحقاق، في محاولة للضغط على السلطة قصد حملها على إلغائه، وحملوا صور «معتقلي الحراك»، وناشطين سياسيين معروفين، أمثال رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، والكاتب الصحافي فضيل بومالة، وصور «معتقلي الراية الأمازيغية». وجاء في شعارات ولافتات أن محاكمة رموز الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، المقررة اليوم، بعدما تم تأجيلها لـ48 ساعة، مجرد «مسرحية لإلهاء الحراك عن مطلبه الرئيسي»، في إشارة إلى مطلب رحيل كل رموز السلطة، وأولهم رئيس أركان الجيش قايد صالح.
كما نظم المئات من الطلبة، في وهران وسيدي بلعباس (غرب)، وبجاية وتيزي وزو (شرق)، أشهر وأكبر مدن القبائل، مظاهرات كبيرة انضم إليها عدد كبير من الأشخاص لا ينتمون إلى الجامعة، وهم من نشطاء حراك الجمعة الشعبي. وأكد المحتجون أنهم لن ينتخبوا، وهددوا بعرقلة تنظيم الانتخابات الرئاسية. كما هددوا المترشحين للاستحقاق بعرقلة تجمعاتهم الدعائية، علماً بأنه منذ بداية الحملة تحاشى المتنافسون الخمسة التنقل إلى منطقة القبائل بسبب حدة الرفض بها لمسعى تنظيم الانتخابات.
ومن جهة أخرى، هاجم وزير الداخلية صلاح الدين دحمون نشطاء بالحراك استعانوا، حسبه، بالبرلمان الأوروبي بغرض دفعه إلى إصدار لائحة الخميس الماضي، أدان فيها تصرف السلطات مع المظاهرات. وقد وصفهم بـ«المرتزقة والشواذ والمثليين».
وكان دحمون يتحدث في «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) بمناسبة عرض مشروع قانون حول تنظيم إقليمي جديد، يتعلق باستحداث 10 ولايات جديدة تضاف إلى الولايات الـ48. وذكر دحمون أن السلطات «ستكون إلى جنب هذا الشعب الأبي لمواجهة الاستعمار الغاشم الذي استعمل بالأمس أولاده، وما بقي منهم اليوم، ولا يزال لحد الساعة حياً لدى البعض، وها هو يستخدم بعض الجزائريين الخونة والمرتزقة لتنفيذ مشاريعه». لكن كلام الوزير أثار سخطاً كبيراً بالمنصات الرقمية الاجتماعية التي ينتشر بها عدد كبير من الناشطين. ويتوقع أن يهاجمه المتظاهرون بحدة الجمعة المقبلة. وفي غضون ذلك، انتقد الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش، في أثناء وجوده بمنشأة عسكرية بوهران أمس، بشدة المتظاهرين في «قضية الاستنجاد بالبرلمان الأوروبي»، وقال إن «الشعب الجزائري يعي جيداً خطورة الدسائس التي تحاك في مخابر التآمر في الخارج، وأساليب الخيانة والعمالة في الداخل، من خلال استنجاد العصابة بأطراف خارجية. لكن هذا الشعب سيرد في الوقت المناسب على محاولات التدخل في شؤونه الداخلية كافة. وها هو اليوم، يرد بقوة على هذه المحاولات اليائسة من خلال مسيراته الحاشدة»، في إشارة إلى مظاهرات «ضد التدخل الأجنبي» التي تعرفها مناطق بالبلاد، والتي جاءت بإيعاز من الحكومة.
وأكد صالح أن الجيش «عازم على مواصلة أداء مهامه بكل عزم وتصميم، مهما كانت الظروف والأحوال، وسيظل شغله الشاغل هو تأمين الجزائر، أرضاً وشعباً، وحفظ استقرارها واستقلالها وسيادتها الوطنية، وهو بذلك جيش جدير بالاحترام والتوقير والمؤازرة».
يشار إلى أن لائحة البرلمان الأوروبي التي أثارت سخط السلطات كانت باقتراح من نائب عن الحزب الاشتراكي الفرنسي قال إنه «متعاطف مع الحراك الجزائري التوَاق إلى الحرية والديمقراطية». وعدت الخارجية الجزائرية اللائحة «تدخلاً سافراً ووقحاً في شؤون الجزائر الداخلية»، ولمحت إلى أنها ستعيد النظر في اتفاق الشراكة الذي يربطها بالاتحاد الأوروبي منذ 2002.
وفي معرض حديثه عن الانتخابات المرتقبة في الثاني عشر من الشهر الحالي، أكد قايد صالح أن إجراء الانتخابات الرئاسية سيكون «في موعدها المحدد»، مشيراً إلى أن «الاستحقاق الرئاسي يمثل استكمالاً لا رجعة فيه لمشوار الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) 1954... والهبة الشعبية القوية تبشر باقتراب انفراج الوضع، والمرور بالجزائر إلى بر الأمان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».