افتتح المتحف الوطني الإيطالي في روما، في الفترة من 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وحتى الأول من شهر مارس (آذار) المقبل 2020، معرض «طرق الجزيرة العربية». وكان الافتتاح برعاية وزير الثقافة السعودي بدر بن محمد بن فرحان آل سعود، ووزير الكنوز الثقافية الإيطالية داريو فرنشيسكيني، وبحضور عدد من المهتمين بالتراث العالمي وأساتذة الجامعات وجمهور غفير من الفنانين الإيطاليين. وكان قد تم بقاعات قصر تارمي ديوكليسيانو (العيون الساخنة لديوكليسيانو)، المبنية بحجر الطوب الروماني، إعداد المعرض، حيث نجد موازنة بين آلاف السنين من التاريخ العربي، وكثير من الشهادات المعلمية الرومانية.
ويحكي لنا المعرض، من خلال وثائق ونصوص قديمة وأعمال فنية أيقونية وأعمال أركيولوجية كبيرة، تطور شبه الجزيرة العربية مما قبل التاريخ إلى زمن تكوّن المملكة العربية السعودية، مبيناً لنا عمق ذاك التاريخ واتساعه، وذاك التعايش بين التراث والحداثة.
وبهذا المعرض بلغ «طرق الجزيرة العربية» مرحلته السادسة عشرة. وكان ذلك ثمرة للجهود المشتركة بين وزارة الثقافة بالمملكة العربية السعودية ووزارة الكنوز الثقافية الإيطالية، وبدعم شركة «أرامكو السعودية» و«آلدا فاندي».
وقد تم اختيار أكثر من 450 قطعة أثرية نادرة من مئات الاكتشافات من البحوث الأثرية التي أُجرِيَت في المملكة العربية السعودية في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، من قبل متخصصين سعوديين وأجانب، بما في ذلك النشاط المهم للبعثات الأثرية الإيطالية.
يقدم المعرض بدءاً من رأس تمثال هائل من الأسرة اللحيانية من القرن الخامس إلى الثاني قبل الميلاد، إلى القناع الجنائزي الذهبي في القرن الأول الميلادي، و«موقع الجمل» الأركيولوجي بتيماء، وجزيرة تاروت، وحتى الواحات الكبيرة في الصحراء، والمدن التي كانت مرسى للقوافل (قرية الفاو)، مروراً بمملكة النبطيين، ووصولاً إلى العصر الإسلامي، كما نجد أشياء متنوعة ومتعددة تُستخدم في الأغراض اليومية، ومن ثم هي عامة، كما يمكن أن تُستخدم علامة على الترف والدعة، مثل القناع الجنائزي من الذهب الذي يعود إلى القرن الأول الميلادي، والمستقدم من متحف الرياض، أو أقراط وأساور وخواتم ذهبية مطعمة بالأحجار الكريمة تعود إلى ما بين القرنين الأول والثالث الميلادي.
ونجد أيضاً بعض أدوات الصيد والأسلحة والأواني المصنوعة من المعادن: زجاجيات، ومرمريات، وفخار، ومنحوتات ورسومات في غاية من الروعة في صنعة متقنة، إلى جانب جداريات من الرليف الحجري المنقوش. ومن بين هذه الأشياء نجد قطعة ذات رأس فحولي مع كتابة بالعربية القديمة من المحتمل أنها رسم لمشهد من مأدبة، ومن الممكن ملاحظة اهتزاز في ألوانها من البني إلى الأحمر إلى الأصفر، ويمكن ردها إلى القرنين الأول والثاني للميلاد.
وعلاوة على ذلك، فإن بعض الاكتشافات الجديدة، التي هي من ثمرات المهمة الأركيولوجية الإيطالية والتي تكفلت بها الجامعة الشرقية بنابولي، والتي اتخذت من حفريات الدومة القديمة موقعاً لعملها، قد ألقت أضواء جديدة على ماضي تلك المناطق تاريخاً وما قبل التاريخ، التي هي مرتبطة أشد الارتباط بعرى تجارية وثقافية مع عالم المتوسط والشرق الأوسط. ولهذه الأسباب، يمكن أن تعد رحلة قوافل قديمة، قد شكلت منذ القدم طرقاً للتبادل مثل «طريق البخور» الذي يمكّننا المعرض من معرفته أكثر فأكثر. وتلك القوافل كانت تشق شبه الجزيرة العربية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وأسهمت في نسج شبكة من اللقاءات بين أشخاص وعادات ومعتقدات من بلاد الرافدين ومصر إلى أن وصلت إلى مراسٍ نائية مثل روما.
وكما أكد بدر بن محمد بن فرحان آل سعود، فإن «لإيطاليا وشبه الجزيرة العربية علاقات ثقافية قوية تمتد لأكثر من 2000 عام». وهذا المعرض هو تأكيد على ذلك.
طرق الجزيرة العربية تؤدي إلى روما
معرض في العاصمة الإيطالية ضم أكثر من 450 قطعة أثرية نادرة
طرق الجزيرة العربية تؤدي إلى روما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة