النيابة الفرنسية تطالب بمحاكمة 20 شخصاً بينهم مطلوبون في بلجيكا

عقب انتهاء التحقيقات في تفجيرات باريس وبروكسل

البلجيكي صلاح عبد السلام محتجز في فرنسا منذ أكثر من ثلاث سنوات (الشرق الأوسط)
البلجيكي صلاح عبد السلام محتجز في فرنسا منذ أكثر من ثلاث سنوات (الشرق الأوسط)
TT

النيابة الفرنسية تطالب بمحاكمة 20 شخصاً بينهم مطلوبون في بلجيكا

البلجيكي صلاح عبد السلام محتجز في فرنسا منذ أكثر من ثلاث سنوات (الشرق الأوسط)
البلجيكي صلاح عبد السلام محتجز في فرنسا منذ أكثر من ثلاث سنوات (الشرق الأوسط)

بعد ما يزيد عن أربعة أشهر من إعلان النيابة العامة البلجيكية عن انتهاء التحقيقات في ملف هجمات بروكسل التي وقعت في مارس (آذار) 2016، جرى الإعلان في الدولة الجارة، فرنسا، أنه بعد تحقيق واسع استمر أربع سنوات، أعلنت النيابة الفرنسية لمكافحة الإرهاب أنها طلبت محاكمة عشرين شخصاً في قضية اعتداءات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 التي أسفرت عن سقوط 130 قتيلاً و350 جريحاً في باريس وضاحيتها الشمالية.
ويشمل طلب المحاكمة الفرنسي البلجيكي صلاح عبد السلام، الرجل الوحيد من أفراد المجموعات المسلحة الذي بقي على قيد الحياة بعد الاعتداءات، وستة أشخاص آخرين صدرت بحقهم مذكرات توقيف دولية، بينهم أسامة عطار، والأخوان كلين اللذان يعتقد أنهما قتلا.
وأصبح القرار النهائي لتحديد تفاصيل هذه المحاكمة غير العادية المقررة في 2021 في باريس، بيد قضاة مكافحة الإرهاب الذين تولوا التحقيق في هذه الاعتداءات التي أودت بحياة أكبر عدد من الأشخاص، في مواجهة الهجمات المسلحة في فرنسا. وقال محامي عشرات الضحايا في جمعية «13 أونز 15 أخوة - حقيقة» جان رينهارت، إن طلب النيابة يؤكد بالتفصيل أن «ليس هناك رجل واحد هو عبد السلام؛ بل 15 شخصاً على الأقل ساهموا بعناية في الإعداد للاعتداءات». وأضاف أن «الصمت الذي يلتزمه البعض (المتهمون) لم يمنع ظهور الحقيقة».
ووقعت الوثيقة التي تقع في 562 صفحة تضم نتائج تحقيق استمر أربع سنوات وكان حجمه غير مسبوق، في 21 نوفمبر، وأرسلت إلى أكثر من 1740 طرفاً مدنياً، كما قالت نيابة مكافحة الإرهاب في بيان. وأول شخص تذكره النيابة هو البلجيكي أسامة عطار الذي يشتبه بأنه خطط للاعتداءات من سوريا، ويمكن أن يحاكم غيابياً بتهمة «إدارة منظمة إرهابية» و«التواطؤ في جرائم قتل في عصابة منظمة». وهذا المقاتل الذي عرف باسمه الحركي «أبو أحمد» ويعد من «أمراء» تنظيم «داعش» لم يتم توقيفه وتعتبره الاستخبارات ميتاً. أما صلاح عبد السلام المسجون في فرنسا منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف سنة، فيمكن أن يحاكم بتهم «القتل ومحاولة القتل والاحتجاز في إطار عصابة منظمة، وعلى علاقة بمنظمة إرهابية». ويحتجز صلاح عبد السلام في سجن انفرادي، وباستثناء بعض المناسبات النادرة، التزم الصمت أمام قضاة التحقيق الذين استدعوه مرات عدة.
وطلبت النيابة أيضاً محاكمة عدد من أعضاء المجموعة الجهادية الفرنسية البلجيكية، التي تقف وراء اعتداءات بروكسل، بتهمة التواطؤ في هذه الجرائم. وهؤلاء هم سفيان عياري، وأسامة كريم، ومحمد عبريني، ومحمد بكالي. في المجموع هناك 14 شخصاً بيد القضاء الفرنسي أو القضاء البلجيكي في هذا الملف، بينهم خبراء في المسائل اللوجستية ووسطاء مفترضون.
وقد وضع 11 منهم في التوقيف الاحترازي، بينما يخضع ثلاثة آخرون لمراقبة قضائية. وبين الأشخاص الستة الذين استهدفتهم مذكرة توقيف أحمد دهماني. ومعظم الخمسة الباقين يعتقد أنهم قتلوا في منطقة الحدود العراقية السورية؛ لكن في غياب تأكيد لذلك يمكن أن يحاكموا.
وعبرت محامية عدد من الضحايا، سامية مكتوف، عن أسفها لأنه «لن يقف في قفص الاتهام كل الأشخاص الذين شاركوا في هذه الاعتداءات». من جهته، قال أوليفييه موريس، محامي 35 عائلة، إن «العائلات تنتظر عقد الجلسات في أسرع وقت ممكن؛ لكنها مدركة أن الأمر لن يحدث قبل 2021 على الأرجح».
وفي 13 نوفمبر 2015، هاجمت ثلاث مجموعات مسلحة مؤلفة من تسعة رجال عدداً من النقاط في العاصمة الفرنسية وفي سان دونيه بشمال باريس، من محيط ملعب كرة قدم إلى شرفات مطاعم وقاعة للحفلات الموسيقية في مسرح باتاكلان.
وكشفت التحقيقات وجود خلية أكبر من ذلك تقف وراء الاعتداءات التي تبناها تنظيم «داعش» ولها فروع في كل أوروبا، وخصوصاً في بلجيكا. وفي 22 مارس 2016 ضربت أيضاً مطار ومترو بروكسل، ما أسفر عن مقتل 32 شخصاً.
وفي منتصف يوليو (تموز) الماضي، انتهت التحقيقات في ملف تفجيرات بروكسل، والجميع الآن في انتظار تحديد موعد المحاكمة، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية، التي أضافت أن ملف التحقيقات جرى تسليمه من مكتب التحقيقات إلى المدعي العام، عقب انتهاء التحقيقات في يونيو (حزيران) الماضي، والتي استمرت ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، ويتضمن ملف الدعوة 6200 محضر وآلاف الوثائق التي تجرى ترجمتها إلى 9 لغات مختلفة تمثل غالبية الضحايا.
وتجرى الآن التحضيرات العملية التي تسبق تحديد جلسات المحاكمة، والمتوقعة العام المقبل. وكان وزير العدل البلجيكي جينس كوين، قد أعلن قبل أيام قليلة، عن اختيار المقر القديم لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، ليكون مقراً لمحكمة مؤقتة لمحاكمة المتهمين في ملف تفجيرات بروكسل، وذلك بعد أن وافق المجلس الوزاري البلجيكي على هذا الأمر.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».