خامنئي اطلع على خطة «الحرس الثوري» للهجوم على السعودية

قياديون ناقشوا مهاجمة أهداف ذات قيمة عالية بما فيها قواعد أميركية رداً على ضغوط واشنطن

الناطق باسم وزارة الدفاع السعودية العقيد تركي المالكي يعرض بقايا صواريخ إيرانية استهدفت السعودية في سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
الناطق باسم وزارة الدفاع السعودية العقيد تركي المالكي يعرض بقايا صواريخ إيرانية استهدفت السعودية في سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

خامنئي اطلع على خطة «الحرس الثوري» للهجوم على السعودية

الناطق باسم وزارة الدفاع السعودية العقيد تركي المالكي يعرض بقايا صواريخ إيرانية استهدفت السعودية في سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
الناطق باسم وزارة الدفاع السعودية العقيد تركي المالكي يعرض بقايا صواريخ إيرانية استهدفت السعودية في سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)

كشفت وكالة «رويترز»؛ بناءً على معلومات من مصادر إيرانية مسؤولة، عن تفاصيل جديدة حول تورط طهران في الهجوم على منشآت «أرامكو» جنوب السعودية منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي؛ بما فيها 5 اجتماعات حضر أحدها المرشد الإيراني علي خامنئي وناقش فيها خطة الهجوم على منشآت نفطية بالخليج رداً على استراتيجية «الضغط الأقصى» التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بهدف إجبار إيران على اتفاق يحتوي دورها الإقليمي وتطويرها الصواريخ الباليستية.
وقالت الوكالة في تقرير نشرته أمس إن مسؤولين أمنيين إيرانيين اجتمعوا خلال مايو (أيار) الماضي في مجمع شديد التحصين بطهران لمناقشة خطة الهجوم. وكان بين الحاضرين قيادات عليا في «الحرس الثوري»؛ الجهاز الموازي للجيش الإيراني وفق هيكلة المؤسسات العسكرية الإيرانية وهو مسؤول عن تطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة والعمليات السرية خارج الحدود الإيرانية عبر ذراعه الخارجية «فيلق القدس».
وكان الموضوع الرئيسي في اجتماع مايو الماضي هو كيفية معاقبة الولايات المتحدة على انسحابها من الاتفاق النووي وعودتها إلى فرض عقوبات اقتصادية على إيران ومنعها من تصدير النفط، وهما الخطوتان اللتان سددتا ضربة شديدة لإيران.
ووقف أحد كبار القادة يخاطب الحاضرين في حضور قائد «الحرس الثوري» اللواء حسين سلامي الذي كان قد تولى منصب قيادة «الحرس الثوري» بعد أيام من تصنيف تلك القوات على قائمة المنظمات الإرهابية في منتصف أبريل (نيسان). ونقلت «رويترز» عن 4 مصادر مطلعين على ما دار في الاجتماع، أن هذا القائد قال: «آن أوان لإشهار سيوفنا وتلقينهم درساً».
وبحسب مصادر «رويترز»، فإن «أصحاب الآراء المتشددة تحدثوا في الاجتماع عن مهاجمة أهداف ذات قيمة عالية؛ بما في ذلك القواعد العسكرية الأميركية». ومع ذلك، فقد كان ما تمخض عنه الاجتماع في النهاية خطة لا تصل إلى حد المواجهة الصريحة التي يمكن أن تسفر عن رد أميركي مدمر.
اختارت إيران بدلاً من ذلك استهداف منشآت نفطية في الخليج، خصوصاً في السعودية، وهو اقتراح ناقشه كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين في ذلك الاجتماع في شهر مايو، وفي 4 اجتماعات على الأقل تلته.
وتمثل هذه الرواية للأحداث كما ذكرت «رويترز» 3 من المسؤولين المطلعين على الاجتماعات ومسؤولاً رابعاً مطلعاً على عملية صنع القرار في إيران، وهي أول وصف للدور الذي لعبته قيادات إيرانية في التخطيط لشن هجوم في 14 سبتمبر الماضي على شركة «أرامكو السعودية».
وقال هؤلاء المسؤولون إن المرشد علي خامنئي «وافق على العملية بشروط مشددة؛ أن تتجنب القوات الإيرانية إصابة أي مدنيين أو أميركيين».
وكانت السعودية والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا حمّلت إيران مسؤولية الهجوم، في وقت أصرت فيه طهران على أنها لم تتورط في الهجوم.
ونقلت «رويترز» عن المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك علي رضا مير يوسفي، رفضه «هذه الرواية للأحداث». وقال: «إيران لم تلعب دوراً في الهجمات، ولم تنعقد أي اجتماعات لكبار المسؤولين الأمنيين لبحث مثل تلك العملية، وخامنئي لم يصدر تفويضاً بأي هجوم». وقال عن تلك الاجتماعات وما قيل عن دور خامنئي: «لا، لا، لا، لا، لا، وكلا».
ولم يعلق مسؤول كبير بإدارة ترمب مباشرة على ما توصلت إليه «رويترز»، لكنه قال إن مسلك طهران «وتاريخها من الهجمات المدمرة على مدى عشرات السنين ودعم الإرهاب هو السبب في أن اقتصادها في حالة فوضى».
ودفع الهجوم بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى اتهام إيران بشن «عمل من أعمال الحرب». وتلا ذلك فرض عقوبات أميركية إضافية على طهران. كما قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة شنت هجمات إلكترونية على إيران.
وقال المسؤول المطلع على عملية صنع القرار في إيران إن الخطة التي وضعها القادة العسكريون الإيرانيون لضرب منشآت النفط السعودية تطورت على مدار أشهر عدة، مضيفاً أن «التفاصيل نوقشت باستفاضة في 5 اجتماعات على الأقل وصدرت الموافقة النهائية» بحلول سبتمبر الماضي.
وقال 3 من المسؤولين إن هذه الاجتماعات انعقدت في موقع مؤمّن داخل المجمع الواقع في جنوب طهران. وقالوا إن المرشد علي خامنئي حضر أحد هذه الاجتماعات في مقر إقامته الواقع أيضاً داخل المجمع. وقال المسؤولون الثلاثة إن من بين من حضروا بعضاً من هذه الاجتماعات يحيى رحيم صفوي أكبر مستشاري خامنئي العسكريين ونائب لقاسم سليماني الذي يقود العمليات العسكرية الخارجية والسرية لـ«الحرس الثوري».
وأوضح المسؤول المطلع على عملية صنع القرار أن من بين الأهداف المحتملة التي نوقشت في البداية مرفأً بحرياً في السعودية. ولم يشأ المصدر أن يذكر تفاصيل إضافية.
وقال المسؤولون الأربعة إنه تم استبعاد هذه الأفكار في نهاية المطاف بسبب مخاوف من وقوع خسائر بشرية كبيرة يمكن أن تؤدي إلى رد قاسٍ من الولايات المتحدة وتشجع إسرائيل بما قد يدفع بالمنطقة إلى الحرب.
وقال المسؤول المطلع على صنع القرار إن المجموعة استقرت على خطة مهاجمة المنشأتين النفطيتين بالسعودية «لأنها يمكن أن تحتل عناوين الصحف وتلحق ضرراً اقتصادياً بخصم، وتوصل في الوقت نفسه رسالة قوية لواشنطن».
وقال المسؤول: «جرى التوصل إلى الاتفاق على (أرامكو) بالإجماع تقريباً. الفكرة كانت استعراض قدرة إيران على الوصول للعمق وقدراتها العسكرية».
وكان الهجوم هو الأسوأ على منشآت نفطية في الشرق الأوسط منذ أضرم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين النار في حقول نفط كويتية خلال أزمة الخليج في 1991.
وقالت مارثا ماكسالي عضو مجلس الشيوخ الأميركي، وهي جمهورية سبق لها العمل في القوات الجوية وأطلعها مسؤولون أميركيون وسعوديون على الوضع وزارت منشأة بقيق عقب الهجوم، إن منفذي العملية كانوا يعرفون بدقة أين ينبغي أن يضربوا لإحداث أكبر ضرر ممكن. وأضافت أن الهجوم «كشف عن شخص يفهم جيداً عمليات منشأة مماثلة لما لديه؛ وليس مجرد قصف أهداف بناء على صور أقمار صناعية». وذكرت أن الطائرات المسيرة والصواريخ «جاءت من أرض إيرانية... من قاعدة إيرانية».
بدوره، قال مصدر شرق أوسطي أطلعته دولة تحقق في الهجوم على مجرياته، إن موقع انطلاق الهجوم هو قاعدة الأحواز الجوية في جنوب غربي إيران.
ويماثل هذا التقييم ما نقلته وكالة «رويترز» سابقاً عن 3 مسؤولين أميركيين وشخصين آخرين وهما مسؤول مخابرات غربي ومصدر غربي يعمل في الشرق الأوسط. وقال هؤلاء إنه بدلاً من الطيران مباشرة من إيران إلى السعودية فوق الخليج، أخذت الصواريخ والطائرات المسيرة مسارات مختلفة غير مباشرة إلى المنشآت النفطية في إطار مسعى إيران لإخفاء تورطها في الهجوم.
ووفقاً لمصدر المخابرات الغربي، فقد طارت بعض الطائرات المسيرة فوق العراق والكويت قبل أن تصل إلى السعودية، وهو ما منح إيران فرصة «الإنكار المعقول» لتورطها في الأمر. وأضاف قائلاً: «كان الأمر سيصبح مختلفاً لو أن الصواريخ والطائرات المسيرة شوهدت أو سُمعت وهي تطير في طريقها للسعودية فوق الخليج من مسار طيران جنوبي».
وأطلع قادة «الحرس الثوري» خامنئي على «العملية الناجحة» بعد ساعات من الهجوم، وفقاً للمسؤول المقرب من دوائر صنع القرار الإيراني.
ولا يخضع «الحرس الثوري» للحكومة الإيرانية، ولا يرفع تقاريره سوى إلى خامنئي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة. واتسم رد فعل خامنئي بالتحدي لتخلي ترمب العام الماضي عن الاتفاق النووي.
وأدى ذلك الاتفاق مع الأعضاء الخمسة الدائمين لدى مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا) بالإضافة إلى ألمانيا، إلى رفع عقوبات بمليارات الدولارات على إيران مقابل تقييد طهران برنامجها النووي.
ودفعت مطالبة ترمب باتفاق أفضل، إلى شروع إيران في استراتيجية على مسارين لتخفيف آثار إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها تسببت في شلّ حركة صادراتها النفطية وعزلت إيران عن النظام المصرفي العالمي بالكامل تقريباً.
وأبدى الرئيس الإيراني حسن روحاني استعداداً لمقابلة المسؤولين الأميركيين بشرط رفع كل العقوبات. وبشكل متزامن تتباهى إيران بقدراتها العسكرية والتقنية.
وفي الأشهر الأخيرة أسقطت إيران طائرة استطلاع مسيّرة أميركية، واحتجزت ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20 في المائة من حركة النفط العالمية. وأعلنت طهران عن تكوين مخزونات من اليورانيوم المخصب انتهاكاً للاتفاق النووي وذلك في إطار تعهدها باستئناف برنامجها النووي.
وكانت هجمات «أرامكو» تصعيداً جاء في وقت يعكف فيه ترمب على تنفيذ هدفه المعلن منذ وقت طويل بسحب القوات الأميركية من الشرق الأوسط.
وبعد أيام فقط من إعلان سحب مفاجئ للقوات الأميركية من شمال سوريا قالت إدارة ترمب في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إنها سترسل مقاتلات وأسلحة للدفاع الصاروخي وقوات إضافية قوامها 2800 جندي إلى السعودية لتعزيز دفاعات المملكة.
وحذر وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر طهران في لقاء مع الصحافيين قائلاً: «لا تهاجموا دولة أخرى ذات سيادة، ولا تهددوا المصالح الأميركية أو القوات الأميركية، وإلا فسنرد».
ودحض مسؤول رفيع بإدارة ترمب فكرة أن عملية إيران عززت قدرتها في التوصل إلى اتفاق لتخفيف العقوبات الأميركية عليها. وقال: «إيران تعرف تماماً ما الذي يتعين عليها عمله لرفع العقوبات».
وتقول الإدارة الأميركية إن على إيران إنهاء الدعم للجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، والخضوع لشروط أشد صرامة تقضي تماماً على طموحاتها النووية. وترفض إيران الاستجابة لـ12 شرطاً أميركياً، وفي المقابل، تطالب طهران القوات الأميركية بمغادرة المنطقة.
وأشارت «رويترز» إلى تفاصيل آخر الاجتماعات التي عقدت قبيل الهجوم على منشأتي النفط السعوديتين، وأفادت: «قائد آخر في (الحرس الثوري) الإيراني يتطلع للمستقبل بالفعل» وفقاً للمسؤول المقرب من دوائر صنع القرار الإيرانية والذي جرى إطلاعه على ما دار في ذلك اللقاء. وقال القائد لكبار المسؤولين الأمنيين: «ابدأوا التخطيط للهجوم التالي».



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.