توقيف {خليفة الترابي» في قضية انقلاب 1989

النيابة الجنائية في السودان تحقق مع علي الحاج وتودعه السجن المركزي بكوبر

أنصار الرئيس المعزول امام قاعة محاكمته السبت وفي الاطار القيادي الإسلامي علي الحاج (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس المعزول امام قاعة محاكمته السبت وفي الاطار القيادي الإسلامي علي الحاج (أ.ف.ب)
TT

توقيف {خليفة الترابي» في قضية انقلاب 1989

أنصار الرئيس المعزول امام قاعة محاكمته السبت وفي الاطار القيادي الإسلامي علي الحاج (أ.ف.ب)
أنصار الرئيس المعزول امام قاعة محاكمته السبت وفي الاطار القيادي الإسلامي علي الحاج (أ.ف.ب)

اقتادت قوة من الشرطة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، علي الحاج محمد، إلى النيابة الجنائية للتحقيق معه في بلاغ ضد مدبري انقلاب الإنقاذ 1989، مدون ضد المخططين والمشاركين في الانقلاب الذي قاده الرئيس المعزول عمر البشير، في حين لا يزال القيادي إبراهيم السنوسي طليقاً لم يلق القبض عليه رغم صدور أوامر القبض ضده، وهي اتهامات تصل عقوبتها الإعدام والسجن المؤبد.
وخلف الحاج زعيم الإسلاميين السودانيين الراحل حسن الترابي وتولى الأمانة العامة، التي تعد أعلى منصب في الحزب الذي أنشأه الترابي، بعد انشقاقه من المجموعة الحاكمة 1999 ومغادرته حزبها «المؤتمر الوطني»، وأطلق عليه «حزب المؤتمر الشعبي».
وخاض الحزب الجديد معارضة شرسة ضد «الإخوان السابقين» في الحكم وتعرض خلالها قادة الحزب وأمينه العام للاعتقال المطول والمطاردات، بيد أن الترابي وقبيل رحيله بوقت قصير قرر «التصالح» مع إخوانه السابقين.
وعاد الترابي وحزبه إلى السلطة بعد قطيعة طويلة، من بوابة ما أطلق عليه «الحوار الوطني» الذي كانت ثمرته، أن حزبه كان مشاركاً في السلطة بمساعد رئيس وأكثر من وزير وعضوية في المجلس الوطني، حين أسقط النظام الإخواني في أبريل (نيسان) الماضي بالثورة الشعبية المعروفة.
وألقت قوة من النيابة العامة القبض على الحاج داخل منزله، على خلفية بلاغ مدون ضده على اتهامات المشاركة في تنفيذ انقلاب الإسلاميين ضد الحكومة الديمقراطية المنتخبة وتقويض النظام الدستوري، وبحسب تقارير صحيفة، وصف الحاج القبض عليه بأنه عمل عدائي ضد الدولة وكيد سياسي متوقع الحدوث، وأبدى استعداده للمثول أمام النيابة، وقلل من القبض عليه واعتبره عملاً انصرافياً، بيد أنه لوح بترتيبات وتدابير سيتخذها حزبه.
وكان الحزب قد هدد في وقت سابق، بحشد جماهيره ومحاصرة مكتب النائب العام، حال القبض على الحاج وإبراهيم السنوسي الأمين العام السابق، معتبراً القبض على الرجلين «تصفية حسابات وخصومة سياسية».
وذكر القيادي بالحزب الأمين عبد الرازق في تصريحات عقب القبض على الحاج، أن قوة من رجال الشرطة جاءت للمنزل تحمل أمر قبض، ثم أخذته لنيابة الخرطوم شمال مستقلاً سيارته الخاصة.
ونشر الحزب في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو سجل خلاله لحظة القبض على الحاج، وحوله مجموعة من مؤيديه وأنصار حزبه، وهم يهللون ويكبرون، ويلوحون بشارات النصر، في حين صعد الحاج إلى سيارة صغيرة بيضاء وهو يمد يده بعلامة النصر، مردداً هتافات مؤيديه.
ونقل عبد الرازق، وهو محامٍ، أن البلاغات المدونة ضد الحاج، تتضمن تهماً بإعلان الحرب والمشاركة في انقلاب الإسلاميين، وقال إن قضية الانقلاب انتهت بالتقادم بعد مرور عشر سنوات عليها بحسب القانون السوداني، واصفاً الأمر بأنه نتيجة لما أطلق عليها دولة «اللا قانون».
وقبل عشرة أيام أعلن منسق اللجنة القانونية في التحالف الحاكم «قوى إعلان الحرية والتغيير» محمد الحسن عربي، في نشرة صحافية، أن النيابة العامة الجنائية طالبت سلطات السجون تسليمها كلاً من «عمر البشير، علي عثمان محمد طه، ونافع علي نافع، وعوض أحمد الجاز»، على خلفية ضلوعهم في تدبير الانقلاب. وأوضح عربي، أن النيابة أصدرت أوامر قبض بمواجهة أعضاء مجلس الانقلاب الأحياء من العسكريين والمدنيين، وأصدرت أوامر باعتقال المدنيين، ومن بينهم «علي الحاج محمد، وإبراهيم السنوسي»، وأصدرت أوامر حظر سفر ضد المتهمين، وألقت القبض على عضو مجلس الانقلاب العميد يوسف عبد الفتاح.
وفي 13 مايو (أيار) الماضي تقدم عدد من المحامين، يترأسهم المحامي الراحل علي محمود حسنين، بعريضة دعوى ضد البشير وقادة الانقلاب في 30 يونيو (حزيران) 1989، تحت تهم تقويض النظام الدستوري في البلاد. وبعد تدوين البلاغ بمواجهة مدبري انقلاب الإنقاذ، استدعت النيابة في 22 يونيو الماضي رئيس الوزراء المنتخب الصادق المهدي واستمعت إلى أقواله بشأن الانقلاب ضد حكومته.
وبحسب مصدر، فإن النيابة حققت مع الحاج، ثم أودعته السجن المركزي في كوبر على خلفية البلاغ الجنائي المدون ضده، ليلحق بكل مع الرئيس المعزول عمر البشير، ونائبه الأسبق علي عثمان محمد طه، ومساعده الأسبق نافع علي نافع، ووزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، وعدد آخر من رموز النظام المعزول، ألقى القبض عليهم غداة سقوط النظام.
ودبر زعيم الجبهة القومية الإسلامية – الاسم السوداني لحركة الإخوان المسلمين – حسن عبد الله الترابي الانقلاب بمشاركة أعضاء مجلس الشورى، ثم استدعى عضو التنظيم العميد عمر البشير لقيادة الانقلاب وتسلم الرئاسة.
ويضم «مجلس قيادة الثورة»، كلاً من العميد عمر البشير، العميد الزبير محمد صالح، عميد فيصل علي أبو صالح، العميد التجاني آدم الطاهر، المقدم فيصل مدني مختار، الرائد إبراهيم شمس الدين، العميد بيويو كوان، عميد دومينك كاسيانو، عقيد مارتن ملوال، مقدم محمد الأمين خليفة، عميد عثمان أحمد حسن، مقدم بكري حسن صالح، عقيد سليمان محمد سليمان، عميد التجاني آدم الطاهر، عقيد صلاح كرار، إلى جانب المدنيين المنتمين للتنظيم الذين ارتدوا الملابس العسكرية للمشاركة في الانقلاب، توفي منهم خمسة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.