جهات تتقاسم السيطرة على الطريق الدولي شرق الفرات

دورية أميركية على الطريق السريعة «إم 4» شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
دورية أميركية على الطريق السريعة «إم 4» شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

جهات تتقاسم السيطرة على الطريق الدولي شرق الفرات

دورية أميركية على الطريق السريعة «إم 4» شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
دورية أميركية على الطريق السريعة «إم 4» شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

أفرزت العملية التركية الأخيرة واقعاً مغايراً في شرق الفرات، وبات الطريق «إم 4» بين مدينتي حلب شمال البلاد، والقامشلي الواقعة في شمال شرقي سوريا، متعددة السيطرة بحسب تموضع كل جهة عسكرية سورية مع جهة ثانية. والطريق الذي يصل حتى المعبر الحدودي مع العراق (اليعربية-ربيعة) ويبلغ طوله 455 كلم، تحول إلى هدف للجهات السورية المتحاربة للسيطرة عليه، بالتزامن مع تفاهمات دولية بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية على تسيير دورياتها وعدم استهدافها من نيران صديقة على الأرض.
وتبسط القوات النظامية السورية سيطرتها النارية على الطريق الدولي من حلب إلى بلدة تادف التابعة لمدينة الباب شرقاً بمسافة 30 كلم، ومن تادف حتى بلدة العريمة وبطول 20 كلم تسيطر عليها فصائل عملية «درع الفرات» الموالية لتركيا، أما من العريمة حتى بلدة عين عيسى والتي تقع بريف الرقة الغربي وبطول 115 كلم تفرض «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية سيطرتها، بينما تفرض فصائل عملية «نبع السلام» التي أطلقها الجيش التركي وفصائل سوريا موالية في 9 من الشهر الماضي، سيطرتها النارية من عين عيسى حتى بلدة تل تمر التابعة لمدينة الحسكة وتبلغ مسافتها 130 كلم.
ولا تزال «قوات سوريا الديمقراطية» تفرض السيطرة على باقي المسافة من بلدة تل تمر وحتى معبر اليعربية مع الجانب العراقي بطول 160 كلم، وفي إفادة صحافية مع راديو (أرتا إف إم) المحلية، أشار مظلوم عبدي قائد القوات بأن الأوضاع تغيرت منذ شهر بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب ودخول الجيش التركي، وقال: «جميع القوى تريد أن تعرف دورها، والمباحثات مستمرة مع جميع الأطراف، نحن نعقد لقاءات مع دمشق ومع كل من موسكو وواشنطن، توجد أيضاً محادثات بين موسكو وواشنطن، وستستمر هذه اللقاءات إلى أن تتضح الصورة أكثر»، وشدّد بأن الوضع النهائي لخارطة توزع القوى العسكرية المنتشرة حالياً في شرق الفرات، ستتضح خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأفاد بأن القوات الأميركية إضافة إلى المناطق المنتشرة فيها الآن، «ستنتشر إلى جانب قواتنا في مناطق الجزيرة والقامشلي ودير الزور والشدادة وديريك والحسكة». ودعا عبدي الولايات المتحدة وروسيا إلى ممارسة ضغوط جدية وعملية على تركيا: «وعدم الاكتفاء بالبيانات لوقف العدوان التركي على روجآفا»، في إشارة إلى المناطق ذات الغالبية الكردية شمال شرقي سوريا.
والطريق الدولي السريع الذي أنجز في خمسينيات القرن الماضي، وكان بمثابة شريان اقتصادي يصل سوريا بالعراق وتركيا وإلى شواطئ البحر المتوسط، تحول جانبيه إلى شريطٍ حدودي فاصل ومناطق تماس بين المناطق الخاضعة لفصائل «درع الفرات» و«نبع السلام» الموالية لتركيا من جهة، و«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية من جهة ثانية، والقوات النظامية المدعومة من روسيا من جهة ثالثة.
ويرى أحمد يوسف الخبير الاقتصادين الطريق السريع تأتي أهميته الاستراتيجية كونه يصل مدنا رئيسية في شمال البلاد بالمعابر الحدودية ومصادر الطاقة والنفط في شرق الفرات، وقال: «بما أن خارطة توزع الطاقة المتجددة وغير المتجددة تشير إلى الأهمية النسبية للمحافظات الشرقية الثلاث وهي الرقة ودير الزور والحسكة، فقد دخلت تلك المحافظات في صلب حسابات المتنازعين في مراحل الصراع السوري».
واكتسبت هذه المدن أهميتها في حسابات القوى التي سيطرت على الساحة السورية لسبيبين رئيسيين: «أولهما تمركز مصادر الطاقة من الغاز والنفط المستخدم للأغراض الاستهلاكية والصناعية على حدٍ سواء، وثانيهما وجود ثلاثة سدود في هذه المحافظات»، لافتاً أن الطاقة الإنتاجية للسدود المشيدة على نهر الفرات، «والواقعة كلها تحت سيطرة (قوات سوريا الديمقراطية) 1585 ميغاواط، وهي تعادل 20 في المائة من الطاقة الكهربائية المتولدة عن طريق محطات التوليد الغازية والبخارية والنفطية في سوريا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».