التقنيات الحديثة تنقل القطاع العقاري في منطقة الخليج إلى مستويات جديدة

مع بدء تشغيل «الجيل الخامس» وزيادة استخدامات «الواقع الافتراضي» و«الواقع المعزز»

تقنية شبكة الجيل الخامس للاتصالات ستنقل القطاع العقاري في المنطقة لتحوّل رقمي شامل يتمثل في انتشار تطبيقات ومنصات التكنولوجيا العقارية الذكية (الشرق الأوسط)
تقنية شبكة الجيل الخامس للاتصالات ستنقل القطاع العقاري في المنطقة لتحوّل رقمي شامل يتمثل في انتشار تطبيقات ومنصات التكنولوجيا العقارية الذكية (الشرق الأوسط)
TT

التقنيات الحديثة تنقل القطاع العقاري في منطقة الخليج إلى مستويات جديدة

تقنية شبكة الجيل الخامس للاتصالات ستنقل القطاع العقاري في المنطقة لتحوّل رقمي شامل يتمثل في انتشار تطبيقات ومنصات التكنولوجيا العقارية الذكية (الشرق الأوسط)
تقنية شبكة الجيل الخامس للاتصالات ستنقل القطاع العقاري في المنطقة لتحوّل رقمي شامل يتمثل في انتشار تطبيقات ومنصات التكنولوجيا العقارية الذكية (الشرق الأوسط)

تستعد دول منطقة الخليج لتطبيق تقنية شبكة الجيل الخامس للاتصالات، بما تحمله معها من سعات وسرعات هائلة للإنترنت، وقدرات معالجة فورية للبيانات، يتطلع القطاع العقاري في المنطقة لتحوّل رقمي شامل يتمثل في انتشار تطبيقات ومنصات التكنولوجيا العقارية الذكية التي تستخدم تقنيات «الواقع الافتراضي» و«الواقع المعزز» و«تحليل البيانات الضخمة» وتقنية «سلسلة الكتل أو البلوك تشين» لتقديم تجربة رقمية متكاملة للمستثمرين والباحثين عن الخيارات العقارية التجارية أو السكنية أو السياحية في المنطقة.
وسنشاهد في المستقبل القريب في دول المنطقة، مثل السعودية والإمارات والبحرين، التي تستكمل بسرعة فائقة مراحل التحول الرقمي في بنيتها التحتية التكنولوجية المتقدمة، صعود سوق رقمية تفاعلية للعقارات تؤهّل المستثمرين والمتعاملين لإنجاز مختلف عمليات المعاينة والتفاوض وحجز العقارات وتسجيلها ونقل ملكيتها؛ دون الحاجة حتى إلى زيارة العقار أو المكتب العقاري أو الدوائر الحكومية المعنية بالعقارات والأراضي.
وقال غابريت سيثي، الرئيس التنفيذي لشركة «هيكس جين» ومُعد استبيان «بروب تيك تايم» العالمي لعام 2019: «يسهم قطاع العقارات المتنامي في المنطقة في تعزيز الطلب على منظومة قوية للتكنولوجيا العقارية. كما أن التطورات التقنية مثل الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والمستشعرات والطائرات بلا طيار، سيكون لها أثر كبير على القطاع العقاري. إن الابتكار والتغييرات التكنولوجية الإحلالية مهمة جداً لنمو القطاع، كما تسهم التكنولوجيا العقارية في خلق موجة جديدة للقطاع، وهذه هي البداية وحسب، إذ سنقوم بالكشف عن مزيد من المنافع التي توفرها التكنولوجيا لدعم القطاع».
وأضاف «لقد وجدنا في استبيان (بروب تيك تايم) العالمي لعام 2019 أن نحو 80 في المائة من العاملين في القطاع رأوا أن التكنولوجيا العقارية تشكل فرصة يجب استغلالها، لكن يبدو أن نصف العاملين في القطاع فقط جاهزون لتبني هذه التكنولوجيا عبر وضع خطة محكمة وتخصيص ميزانية. ما زال الطريق طويلاً لتبني التكنولوجيا بشكل كامل، لكن المسيرة بدأت فعلاً».

الموجة الجديدة
وبعد أن شهد العالم صعود التكنولوجيا الإحلالية في قطاع الغرف الفندقية والإقامة السياحية، ونمواً غير مسبوق لمنصات رقمية عالمية مثل «إير بي إن بي» و«هوستميكر» التي بسّطت إجراءات عرض أو إيجاد غرف أو عقارات لفترات قصيرة للمسافرين والسياح، يستعد العالم لموجة جديدة من التطبيقات الرقمية الجديدة التي ستنتقل بالقطاع العقاري وتجربة البحث عن عقار إلى مستوى جديد كلياً، حيث يمكن للمستثمرين شراء العقارات وإتمام كافة معاملات تمليكها عن بعد، وذلك من خلال التحويلات المالية الإلكترونية الآمنة التي تستخدم تقنية سلسلة الكتل «بلوك تشين» وتفعيل التوقيع الإلكتروني الموثّق الذي يرتبط ببيانات المستثمر وحساباته المالية ومحفظته العقارية، ويمنع التلاعب بهويته.

الحكومات تقود المبادرة
وعلى عكس الكثير من المناطق في العالم، فإن حكومات المنطقة تأخذ دور الريادة وتقود مسار تسهيل الاستفادة من التكنولوجيا في القطاع العقاري.

المراكز الخمسة الأولى
ففي السعودية، تتطور استخدامات وتطبيقات التكنولوجيا في مختلف المجالات منذ إطلاق كل من برنامج «التحول الوطني 2020» و«رؤية المملكة 2030» وذلك للصعود بالبلاد من المركز 36 إلى المراكز الخمسة الأولى في مؤشر الحكومات الإلكترونية. وهو ما ينعكس إيجاباً بالضرورة على تطوير القطاع العقاري وتعزيز مساهمته في الناتج غير النفطي للمملكة بمواكبته أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا.
خدمات حكومية متكاملة
فيما تطبق الإمارات مبدأ الحكومة الذكية و«رؤية الإمارات 2021» و«مئوية الإمارات 2071» لتستشرف المستقبل في مختلف قطاعات اقتصاد المعرفة والرقمنة والابتكار، ويتم حالياً العمل في الدولة على تجميع الخدمات الحكومية المتكاملة، بما فيها خدمات بيع وشراء وتسجيل العقارات، ضمن منصات رقمية جامعة، تحول الخدمات الحكومية إلى رحلات خدمية متكاملة توظف التكنولوجيا لتوفير الوقت والجهد ورقمنة مختلف الخدمات الحكومية، كما في تجربة «تم» للخدمات الحكومية المتكاملة.

100 في المائة
وفي البحرين، التي بدأت تطبيق شبكة الجيل الخامس مع شبكة النطاق العريض منذ يونيو (حزيران) الماضي، تحرص الكثير من الجهات المعنية بتعزيز البنية التحتية الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات الإقليمية والأجنبية المباشرة، ومنها «مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين»، و«تمكين»، على تعزيز موقع البحرين كبيئة حيوية جاذبة لشركات التكنولوجيا العقارية؛ العالمية منها والناشئة في المنطقة.
وذلك بما توفره من تكاليف تشغيلية منخفضة وعمالة متخصصة مدربة، وبنية تحتية تكنولوجية متطورة، تعتمد تقنيات الجيل الخامس وأحدث تطبيقات التكنولوجيا المالية ونظم المعلومات الجغرافية، إلى جانب منظومة تشريعية مرنة تسمح للشركات الأجنبية في معظم القطاعات الاقتصادية بتملّك أعمالها بنسبة 100 في المائة.

سياحة العقارات
وفيما تشهد المنطقة فعاليات عالمية تستقطب إليها السياح من مختلف أنحاء العالم، ومنها فتح السعودية مؤخراً باب التأشيرة السياحية وتطلعها إلى استقبال 100 مليون سائح بحلول عام 2030، واستعدادات الإمارات لتنظيم حدث «إكسبو 2020» العالمي والذي يتوقع أن يستقطب 25 مليون زائر من مختلف أنحاء العالم، وتركيز البحرين في رؤيتها الاستراتيجية 2030 على الانتقال إلى اقتصاد متنوع منتج قادر على المنافسة عالمياً، يبرز شكل جديد من الخدمات العقارية التي تخدم القطاع السياحي من خلال التأجير قصير الأجل.
وتمثّل التكنولوجيا العقارية في هذا المجال عامل النجاح الأبرز في استقطاب شريحة جديدة من المتعاملين تتمثل في السياح القادمين من خارج المنطقة والراغبين باستكشاف الخيارات المتاحة عن بعد قبل موعد وصولهم لقضاء عطلاتهم والقيام بجولاتهم السياحية، وهنا يأتي دور تكنولوجيا الواقع الافتراضي والمعزز التي تتيح لهم معاينة الأماكن التي سيختارون الإقامة السياحية فيها بتقنية 360 درجة.

تصميم ثلاثي الأبعاد
وتوفر التكنولوجيا العقارية اليوم تطبيقات متكاملة تتيح للعملاء والمستثمرين خيارات جديدة مثل التصميم الداخلي الافتراضي للوحدات العقارية التي يرغبون بشرائها، وتقييم التكلفة التقديرية لتأثيثها أو تغيير تقسيمها أو حتى إكساء أرضياتها وجدرانها وأسقفها بمواد عصرية من اختيارهم. كما يمكن استخدام تطبيقات الذكاء الصناعي مستقبلاً لاحتساب القيمة التقديرية المستقبلية للعقار بعد خمس أو عشر سنوات بحسب المعلومات الجغرافية والبيانات العمرانية والسكانية والخطط الإنمائية المرسومة للمنطقة التي يوجد فيها.

مرحلة جديدة
ومع هذه التطورات فإن القطاع العقاري الذي واصل خلال العقود الماضية الازدهار والنمو على مستوى المنطقة مقبل على مرحلة جديدة واعدة تفتح خلالها التكنولوجيا العقارية بتطبيقاتها المبتكرة المزيد من الآفاق والخيارات للمستثمرين والمتعاملين، بما يلبي تطلعات دول المنطقة الطامحة لتنويع اقتصاداتها واستدامة النمو فيها.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».