«الحراك» الجزائري يواصل الضغط على السلطات لإلغاء الانتخابات

دعوة المترشحين للرئاسية للتوقيع على ميثاق يحدد «أخلاقيات الممارسة الانتخابية»

جانب من مظاهرات العاصمة الجزائرية الرافضة للانتخابات الرئاسية المقررة في الشهر المقبل (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات العاصمة الجزائرية الرافضة للانتخابات الرئاسية المقررة في الشهر المقبل (أ.ف.ب)
TT

«الحراك» الجزائري يواصل الضغط على السلطات لإلغاء الانتخابات

جانب من مظاهرات العاصمة الجزائرية الرافضة للانتخابات الرئاسية المقررة في الشهر المقبل (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات العاصمة الجزائرية الرافضة للانتخابات الرئاسية المقررة في الشهر المقبل (أ.ف.ب)

لم تثن درجات الحرارة المتدنية ولا الأمطار الغزيرة، التي ظلت أمس تتهاطل على العاصمة الجزائرية، والكثير من مناطق البلاد، الآلاف من النزول إلى الشارع للتعبير عن رفضهم «رئاسية» الثاني عشر من الشهر المقبل، والمطالبة بالإفراج عن المتظاهرين المعتقلين، الذين أعلن عن محاكمة تسعة منهم الاثنين المقبل بالمحكمة الابتدائية «سيدي امحمد» بالعاصمة.
ورفع المتظاهرون بشوارع العاصمة وساحاتها العامة صور أشهر المعتقلين، أمثال رجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، والناشطين سمير بلعربي وفضيل بومالة، والكثير من الشباب المعروفين بـ«حاملي الراية الأمازيغية». كما شوهد قياديون بـ«حزب العمال»، وهم يحملون صورة زعيمته لويزة حنون، التي أدانها القضاء العسكري بـ15 سنة سجنا.
وأعلنت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين» عن اعتقال ثلاثة ممن كانوا يحملون راية الأمازيغ أمس، بالضاحية الشرقية حينما كانوا بصدد التوجه إلى وسط العاصمة؛ حيث اقتادهم رجال الدرك إلى مركز أمني. وأكدت اللجنة أن أحدهم، يدعى جيلالي الوضاحي سيقدم للنيابة غدا الأحد. كما أكدت أن تسعة من معتقلي الحراك الذين يوجدون بالسجن منذ يوليو (تموز) الماضي، سيحاكمون الاثنين، بتهمة «المس بالنظام العام»، و«تهديد الوحدة الوطنية».
ولوحظ تراجع في عدد المتظاهرين مقارنة بالجمعة الماضية، التي تزامنت مع احتفالات ثورة الاستقلال (1954 – 1962). وقال مراقبون إن أكثر من 20 مليون جزائري تظاهروا في الشارع بهذه المناسبة الأسبوع الماضي.
وخلال مسيرات أمس، جدد المتظاهرون مطلب «بناء دولة مدنية وليس عسكرية»، و«لا للانتخابات مع العصابات». كما هاجموا المترشحين الخمسة للاستحقاق، الذين يجسدون برأيهم «استمرار حكم الرئيس بوتفليقة»، وخاصة رئيس وزرائه السابق عبد المجيد تبَون.
ونزل أفراد من عائلة بورقعة بكثافة إلى المظاهرات، والتف حولهم عشرات الأشخاص المتلهفين لسماع أخباره، بعد نقله من السجن إلى مستشفى خارجي الثلاثاء الماضي؛ حيث أجريت له عملية جراحية. وقالت ابنته نبيلة: «لقد منعت من زيارة والدي أمس (الخميس) لأسباب لم تبلغ لي، وقد شاهدته صدفة وهو على كرسي متحرك في بهو الجناح المخصص للمساجين بالمستشفى، وبادلني ابتسامة، لكن بدا لي أنه متعب جدا. أليس عارا على مسؤولي البلاد أن يحرموا رجلا في الـ87 من دفء العائلة، فقط لأنه عبر عن رأي سياسي يخالف سياستهم؟».
وتتابع النيابة «شيخ المعتقلين السياسيين» بتهمة «إضعاف معنويات الجيش»، على إثر وصفه جيش البلاد بـ«ميليشيا». علما بأن قائد الجيش الجنرال قايد صالح يتعامل بحساسية بالغة مع انتقاد المؤسسة العسكرية، أو انتقاده هو شخصيا، وقد سجن الكثير من الناشطين السياسيين وحتى أشخاصا عاديين، لمجرد أنهم جهروا بمعارضتهم خطط حل الأزمة التي يتبعها.
وكتب جمال صوالحي، قيادي «جبهة العدالة والتنمية» (إسلامية): «حراكنا المبارك باتجاه متصاعد ومتواصل يثير الإعجاب، لكن محاولات طمسه قائمة في الوقت نفسه من أطراف كثيرة؛ فالعصابة ترى فيه خطرا لأنه يوحد الشعب وينشر الوعي، والذين اشترى بوتفليقة ذممهم بالمناصب والامتيازات لضمان ولائهم يقفون ضد الحراك، أو يحاولون تحريفه عن مساره والتشويش عليه لأنه يهدد مصالحهم. والأحزاب المزيفة تهون من قيمته لأنه يفسد نضال بضاعتها الفاسدة أصلاً، ويفضح خيبتها الآيديولوجية والسياسية. وحتى بعض الأطراف الوطنية النظيفة لم تتفاعل مع هذا الحراك بارتياح كبير، لأنها للأسف تزدري نضال الشباب الحر، ولم تتقبل إلى اليوم فكرة اندفاع أسماء شبابية جديدة تحمل دما جديدا لجزائر يفخر بها أبناؤها البررة ويفتدوها، فأهملوا واجبهم نحو الحراك وسارع بعضهم للترشح في الوقت، الذي كان فيه الأحرار يُعتقلون، والإعلام مسلوب ومشلول ومذلول».
وفي سياق التحضير للانتخابات، أعلنت مديرية الحملة الانتخابية لعبد المجيد تبون، في بيان، أنه سيكشف اليوم بفندق بالعاصمة عن شعار حملته. كما أكدت أنه سيعرض على الإعلام تعهداته للناخبين. ومن جهتها أعلنت مديرية حملة المترشح علي بن فليس، رئيس الوزراء سابقا، ورئيس حزب «طلائع الحريات»، أنه سيعرض غدا الأحد برنامجه الانتخابي في لقاء مع وسائل الإعلام.
وكشفت «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» أمس، عن «ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية»، ودعت المترشحين إلى التوقيع عليه على سبيل التقيد به. ومما جاء في الوثيقة أن المتنافسين والأحزاب المشاركة في الانتخابات «يتعهدون باحترام الأحكام القانونية التي تمنع على المترشحين القيام بالحملة بأي وسيلة، أو بأي شكل من الأشكال خارج الفترة القانونية المحددة، لا سيما خلال الأيام الثلاثة التي تسبق يوم الاقتراع، وهي الفترة المعروفة بفترة الصمت الانتخابي. كما يتعين على المتنافسين على منصب رئيس الجمهورية احترام مبدأ حظر استعمال المساجد، وأماكن العبادة، والإدارات العمومية، والمدارس ومراكز التكوين والجامعات لأغراض الدعاية الانتخابية».
كما دعت الوثيقة إلى «الابتعاد عن خطاب التخويف والترويع»، وشددت على «الحق في التصويت»، وعلى «شفافية تمويل الحملات الانتخابية واستقلالية وحياد المؤسسة المكلفة بالانتخابات، والمصالح التابعة لها». مطالبة «كافة الفاعلين والمتدخلين في المسار الانتخابي، من أعضاء السلطة الانتخابية والمترشحين ووسائل الإعلام بمختلف أنواعها، المكتوبة والإلكترونية والسمعية البصرية، بالابتعاد عن كل ما يشوه الفعل الانتخابي».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.