مخاوف ليبية من إنشاء «مراكز فرز للاجئين»

في ظل أنباء عن تجديد اتفاقية مع إيطاليا «تستهدف توطين المهاجرين في البلاد»

مجموعة من المهاجرين غير النظاميين في مركز إيواء بطرابلس (مركز فرع طرابلس)
مجموعة من المهاجرين غير النظاميين في مركز إيواء بطرابلس (مركز فرع طرابلس)
TT

مخاوف ليبية من إنشاء «مراكز فرز للاجئين»

مجموعة من المهاجرين غير النظاميين في مركز إيواء بطرابلس (مركز فرع طرابلس)
مجموعة من المهاجرين غير النظاميين في مركز إيواء بطرابلس (مركز فرع طرابلس)

أثارت تصريحات مسؤولين أوروبيين بشأن رغبتهم تجديد «مذكرة تفاهم» تحد من الهجرة، مخاوف بعض الليبيين من أنباء تحدثت عن مطالبة الحكومة الإيطالية للاتحاد الأوروبي «بدعم إنشاء مراكز فرز للاجئين في ليبيا».
وكانت الحكومة الإيطالية قد وقعت في عام 2017 مع المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس مذكرة تفاهم للحد من الهجرة، المنطلقة من سواحل ليبيا. إلاّ أن مجلس النواب الليبي في شرق البلاد رفض المذكرة لأنها تتضمن بنوداً رآها «تستهدف توطين المهاجرين في البلاد».
وتجددت هذه المخاوف مع اقتراب تجديد هذه المذكرة تلقائياً الشهر الجاري، إذا لم يطلب الجانبان تعديلها.
واستبقت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا إجراء أي تعديل على المذكرة، وقالت في بيان، أمس، إنها «تجدد رفضها لأي مقترح أو مشروع، أو بروتكول، أو اتفاقية أو مذكرة سياسية أو قانونية، يتم من خلالها إعادة المهاجرين الأفارقة إلى ليبيا أو توطينهم فيها».
غير أن وزير الداخلية الإيطالي الأسبق ماركو مينيتي دافع عن الاتفاق الموقع مع حكومة «الوفاق»، لكنه تحدث عن «إمكانية تحسينه».
ونقلت وكالة «نوفا» الإيطالية أمس حديث مينيتي في مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية، عن الاتفاق، وقوله إن «الحكومة الجديدة تُظهر أنها تتمسك جيداً بمبدأ أساسي بخصوص تلك الاتفاقيات، ولا يمكننا التصرف من جانب واحد... يمكن تحسين كل نقطة، ولكن يجب أن يتم ذلك بالتنسيق».
وبسؤاله عما يمكن تغييره في المذكرة الإيطالية - الليبية الجديدة، مقارنة بالأصل، قال مينيتي: «في العامين الأخيرين أصبح التوازن في ليبيا أكثر خطورة... ويجب أن تكون الأولوية لتفريغ معسكرات الاستقبال»، متابعاً: «الآن يبدو أنها تضم ما بين 6 و8 آلاف شخص، لكن بعضها قريب جداً من مناطق القتال في العاصمة، وقد تم إجلاء المهاجرين».
وأشار مينيتي إلى ضرورة تعزيز دور منظمات الأمم المتحدة وأنواعها وخصوصاً المنظمة الدولية للهجرة، التي تضمن العودة التوافقية للمهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، مؤكدا أنه تمكن من كبح عمليات الهجرة «دون المساس بآليات الإنقاذ البحري». ووصف عبد المنعم الحر، أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، مذكرة الاتفاق بأنها «باطلة دستوريا ولا أهلية قانونية لها». وأرجع ذلك في تصريحات صحافية إلى أنها «اعتمدت على معاهدة الصداقة الإيطالية - الليبية، في حين تجاهلت بنود المعاهدة».
من جانبها، ذهبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، إلى أنها «ضد أي مشروع لتوطين المهاجرين واللاجئين في البلاد، أو تحويلها إلى مركز احتجاز كبير للمهاجرين حماية لأوروبا»، كما أنها «لن تسمح، بإلغاء القوانين والتشريعات الليبية، التي تنص على تجريم الهجرة غير المشروعة».
وأمام هذه المخاوف الليبية، دافعت المفوضية الأوروبية عن نفسها، إذ قالت ناتاشا برتود الناطقة باسمها مساء أول من أمس، إنه «لا توجد أي خطط لدى مؤسسات الاتحاد أو وكالاتها المتخصصة لتوقيع اتفاق مع ليبيا بشأن المهاجرين».
ورأت برتود، بحسب وكالة «آكي» الإيطالية، أن «بروكسل لا تزال تعتبر ليبيا مكانا غير آمن، وبالتالي لا يمكن إعادة المهاجرين إلى هذا البلد بعد إنقاذهم في البحر».
وبخصوص المذكرة الموقعة بين إيطاليا وليبيا سنة 2017 بشأن إدارة الهجرة، والتي قد تمدد تلقائياً في حال عدم اعتراض الطرفين، قالت برتود إنها «مسألة ثنائية بين البلدين».
يأتي ذلك، وسط تكهنات بإغلاق مراكز إيواء المهاجرين في غرب البلاد عما قريب، وذلك على خلفية إطلاق أكثر من 100 مهاجر غير شرعيين من مركز إيواء في العاصمة طرابلس الأسبوع الماضي، وهو ما رحبت به مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث قالت إن الوضع غير المستقر في ليبيا ليس ملائما لآلاف المهاجرين الأفارقة، الذين يحاولون العبور من سواحلها إلى أوروبا.
في غضون ذلك، أعلنت مديرية الأمن بمدينة زوارة، أمس، ضبط 39 مهاجراً غير نظامي بالمدينة. وقال المكتب الإعلامي للمديرية، في بيان، إنه «بعد ورود معلومات تفيد بوجود موقع شرق مدينة زوارة، يشتبه أنه يستخدم لجمع المهاجرين غير الشرعيين، تم العثور على مهاجرين يحملون الجنسية البنغلاديشية، حيث تم نقلهم إلى مركز الإيواء التابع لمديرية أمن زوارة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.