«تكتلات سياسية» تعطل تشكيل الحكومة التونسية الجديدة

شغور في 4 وزارات بعد استقالة المتحدث باسم الرئاسة

TT

«تكتلات سياسية» تعطل تشكيل الحكومة التونسية الجديدة

دعت حركة «تحيا تونس»، التي يرأسها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، كافة الأطراف السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى تشكيل «حكومة مصلحة وطنية»، ترتكز على برنامج إصلاح وطني، من أجل الاستمرار في تفعيل الإصلاحات الكبرى ومواصلة الحرب على الإرهاب والفساد، مؤكدة أن هذا المقترح «سيكون مفتوحا أمام مشاركة طيف سياسي وطني واسع، ويحظى بدعم المنظّمات الوطنية.. وسيوفر بشكل أكثر أسباب النجاح، والقدرة على مجابهة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة»، بحسب بيانها.
وجاءت هذه الدعوة مختلفة ومناقضة لمجموعة من المقترحات السابقة التي طرح خلال المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة، المنبثقة عن الانتخابات البرلمانية. فحركة النهضة عرضت «حكومة البرنامج»، أي المعتمدة على وثيقة حكومية تكون بمثابة برنامج تحتكم إليه كل الأطراف السياسية المشاركة في الائتلاف الحاكم. فيما تمسكت «حركة الشعب» بمقترح «حكومة الرئيس»، أي إنها تجاوزت نتائج الانتخابات البرلمانية، التي تمكن حركة النهضة من حقها الدستوري في تشكيل الحكومة، لتنقل بذلك صلاحيات تشكيل الحكومة لرئيس الجمهورية قيس سعيد. كما اقترحت مجموعة من الأحزاب، التي فشلت في تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تشكيل «حكومة وحدة وطنية»، تشارك فيها كل الأطراف السياسية، وهو المطلب الذي رفضته حركة النهضة بقوة، باعتباره لا يعترف بنتائج صناديق الاقتراع.
وتعارض حركة «تحيا تونس» و«حركة الشعب» وحزب «التيار الديمقراطي»، وهي الأحزاب المرشحة لدعم الحكومة التي ستترأسها حركة النهضة، تعيين شخصية من «النهضة» لرئاسة الحكومة، وتضع هذا الشرط من أهم الشروط المطلوبة لحلحلة التأزم السياسي الراهن، الذي يمكن أن يعطل تشكيل الحكومة المقبلة، وفق تصريحات متطابقة لقياداتها السياسية.
في غضون ذلك، أعلن أمس إياد الدهماني، المتحدث باسم رئاسة الحكومة والقيادي السابق في حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (يساري)، عن استقالته من مهامه كوزير لدى رئيس الحكومة، مكلف العلاقة مع (البرلمان)، وهو ما يرفع عدد الوزارات الشاغرة حاليا إلى أربع وزارات، ثلاث منها تدار بالنيابة، وهي الصحة والعدل والدفاع. علاوة على وزارة العلاقة مع البرلمان. ومن شأن هذه الاستقالة أن تزيد حسب مراقبين لشأن المحلي من حجم الضغوط على حركة النهضة للإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة.
من ناحية أخرى، بدأت مجموعة من الأحزاب في دعم مواقعها في البرلمان المقبل، وذلك من خلال تشكيل كتل برلمانية جديدة اعتمادا على نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ حيث أعلن النائب حسونة الناصفي، مرشح «حركة مشروع تونس»، الذي يرأسه محسن مرزوق، عن تشكيل كتلة برلمانية تحت اسم كتلة «الإصلاح الوطني»، وقال إن الإعلان عنها سيتم بشكل رسمي يوم افتتاح المدة النيابية.
وتضم هذه الكتلة البرلمانية مجموعة من الأحزاب التي فشلت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهي حركة مشروع تونس (4 نواب)، وحركة نداء تونس التي يتزعمها حافظ قائد السبسي(نجل الرئيس الراحل الباجي)، والحاصلة على 3 نواب في البرلمان الجديد، وحزب «البديل» الذي يترأسه مهدي جمعة (3 نواب). إضافة إلى حزب «آفاق تونس» بزعامة ياسين إبراهيم (نائبان) وعدد من المستقلين، ليبلغ بذلك عدد أعضاء الكتلة 15 نائبا برلمانيا.
وفي هذا السياق أكد محمد الحامدي، قيادي حزب التيار الديمقراطي، أن حزبه (فاز بـ21 مقعدا) وحركة الشعب (16 مقعدا برلمانيا)، اقتربا من الاتفاق حول تشكيل كتلة برلمانية تجمع نواب الحزبين، مؤكدا أن الطرفين جددا التأكيد على رفضهما ترؤس حركة النهضة للحكومة المقبلة، وهو ما اعتبر من قبل بعض المراقبين «تحالفا سياسيا ضد حركة النهضة».
وقال الحامدي، بعد اجتماع عقده مع قيادات من حركة النهضة، إن الحزبين لهما تصور متقارب بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، مبرزا أنهما اتفقا على التنسيق السياسي، سواء عند المشاركة في الحكم أو الانضمام لصفوف المعارضة خلال المرحلة المقبلة.
وكانت حركة النهضة قد سارعت إثر الاجتماع الأخير بين الطرفين إلى «التشهير» بموقف حزب التيار الديمقراطي، المتمسك بقرار حصوله على وزارات العدل والداخلية والإصلاح الإداري للانضمام إلى الائتلاف الحكومي، في محاولة للضغط عليه بقبول الانضمام إلى الائتلاف الحاكم المقبل دون شروط.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».