العاهل المغربي يعيد وضع مشروع السكك الحديدية على رأس الأولويات

كلفته 42 مليار دولار ويهدف إلى ربط 43 مدينة مغربية

TT

العاهل المغربي يعيد وضع مشروع السكك الحديدية على رأس الأولويات

أعاد العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الواجهة مشروع إنشاء منظومة صناعية للسكك الحديدية بالمغرب، بعد ثلاث سنوات من الجمود. ودعا العاهل المغربي صراحة القطاعات الحكومية المختصة، وزارة التجهيز والنقل ووزارة التجارة والصناعة، إلى تحريك هذا الملف، ووضعه على رأس الأولويات.
وقال العاهل المغربي في خطاب وجهه مساء أول من أمس للشعب المغربي بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء: «إننا ندعو للتفكير، بكل جدية، في ربط مراكش وأغادير بخط السكة الحديدية؛ في انتظار توسيعه إلى بقية الجهات الجنوبية، ودعم شبكة الطرق التي نعمل على تعزيزها بالطريق السريعة، بين أغادير والداخلة».
ويعود مشروع المنظومة الصناعية للسكك الحديدية إلى سنة 2015، عند وضع المخطط الوطني للسكك الحديدية تنفيذاً للتوجيه الذي أعلنه الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة الذكرى الـ40 للمسيرة الخضراء في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015؛ حيث قال: «كما أن لدينا حلماً ببناء خط للسكة الحديدية، من طنجة إلى لكويرة، لربط المغرب بأفريقيا. وإننا نرجو الله تعالى أن يعيننا على توفير الموارد المالية التي تنقصنا اليوم، لاستكمال الخط بين مراكش ولكويرة».
ويستهدف مخطط السكك الحديدية رفع عدد المدن المرتبطة بالقطار، من 23 حالياً إلى 43، مع حلول 2040، مع إعطاء الأولوية لخط مراكش - أغادير، ثم تزنيت في اتجاه الجنوب، وصولاً إلى الحدود الموريتانية - المغربية. ويكتسي هذا الخط أهمية استراتيجية بالنسبة للمغرب؛ لأنه سيربط طنجة على الحدود مع أوروبا على مستوى مضيق جبل طارق بالحدود الموريتانية في اتجاه غرب أفريقيا، وبالتالي فإن إنجازه يترقب أن يكون له وزن في دراسات جدوى مشروع بناء الربط الطرقي والسككي بين المغرب وأوروبا، من خلال جسر أو نفق عبر مضيق جبل طارق.
كما يتوخى مخطط السكك الحديدية 2040 ربط 12 ميناء مغربياً بشبكة السكك الحديدية بدل 6 موانئ حالياً، وربط 15 مطاراً مغربياً بدل مطار واحد حالياً، وهو مطار محمد الخامس. وتقدر الكلفة الاستثمارية لهذا المخطط بنحو 400 مليار درهم (42 مليار دولار).
في غضون ذلك، طرحت فكرة إنشاء منظومة صناعية للسكك الحديدية لمواكبة هذا المخطط، على غرار المنظومة الصناعية لصناعة السيارات، التي مكنت من تحويل قطاع صناعة السيارات إلى أول قطاع مصدِّر في البلاد خلال سنوات، بعد أن كان المغرب مستورداً للسيارات. وبدأت إرهاصات هذه المنظومة تظهر في بداية 2016 مع انطلاق مباحثات بين الحكومة وكبار الصناعيين الناشطين في هذا المجال بالمغرب، وعلى رأسهم مجموعة «بومبارديي» الكندية ومجموعة «ألستوم» الفرنسية.
وفي فبراير (شباط) 2016 أعلن عن تشكيل التجمع المغربي للصناعات السككية، غير أن توقيع الاتفاقية المتعلقة بهذه المنظومة تأجل عدة مرات بعد ذلك في سياق انتخابات 2016، وتعثر تشكيل حكومة عبد الإله ابن كيران الثانية، وتغير أولويات حكومة سعد الدين العثماني.
وبخطاب مساء أول من أمس، أعاد العاهل المغربي هذا المشروع الصناعي الكبير إلى الواجهة، والذي يستهدف تطوير منظومة صناعية محلية في سياق تنفيذ المخطط الطموح للسكك الحديدية، واستغلاله لبناء قدرات صناعية وطنية وخبرات يمكن تصديرها إلى ما وراء الحدود.
وبخصوص خط السكك الحديدية بين مراكش وأغادير، الذي يشكل الحلقة الأولى من هذا المخطط، تجدر الإشارة إلى أن فكرة المشروع ليست جديدة، وسبق أن طرحت قبل سنوات في سياق الشراكة المغربية - الفرنسية، وأعيد طرحه في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء في نوفمبر 2015، وفي السنة التالية خلال زيارة العاهل المغربي للصين وقعت اتفاقية تعاون بشأنها مع شركة السكك الحديدية الصينية، والتي قام مسؤولوها بعدة زيارات استشرافية للمغرب منذ يونيو (حزيران) 2016.
غير أنه منذ سنة 2017 برز خلاف بين الهيئات المنتخبة في المجالس المحلية بمنطقة أغادير وبين الحكومة، حول مسار هذا الربط. فبينما طرحت الحكومة أن يتم ربط أغادير ومراكش عبر الصويرة التي توجد على الساحل الأطلسي، يرى المنتخبون أن الربط يجب أن يتم مباشرة بين مراكش وأغادير. ويرى المنتخبون أن الربط عن طريق الساحل عبر الصويرة سيؤثر سلبياً على المشروعات السياحية الضخمة التي نفذت، والتي يجري تنفيذها على الشواطئ الواقعة بين أغادير والصويرة. ويرتقب أن يمتد الربط بين أغادير ومراكش إلى ميناء أغادير، إضافة إلى بناء شطر إضافي في اتجاه مدينة تزنيت (جنوب أغادير)، كشطر أول من خط السكك الحديدية العابر للصحراء عبر مدينتي العيون والداخلة، في اتجاه الحدود مع موريتانيا (بوابة أفريقيا الغربية). وتقدر كلفة الربط السككي بين مراكش وأغادير بنحو 20 إلى 25 مليار درهم (2.1 إلى 2.6 مليار دولار).



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».