ردة فعل أوروبية «مائعة» على انتهاكات إيرانية إضافية للاتفاق النووي

رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي
رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي
TT

ردة فعل أوروبية «مائعة» على انتهاكات إيرانية إضافية للاتفاق النووي

رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي
رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي

من المتوقع أن تعلن إيران غداً (الأربعاء)، مع انتهاء مهلة الستين يوماً التي أعطتها للدول الأوروبية الثلاث الموقّعة على الاتفاق النووي (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) للوفاء بالتزاماتها لجهة تمكين إيران من الاستمرار في الاستفادة من الامتيازات التي وفرها لها الاتفاق المذكور، عن الخطوات الإضافية الخاصة بتقليص التزاماتها النووية.
وتندرج هذه الخطوات في إطار «المرحلة الرابعة» من الرد المتدرج على خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، وعلى العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب على طهران.
والحال، أن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، استبق هذا الاستحقاق بإعلان أن طهران دشنت أمس 30 جهازاً متطوراً من نوع «آي آر 6»، وأنها صممت نموذجين جديدين لأجهزة الطرد المركزي المتطورة بدأ اختبار أحدهما.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد؛ إذ إن النتيجة المباشرة لاستخدام طاردات مركزية قوية أن كميات اليورانيوم المخصب زادت يومياً عشرة أضعاف عما كانت طهران تنتجه قبل شهرين؛ ما يعني ارتفاع سقف مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسب أعلى مما يتيحه لها الاتفاق.
كان من المنتظر أن تأتي الردود الدولية على الخطوات الإيرانية الأخيرة قوية، خصوصاً من الطرف الأوروبي الذي رهن دعمه لإيران بالاستمرار في تنفيذ التزاماتها النووية. والحال أن العواصم الثلاث المعنية اكتفت حتى اليوم بـ«تأنيب» طهران وتحذيرها من غير اتخاذ أي خطوات فعلية تجاهها. وكانت تقارير سابقة أفادت بأن هذه العواصم ستعمد إلى التخلي عن دعم الاتفاق الذي يفرغه الطرف الإيراني من محتواه بالتدريج، وبالتالي سيصبح بلا معنى.
وأفادت مصادر أوروبية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بأن وجه الخطر فيما تقوم به إيران أن انتهاكاتها «تمس قلب برنامجها النووي» أي التخصيب ونسبته لأنها الطريق للحصول على السلاح النووي. إلا أن هذه المصادر تضيف، أن إيران «تتصرف بحذر كبير»، ورغم أن ما تقوم به يشكل انتهاكات ذات معنى، فإنها تحرص على البقاء تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية، وتقوم بخطوات «صغيرة ومحسوبة». فضلاً عن ذلك، فإن المسؤولين الإيرانيين يروجون دوماً لاستعدادهم للتراجع عن هذه الخطوات متى أوفى الأوروبيون بوعودهم.
وفي سياق الردود الأوروبية المائعة، يندرج تصريح الناطقة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فدريكا موغيريني رداً على ما جاء على لسان علي أكبر صالحي. ومما قالته أن الاتحاد «أخذ علماً بالتصريحات الصادرة عن طهران، ونحن نعمل مع الوكالة الدولية للطاقة النووية التي تتحقق من احترام إيران التزاماتها، ولنا ثقة بتقويمها (للوضع)». وبحسب الناطقة المذكورة، فإن «مساندة (الاتحاد للاتفاق) مرهونة باحترام إيران التزاماتها»، وأن الاتحاد «دأب دوماً على التعبير عن قلقه (إزاء الانتهاكات الإيرانية) وما زلنا نحث إيران على الرجوع على التدابير التي قامت بها وعلى الامتناع عن أي تدبير من شأنه الإضرار بالاتفاق».
واضح أن الموقف الأوروبي الجماعي لا يأتي بجديد وهو يدرج في سياق الحد الأدنى لردود الفعل الأوروبية. لكن اللافت كان تأخر صدور ردود جدية عن الدول الثلاث الرئيسية الموقعة على الاتفاق، وخصوصاً من فرنسا التي تحركت باسم أوروبا في سعيها من أجل إنقاذ الاتفاق.
وللتذكير، فإن الرئيس إيمانويل ماكرون بذل جهوداً دبلوماسية ضخمة لتسهيل لقاء مباشر بين الرئيسين الأميركي والإيراني في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي. والمدهش أيضاً أن باريس لم ترد، على أي مستوى كان، حتى عصر أمس، على كلام المرشد الأعلى علي خامنئي، يوم الأحد الماضي عندما اتهم ماكرون إما بـ«السذاجة» أو بـ«التواطؤ» مع الجانب الأميركي إذ يدعي أن لقاء من هذا النوع يمكن أن يوفر حلولاً لكل المشاكل القائمة بين إيران والولايات المتحدة.
كذلك، فإن باريس لم تعلق على ما أعلنه علي أكبر صالحي، علماً بأن تقارير إعلامية ذكرت أن الأوروبيين «نبهوا» طهران لعزمهم على التخلي عن السير بالاتفاق إذا ما استمرت في انتهاكاتها.
والمشكلة بالنسبة للأوروبيين، أن الطرف الإيراني «يريد ثمناً» لوضع حد لانتهاكاته وللرجوع عما قام به حتى اليوم.
والحال، أن التدابير الاقتصادية التي قام بها الأوروبيون تحت مسمى «أنستكس» بقيت من غير فاعلية، وأنه ليس في الأفق أي مؤشر لرغبة أوروبية في «تحدي» الإدارة الأميركية مجدداً، وبالتالي فإن المتوقع أن تستمر طهران على المنوال نفسه، أي في الخروج التدريجي. والسؤال المطروح أوروبياً يتناول «الخط الأحمر» الذي يشكل اجتيازه إيرانياً سبباً كافياً لأن تتخلى أوروبا عن تحفظاتها وتتخذ الإجراءات التي تهدد بها منذ شهور. أما بالنسبة لباريس، فإن «تحفظها»، كما ترجح المصادر الأوروبية، يعود للتوتر في علاقاتها مع طهران على خلفية القبض على باحثين فرنسيين (فريبا عادل خواه ورولان مارشال) منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي، واتهامهما بـ«التجسس»، وكذلك العملية الاستخبارية التي قادت مخابرات الحرس الثوري الإيراني إلى وضع اليد على المعارض الإيراني روح الله زم، الشهر الماضي في العراق وسوقه إلى طهران.
وبحسب المعلومات المتداولة في العاصمة الفرنسية، فإن إيران تريد على الأرجح مبادلة الباحثين بالإفراج عن المهندس الإيراني جلال روح الله نجاد، الذي أوقف في مطار نيس (جنوب فرنسا) في شهر فبراير (شباط) الماضي بطلب من واشنطن التي تتهمه بالسعي لتصدير أنظمة تكنولوجية ذات استخدامات عسكرية. وتريد واشنطن استرداد المهندس المذكور، لكن تنفيذ هذه العملية يحتاج إلى توقيع من رئيس الوزراء الفرنسي الأمر الذي لم يحصل بعد. ولا شك أن هذه المسائل لها تبعاتها على الأداء الفرنسي وبالتالي الأوروبي.
وفي أي حال، فإن ردود الفعل الأوروبية على ما ستعلنه طهران الأربعاء يمكن أن يشكل مؤشراً على المسار الذي سيسلكه الأوروبيون بشأن الملف النووي الإيراني لجهة الاستمرار في سياسة غض النظر أم أنهم سيلجأون إلى وضع تهديداتهم موضع التنفيذ.



أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)

طالبت الولايات المتحدة تركيا باستخدام نفوذها لجعل حركة «حماس» الفلسطينية تقبل مقترحاً لوقف إطلاق النار في غزة. وأكد البلدان اتفاقهما بشأن ضرورة العمل على تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك قصير مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، عقب ختام مباحثاتهما في أنقرة (الجمعة): «اتفقنا على تحقيق وقف إطلاق النار بغزة في أسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى الجهود التي تبذلها تركيا والولايات المتحدة والشركاء الآخرون في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار.

وأضاف فيدان أن «إسرائيل تواصل قتل المدنيين في غزة، وتعمل على استمرار دوامة العنف في المنطقة، وقد اتفقنا على أن تعمل تركيا وأميركا جنباً إلى جنب مع الشركاء الآخرين للحد من العنف».

وتابع أن العنف المستمر في غزة، أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وأعربت كل من تركيا وأميركا عن قلقهما إزاء الوضع.

جانب من مباحثات فيدان وبلينكن في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه رأى خلال الفترة الأخيرة «مؤشرات مشجّعة» على التقدّم نحو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف: «ناقشنا الوضع في غزة، والفرصة التي أراها للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار. وما رأيناه خلال الأسبوعين الماضيين هو مزيد من المؤشرات المشجّعة».

وطالب بلينكن تركيا باستخدام نفوذها كي ترد حركة «حماس» بالإيجاب على مقترح لوقف إطلاق النار، مضيفاً: «تحدثنا عن ضرورة أن ترد (حماس) بالإيجاب على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار؛ للمساهمة في إنهاء هذا الوضع، ونُقدِّر جداً الدور الذي تستطيع تركيا أن تلعبه من خلال استخدام صوتها لدى (حماس) في محاولة لإنجاز ذلك».

وكان بلينكن وصل إلى أنقرة، مساء الخميس، والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مطار إسنبوغا بالعاصمة التركية، قبل أن يجري مباحثات مع نظيره هاكان فيدان استغرقت أكثر من ساعة بمقر وزارة الخارجية التركية، حيث ركّزت مباحثاته بشكل أساسي على الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، والوضع في المنطقة وبشكل خاص التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

جانب من لقاء إردوغان وبلينكن بمطار إسنبوغا في أنقرة مساء الخميس (الرئاسة التركية)

وجاءت زيارة بلينكن لتركيا بعدما زار الأردن، الخميس، لإجراء مباحثات تتعلق بسوريا والوضع في غزة أيضاً.

وتبدي أميركا قلقاً من أن تؤدي التطورات الجديدة إلى مخاطر على أمن إسرائيل، وأن تجد جماعات إرهابية فرصة في التغيير الحادث بسوريا من أجل تهديد إسرائيل، التي سارعت إلى التوغل في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974، وهو ما أدانته تركيا، في الوقت الذي عدّت فيه أميركا أن من حق إسرائيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نفسها ضد التهديدات المحتملة من سوريا.