الفلسطينيون يطالبون بريطانيا بالاعتذار والاعتراف بـ«دولتهم»

في الذكرى 102 لـ«وعد بلفور»

وزير الخارجية البريطاني في 1917 (يسار) واللورد روتشيلد أحد زعماءالحركة الصهيونية العالمية
وزير الخارجية البريطاني في 1917 (يسار) واللورد روتشيلد أحد زعماءالحركة الصهيونية العالمية
TT

الفلسطينيون يطالبون بريطانيا بالاعتذار والاعتراف بـ«دولتهم»

وزير الخارجية البريطاني في 1917 (يسار) واللورد روتشيلد أحد زعماءالحركة الصهيونية العالمية
وزير الخارجية البريطاني في 1917 (يسار) واللورد روتشيلد أحد زعماءالحركة الصهيونية العالمية

طالبت الحكومة الفلسطينية، أمس، في الذكرى 102 لـ«وعد بلفور»، بريطانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، تصحيحاً للخطأ الذي مهد لقيام دولة إسرائيل، فيما طالبت منظمة التحرير وفصائل فلسطينية أخرى الحكومة البريطانية بالاعتذار العلني عن هذا الوعد الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن لهم في فلسطين. وجاء الوعد على شكل تصريح موجه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بلفور، إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، إبراهيم ملحم، إن «على بريطانيا أن تعترف بدولة فلسطين، لإزالة آثار تلك المظلمة التاريخية بحق الفلسطينيين»، وأضاف: «تطل علينا اليوم الذكرى الثانية بعد المائة لوعد بلفور المشؤوم، الذي شكل مظلمة تاريخية لشعب وقع ضحية لشهوة الاستعمار والتوسع والتطهير العرقي، التي ما زالت آثارها مستمرة بعد نحو قرن من الزمان، بعمليات النهب للمزيد من الأرض، وتقويض القرارات الدولية التي دعت إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشريف، وضمان عودة اللاجئين، وفق القرار الأممي 194».
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، إن على لندن اقتناص الفرصة السياسية للعب دور فاعل جوهري في حل قضية شعب فلسطين السياسية، بوصفها المسؤولة عنها عبر قرن من الزمن، وذلك من خلال الاعتذار، والاعتراف بمسؤوليتها القانونية والسياسية عن الظلم الذي أوقعته على الشعب الفلسطيني. ودعا عريقات إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وطرح مبادرات عملية كفيلة بترجمة إرادتها في ردع الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان وعمليات التطهير العرقي التي تقودها سلطة الاحتلال لترسيخ نظام عنصري استعماري يستند إلى قانون القومية العنصري.
وأضاف: «لقد آن الأوان لبريطانيا لأن تتصرف بمسؤولية لإحداث تحول نوعي ملح نحو إحقاق الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني التي رفضها وتنكر لها بلفور قبل أكثر من قرن»، وتابع: «لتحقيق ذلك، على بريطانيا والمنظومة الدولية دعم القرارات الدولية جميعها التي أصدرتها لحل القضية الفلسطينية، وإيجاد آليات لتنفيذها، بما فيها قرار مجلس الأمن 2334، وقرار مجلس حقوق الإنسان إصدار قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات العاملة بالاستيطان، وتحديثها سنوياً، وحظر استيراد منتجات المستوطنات، وكل ما يفرزه المشروع الاستيطاني الاستعماري، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال، وتجسيد سيادة فلسطين على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتوفير حل عادل لقضية اللاجئين، وفقاً لقرار الأمم المتحدة 194».
كما أصدرت جميع الفصائل الفلسطينية بيانات بمناسبة ذكرى وعد بلفور، فأكدت حركة «فتح» استمرارها في «الكفاح والنضال الوطني لمواجهة كل المشاريع الاستعمارية التي تستهدف وجود شعبنا الفلسطيني، وقضيته، ابتداء من وعد بلفور حتى وعد ترمب». وعدت الحركة أن هذا الوعد «جريمة تاريخية»، وطالبت بهذه المناسبة الحكومة البريطانية بالانسجام مع القوانين الدولية، وتوجهات المجتمع الدولي، والاعتراف بدولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية، كمؤشر على نية بريطانيا التكفير عن جريمتها التاريخية بحق الشعب الفلسطيني. وطالبت أيضاً كلا من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، والجبهتان الشعبية والديمقراطية، الحكومة البريطانية بالاعتذار للشعب الفلسطيني عما تسببت له من مأساة ومعاناة على مدار عقود من الزمن بسبب الوعد الظالم المشؤوم من وزير خارجية بريطانيا آنذاك، بلفور، الذي مكن «العصابات الصهيونية» من احتلال الأرض الفلسطينية.
ومن جهتها، قالت جامعة الدول العربية إن وعد بلفور «مكّن العصابات الصهيونية من ممارسة أبشع جرائم التطهير العرقي والتهجير والقتل والتدمير. وعلى الرغم من مرور كل تلك السنوات الطويلة، ما زالت مأساة الشعب الفلسطيني تتجدد كل يوم وتتفاقم بصورة مستمرة، جراء قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بممارسة انتهاكاتها اليومية ضد الشعب الفلسطيني، والاستمرار في عمليات الاستيطان والتهجير والقتل، وفرض مخططات التهويد التي تطال مدينة القدس، وما فيها من مقدسات إسلامية ومسيحية، بالإضافة إلى خلق واقع إسرائيلي جديد على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بتحدٍ صارخ لقيم الإنسانية والعالم الحر، وتناقض كامل مع المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، وانتهاك جسيم لأبسط حقوق الإنسان».
وأكدت الجامعة أن هذا الوعد «وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وسيبقى جرحاً غائراً في الذاكرة والوعي والضمير العربي والإنساني، لما شكله من تحدٍ لإرادة المجتمع الدولي، وتنكّر لقيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».