«الجيش الوطني» الليبي يقصف مقراً لـ«داخلية الوفاق»

عناصر من قوات الجيش الوطني الليبي خلال المعارك التي عرفتها العاصمة طرابلس أمس (رويترز)
عناصر من قوات الجيش الوطني الليبي خلال المعارك التي عرفتها العاصمة طرابلس أمس (رويترز)
TT

«الجيش الوطني» الليبي يقصف مقراً لـ«داخلية الوفاق»

عناصر من قوات الجيش الوطني الليبي خلال المعارك التي عرفتها العاصمة طرابلس أمس (رويترز)
عناصر من قوات الجيش الوطني الليبي خلال المعارك التي عرفتها العاصمة طرابلس أمس (رويترز)

أعلن «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أنه قصف، في العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة (غرب)، أهدافاً عسكرية تابعة للقوات الموالية لحكومة «الوفاق»، التي أعلنت داخليتها عن تعرّض أحد مبانيها للقصف من قبل قوات الجيش الوطني.
وفي تطور لافت للانتباه، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، التي يرأسها فائز السراج، أمس، أن أحد المباني التابعة لها بطريق المطار تعرض لهجوم جوي شنته مقاتلات تابعة لـ«الجيش الوطني»، بعد ظهر أمس، مشيرة إلى أن القصف تسبب في أضرار جسيمة للأحياء السكنية المجاورة له، وإصابة عدد من منتسبي الوزارة، وعدد من المواطنين المدنيين الذين كانوا قرب المكان.
وبعدما اعتبرت في بيان لها أن «قصف مقرها المدني هو محاولة لمنع جهودها في العمل الأمني، وحفظ الاستقرار، ومحاولة من المهاجمين لنشر الفوضى والإرهاب»، أكدت عزمها على الاستمرار في عملها بمكافحة الجريمة والإرهاب، وحماية المواطنين ومؤسسات الدولة.
وتُعدّ هذه المرة الأولى التي تعلن فيها إحدى وزارات حكومة السراج عن تعرض مقراتها لقصف الجيش، منذ شنه في الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي هجوماً لـ«تحرير» العاصمة من قبضة الميليشيات المسلحة، الموالية لحكومة السراج المعترف بها دولياً.
يأتي ذلك في وقت نقل فيه مصدر مطلع داخل مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، أمس، أن «المجلس الرئاسي طلب من موظفيه مغادرة المقر، بعد ورود أنباء عن نية بعض جرحى الحرب الهجوم على مقر المجلس، الكائن بطريق السكة، وسط طرابلس، احتجاجاً على عدم توفير سبل العلاج اللائق، بعد إصابتهم في الحرب الدائرة».
ميدانياً، شن «الجيش الوطني»، أمس، غارات جوية مُكثّفة على مواقع لقوات السراج بالعاصمة، حيث قال بيان أصدرته شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش إن هذه الحملة الجوية أسفرت عن استهداف المواقع، وتدميرها بالكامل، لافتاً إلى «تحصن الميليشيات بها، واستعمالها مقرات لغرف العمليات، ولتخزين الأسلحة والذخائر».
وناشدت الشعبة في بيانها سكان العاصمة الابتعاد عن المواقع والتمركزات ومخازن الذخيرة والمعسكرات التابعة لمجموعات الحشد الميليشاوي، مؤكدةً حرص قوات الجيش على سلامة المدنيين.
كما أعلنت الشعبة عن اعتقال أحد شباب مدينة بنغازي، بعد ظهور تصوير مرئي يتضمن تحريضاً ضد قوات الجيش، بهدف خلق بلبلة وفتنة في الرأي العام، موضحة أنه «بعد التحري الكامل عن الموضوع، تحولت الوحدات العسكرية بكتيبة طارق بن زياد المقاتلة لإلقاء القبض عليه».
بدوره، حذر المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع للجيش، أولياء أمور طلبة الثانوية بطرابلس من بدء الميليشيات محاولة استدراج أبنائهم للقتال، من خلال إغرائهم بمبلغ مالي قيمته 500 دينار، كل يوم. وقال المركز إنه «يتم إخبار هؤلاء الطلبة بأن الهدف هو تعبئة ذخيرة بعيداً عن الجبهة والمواجهات المباشرة، وذلك حتى يتم نقلهم للمحاور، قبل توريطهم في القتال».
وفى غرب البلاد، شنّت مقاتلات حربية تابعة لـ«الجيش الوطني»، مساء أول من أمس، سلسلة غارات جوية على قاعدة مصراتة الجوية، شرق العاصمة طرابلس. وقال بيان للواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش، أمس، إنه بعد جمع المعلومات، تم رصد مواقع متفرقة في الكلية الجوية بمصراتة، تُستخدم لتجهيز وتخزين الطائرات المُسيّرة (UAV وم/ط) وذخائرها، مشيراً إلى إقلاع مقاتلات سلاح الجو من عدة قواعد للانقضاض على أهدافها في التوقيت ذاته، والقضاء نهائياً على هذا التهديد.
وتابع موضحاً: «لقد حققت هذه الحملة الجوية لمقاتلات السلاح الجوي الأهداف بكل دقة، وتم تدمير المرافق المستخدمة في تخزين وتجهيز الطائرات المُسيرة بنسبة 100 في المائة».
في غضون ذلك، أعلنت قيادة الجيش عن تحفظها على الزيارة، التي قام بها مؤخراً غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، لمطار معيتيقة الدولي المغلق منذ نحو شهرين، برفقة وزيري الداخلية والمواصلات بحكومة السراج. واعتبرت أن الزيارة التي تمت، الثلاثاء الماضي، تُعدّ فصلاً جديداً مما وصفته بـ«مسرحية التضليل والعبث الإعلامي الذي تمارسه حكومة الوفاق، بدعم من سلامة».
وأوضح البيان الذي نشره المسماري على صفحته عبر «فيسبوك»، أمس، أن «البعثة الأممية تجاهلت، أو تناست تماماً، أن مطار معيتيقة المدني ما هو إلا ركن صغير في طرف قاعدة معيتيقة الجوية الضخمة، التي تضم مرافق عسكرية وهناجر وطائرات عسكرية مروحية ونفاثة»، مشيراً إلى أن هذه «القاعدة والمطار، وكل المرافق داخلها، ما زالت حتى هذه اللحظة تحت هيمنة ميليشيا آيديولوجية تسمى (قوة الردع الخاصة)».
ورأى البيان أن «ادعاء (فتحي باش أغا) المنتحل لصفة وزير الداخلية قدرته على تأمين القاعدة من خلال وزارته، مردود عليه بتصريحاته بالأمس القريب حول هيمنة الميليشيات في طرابلس، ومن بينها هذه الميليشيا، وعدم امتثالها لأوامره، ونهبها لمقدرات الدولة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.