تركيا وروسيا تسيّران دوريات مشتركة قبل انتهاء «مهلة سوتشي»

TT

تركيا وروسيا تسيّران دوريات مشتركة قبل انتهاء «مهلة سوتشي»

اختتم وفد عسكري روسي مباحثات في أنقرة، أمس، قبل ساعات من انتهاء مهلة الـ150 ساعة المحددة في تفاهم سوتشي بين تركيا وروسيا لإتمام انسحاب «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) من المناطق المتاخمة للحدود التركية في شمال شرقي سوريا، أمس (الثلاثاء).
وحسب بيان لوزارة الخارجية التركية، تناول الوفد الروسي مع المسؤولين الأتراك الأنشطة المقرر تنفيذها في إطار تفاهم سوتشي الموقّع الأسبوع الماضي، وفي مقدمتها تسيير الدوريات العسكرية التركية - الروسية في المناطق المتفق عليها. واندلعت أمس، اشتباكات عنيفة بين قوات النظام السوري والقوات التركية في شمال شرقي سوريا للمرة الأولى منذ بدء الهجوم التركي في إطار عملية «نبع السلام» العسكرية في 9 أكتوبر (تشرين الأول) ضد وحدات حماية الشعب الكردية (المكون الرئيس لـ«قسد»)، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في الوقت ذاته أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن وحدات حماية الشعب الكردية لم تنسحب بالكامل من المناطق المتفق عليها مع روسيا وأميركا في شمال شرقي سوريا.
وبموجب مذكرة التفاهم الروسية التركية في سوتشي، الموقّعة الثلاثاء قبل الماضي، بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، يتعين أن تعمل قوات حرس الحدود السورية التابعة للنظام والشرطة العسكرية الروسية على إخراج جميع أفراد وحدات حماية الشعب وأسلحتهم من منطقة بعمق 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية السورية بحلول الساعة السادسة مساءً بالتوقيت المحلي أمس (15.00 ت غ). وبعد ذلك تبدأ القوات الروسية والتركية دوريات مشتركة في منطقة أضيق بعمق عشرة كيلومترات على الجانب السوري من الحدود.
وقال أكار، في مقابلة صحافية أمس، إنه «يبدو أن وحدات حماية الشعب الكردية ما زالت في منطقة عملية (نبع السلام)»، مضيفاً: «محاربة الإرهاب هذه لم تنتهِ وندرك أنها لن تنتهي». وتابع أن نحو ألف من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية ما زالوا في مدينة منبج الحدودية وهناك ألف مقاتل في تل رفعت القريبة، وتقع المدينتان إلى الغرب من القطاع الذي تريد تركيا تحويله إلى منطقة آمنة... لكن من المفترض أن تُخرج القوات السورية والروسية وحدات حماية الشعب منهما. في السياق ذاته، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إنّ العالم بأسره كان شاهداً على العزيمة التي أبدتها تركيا في تدمير ما سماه «الممر الإرهابي» على حدودها مع سوريا، من خلال عملية «نبع السلام». وأضاف إردوغان، في كلمة بمناسبة احتفال تركيا بالذكرى 96 لتأسيس الجمهورية، أمس: «من خلال عملية نبع السلام، التي بدأناها في 9 أكتوبر الجاري، ومن خلال الانتصارات التي حققناها في فترة وجيزة، أظهرنا للعالم بأسره مجدداً عزيمتنا عن طريق تدمير الممر الإرهابي الذي كان يراد إنشاؤه على حدودنا».
في السياق ذاته، حذرت الرئاسة التركية حلفاء تركيا من تداعيات ممارسة الولايات المتحدة سياسات وصفتها بـ«قصيرة النظر» في المنطقة. وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، على «تويتر» تعليقاً على دعوة واشنطن قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، لزيارة واشنطن: «نجدد تأكيد أن اعتراف حلفائنا بـ(قيادي إرهابي) سيكون ضاراً بعلاقاتنا». واعتبر ألطون أن هذه الخطوة تمثل «انتهاكاً للقوانين الوطنية والدولية... وتتعارض مع روح التحالف والشراكة الاستراتيجية بين تركيا والولايات المتحدة».
وأضاف: «ستخلق السياسات قصيرة النظر تجاه منطقتنا مشكلات طويلة الأمد وتزعزع استقرار المنطقة بأسرها وتزيد من المخاطر التي تهدد الأمن الدولي... يجب على السلطات الأميركية ألا تحرم قادة الإرهاب من تأشيرات دخول الولايات المتحدة فحسب، بل أن تتعاون مع الحلفاء لتقديمهم للعدالة». وسبق أن طالبت أنقرة الولايات المتحدة بتسليمها عبدي، كونه مطلوباً على النشرة الحمراء للإنتربول.
إلى ذلك، بحث المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، مع مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، العلاقات بين البلدين والمستجدات في سوريا، خلال مباحثات هاتفية ليل الاثنين - الثلاثاء، حسب بيان صادر عن الرئاسة التركية. وذكر البيان أن كالين وأوبراين تبادلا وجهات النظر حول الزيارة المرتقبة للرئيس رجب طيب إردوغان إلى واشنطن في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، استجابة لدعوة نظيره الرئيس دونالد ترمب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».