رئيس الحكومة المغربية: تقليص عدد الوزراء كان مطلباً شعبياً

نائب معارض اتهمه بتقزيم دور الأحزاب السياسية

TT

رئيس الحكومة المغربية: تقليص عدد الوزراء كان مطلباً شعبياً

دافع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، عن وجود وزراء تكنوقراط في حكومته، وعزا ذلك إلى تقليص عدد الأحزاب المشاركة فيها بعد التعديل الأخير، موضحاً أن تقليص عدد الوزراء كان مطلباً شعبياً، وقال إن جميعهم متساوون ولا يوجد «سوبر وزير».
وجاء حديث العثماني، رداً على اتهامات بـ«الإفراط في التكنوقراط» وجهها إليه عبد اللطيف وهبي، عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، التي عقدت مساء أول من أمس بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) حول أولويات السياسة الحكومية للفترة المتبقية من الولاية التشريعية الحالية.
ووصف وهبي الحكومة الجديد بأنها «فاقدة للمشروعية السياسية والتنظيمية»، منتقداً الاحتفاظ بـ«الرؤوس المتجسدة في وزراء يعتبرون أنفسهم سوبر وزراء». مضيفاً أن الحكومة الجديدة «تحولت إلى جزر لشخصيات مالية ذات بعد هيمني، تتكون من رئيس للحكومة يستمد سلطته من الدستور، ورئيس حزب يحاول تقاسم رئيس الحكومة سلطات قيادة هذه الأخيرة بشكل هيمني، في تلميح ضمني إلى عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، ووزير واحد لكل حزب، و13 وزيرا تكنوقراطيا، منهم 9 وزراء تكنوقراط مباشرين، و4 جرت صباغتهم تائهين في تصريحات بالانتماء لهذا الحزب أو ذاك»، حسب تعبيره.
واعتبر النائب المعارض أن الإفراط في التكنوقراط ضرب مباشر لمضامين الدستور، وتقزيم لدور الأحزاب السياسية لفائدة قوى أخرى غير مرئية». وتساءل وهبي عن معايير اختيار الوزراء، وما إذا كانوا غير أكفاء ولا يساهمون في الإصلاح؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى؟ لافتاً إلى أن بعض الوزراء غير مأسوف على مغادرتهم لكونهم كانوا مجرد عبء سياسي سلبي على الحكومة، واستغرب في المقابل «بقاء وزراء آخرين صدرت في حقهم تقارير سلبية من مؤسسات دستورية».
من جهته، رد العثماني بأنه في جميع الدول الديمقراطية يوجد وزراء تكنوقراط، وأنه يتحمل المسؤولية السياسية لحكومته، رغم أنها تضم نسبة مهمة من الوزراء التكنوقراط، موضحاً أن «الوزراء اللامنتمين الموجودين ضمن القطاعات السيادية يقترحهم الملك. أما بالنسبة للقطاعات الأخرى فأنا من يقترحهم بتشاور مع الأغلبية».
وشدد العثماني على أن «جميع الوزراء سواسية، ولا يُوجد (سوبر) وزير، ولا أحد يتقاسم السلطة مع رئيس الحكومة»، وزاد موضحا: «الوزراء غير المنتمين يخضعون أيضا لتعليمات رئيس الحكومة، مثل بقية الوزراء السياسيين».
من جهة أخرى، ورداً على أسئلة نواب الأغلبية والمعارضة حول أولويات السياسة الحكومية للفترة المتبقية من ولايتها، قال العثماني إن أولويات حكومته تتمثل في مواصلة دعم السياسات الاجتماعية وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وإعطاء دينامية جديدة للاستثمار، ودعم المقاولة من أجل رفع وتيرة النمو وإحداث فرص الشغل، ومواصلة الإصلاحات الكبرى.
وفي هذا السياق، وعد رئيس الحكومة المغربية بتسريع إصلاح التعليم لـ«تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص والجودة»، وتحسين وتعميم الخدمات الصحية في إطار تسريع تفعيل المخطط الوطني للصحة 2025، كما وعد بدعم السياسات الاجتماعية من خلال تنفيذ المخطط الوطني للتشغيل، وإصلاح برامج إنعاش الشغل، ودعم استفادة الطبقات الفقيرة والمتوسطة من السكن اللائق، والعناية بالشباب.
أما بخصوص تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية فسيتم ذلك، حسبه، من خلال «تنفيذ المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتنفيذ التزامات الحوار الاجتماعي مع النقابات، ومواصلة جولاته بروح المسؤولية، والعمل على توسيع التغطية الاجتماعية الأساسية، وتحسين استهداف المواطنين في وضعية هشاشة».
وفي مجال إعطاء دينامية جديدة للاستثمار ودعم المقاولة، شدد العثماني على أهمية «دعم الاستثمار العمومي وتعزيز فعاليته، ودعم المقاولة وتحفيز الاستثمار الخاص الوطني والأجنبي، وتنفيذ مخطط تسريع التنمية الصناعية، ودعم التصدير والشركات المصدرة وتعزيز تنافسيتها، وتحفيز القطاع غير المهيكل على الاندماج التدريجي في الدورة الاقتصادية»



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».