مقتل 5 متظاهرين في بغداد... والجيش يعلن حظراً للتجول

آلاف الطلاب نزلوا إلى الشوارع رغم تحذيرات السلطات

طلاب العراق وهم يتظاهرون في مدينة كربلاء جنوب العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
طلاب العراق وهم يتظاهرون في مدينة كربلاء جنوب العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
TT

مقتل 5 متظاهرين في بغداد... والجيش يعلن حظراً للتجول

طلاب العراق وهم يتظاهرون في مدينة كربلاء جنوب العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
طلاب العراق وهم يتظاهرون في مدينة كربلاء جنوب العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)

قتل خمسة متظاهرين اليوم (الاثنين) في بغداد، بحسب ما أعلنت المفوضية العراقية لحقوق الإنسان، ما يرفع إلى 82 عدد قتلى الموجة الثانية من الاحتجاجات المطلبية التي استؤنفت مساء الخميس في العراق، فيما أعلن الجيش حظراً للتجول في العاصمة العراقية يبدأ منتصف ليل الاثنين. 
وبلغت حصيلة القتلى في بغداد وحدها 26 متظاهراً منذ مساء الخميس، غالبيتهم أصيبوا بطلقات الغاز المسيل للدموع في الرأس، بحسب المفوضية. وأظهرت فيديوهات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي عدداً من المتظاهرين وقد اخترقت القنابل المعدنية التي تطلقها القوات الأمنية، جماجمهم.
وأعلنت قيادة عمليات بغداد فرض حظر للتجول في بغداد بدءاً من منتصف ليل الاثنين (21:00 ت غ) حتى الساعة السادسة صباحاً (03:00 ت غ) في العاصمة، حيث يتظاهر الآلاف، مطالبين بـ«إسقاط النظام».
وقالت القيادة العسكرية في بيانها إن حظر التجول يشمل «الأشخاص وسير المركبات والدراجات النارية والهوائية والعربات بمختلف أنواعها»، مشيرةً إلى أنه سيستمر «حتى إشعار آخر»، وذلك حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وبقي مئات المحتجين في ساحة التحرير وسط بغداد وفي شوارع محافظات أخرى، اليوم (الاثنين)، لليوم الرابع منذ تجدد المظاهرات المناهضة للحكومة التي قُتل خلالها أكثر من 200 شخص هذا الشهر.
وفي وقت سابق اليوم، عقد البرلمان العراقي جلسة خاصة لمناقشة مطالب المتظاهرين والإصلاحات الحكومية.
وقالت مصادر في الدائرة الإعلامية في البرلمان إن «جلسة البرلمان عُقدت برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وبحضور 200 نائب».
وذكرت أن الجلسة مخصصة لمناقشة مطالب المتظاهرين والإصلاحات الحكومية.
ونزل آلاف الطلاب إلى الشارع، اليوم، في مدن عدة في العراق من بغداد إلى البصرة في جنوب البلاد مروراً بالديوانية والناصرية، وهتفوا «لا مدارس، لا دوام، حتى يسقط النظام»، وذلك في إطار الاحتجاجات المتواصلة في البلاد من الخميس، غير آبهين بتحذيرات السلطات.
ومنذ بداية الحراك الشعبي في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، في العراق، احتجاجاً على غياب الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، قُتل أكثر من مئتي شخص وأُصيب أكثر من ثمانية آلاف بجروح، عدد كبير منهم بالرصاص.
في بغداد، انتشرت قوات مكافحة الشغب في محيط الجامعات، غداة إعلان القوات المسلحة اتخاذ «إجراءات عقابية شديدة» إذا تم رصد «أي حالة تعطيل متعمد» في المدارس والجامعات ومؤسسات الدولة.
وأعلن المجلس المركزي لنقابة المعلمين العراقيين، اليوم، الإضراب العام في عموم مدارس العراق لمدة أربعة أيام تضامناً مع المتظاهرين.
وكان وزير التعليم العالي قصي السهيل، قد دعا إلى «إبعاد الجامعات» عن الاحتجاجات.
وقال طالب، اليوم، لوكالة الصحافة الفرنسية خلال مشاركته في مظاهرة بساحة التحرير وسط بغداد «ماكو (لا يوجد) وطن، ماكو دوام».
على مقربة منه، قالت فتاة ذات شعر مجعد والابتسامة تعلو وجهها: «قلت لأمي إنني ذاهبة إلى المدرسة، ولكنني في الحقيقة جئت هنا».
وقال متظاهر آخر لوكالة الصحافة الفرنسية: «نريد حل البرلمان، وتشكيل حكومة مؤقتة، وتعديل الدستور، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة بإشراف الأمم المتحدة. لا نريد حلاً آخر».
في الديوانية الواقعة على بعد مئتي كيلومتر إلى جنوب بغداد، قرّر الأساتذة والطلاب في كل الجامعات الحكومية والخاصة «اعتصاماً لمدة عشرة أيام حتى سقوط النظام»، وفقاً لمراسل لوكالة الصحافة الفرنسية.
والتحقت نقابات مهن مختلفة بينها نقابة المحامين ونقابة المهندسين بالاحتجاجات، رغم الإجراءات الأمنية التي تعرقل الوصول إلى أماكن الاعتصامات والمظاهرات.
ومن الهتافات التي أُطلقت أيضاً، اليوم، في بغداد «إيران برا برا... بغداد تبقى حرة».
وشهدت مدن الحلة والسماوة والنجف مظاهرات طلابية مماثلة.
وخلال الاحتجاجات التي ارتدى بعضها طابعاً عنيفاً، هوجمت مقرات أحزاب ومجموعات مؤيدة للجمهورية الإسلامية، وأطلقت هتافات مناهضة لإيران. ومن الواضح أن هناك انقساماً في الشارع وفي الوسط السياسي بين مؤيدين لإيران ومؤيدين للتقارب مع الولايات المتحدة. وتعد طهران وواشنطن المتعاديتان من أبرز حلفاء العراق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.