صعوبات ماكرون الأوروبية تضعف بريقه السياسي داخلياً وخارجياً

ماكرون يعقد مؤتمراً صحافياً خلال زيارته إلى جزيرة «لا ريونيون» أول من أمس (أ.ف.ب)
ماكرون يعقد مؤتمراً صحافياً خلال زيارته إلى جزيرة «لا ريونيون» أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

صعوبات ماكرون الأوروبية تضعف بريقه السياسي داخلياً وخارجياً

ماكرون يعقد مؤتمراً صحافياً خلال زيارته إلى جزيرة «لا ريونيون» أول من أمس (أ.ف.ب)
ماكرون يعقد مؤتمراً صحافياً خلال زيارته إلى جزيرة «لا ريونيون» أول من أمس (أ.ف.ب)

ليس خروج بريطانيا ومزاج مجلس العموم المشكلة الوحيدة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في الوقت الحاضر، إذ ثمة مشكلتان إضافيتان: الأولى، عنوانها الانتهاء من تشكيل المفوضية الأوروبية المفترض أن تتسلم مهماتها قبل نهاية العام الحالي. والثانية، تتناول عملية توسيع الاتحاد وإطلاق المفاوضات التمهيدية مع دولتين هما مقدونيا الشمالية وألبانيا.
وفي هذه الحالات الثلاث، يبرز دور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يطرح نفسه بوصفه داعية أول لتجديد الاتحاد وإحداث مزيد من الاندماج، فضلا عن تمكينه من الوصول إلى «الاستقلالية الاستراتيجية» عن طريق إنشاء جيش أوروبي حقيقي يمكن القارة القديمة من تخفيف اعتمادها على الحليف الأميركي. ويأتي ذلك في سياق التوتر الملحوظ مع الإدارة الأميركية في إطار الحلف الأطلسي أو في إطار العلاقة الأوروبية - الأميركية، بصدد ملفات تعتبرها أوروبا حيوية بالنسبة إليها مثل تخلي واشنطن عن الاتفاق الخاص بالصواريخ النووية متوسطة المدى المنشورة في أوروبا، أو سياسة الرئيس دونالد ترمب في سوريا أو إزاء إيران وملفها النووي.
في الملفات الثلاثة، يريد ماكرون أن يكون الرقم الصعب في المعادلات الأوروبية، مستفيدا من انشغال بريطانيا بـ«بريكست»، ومن ضعف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وقرب «انتهاء» دورها «زعيمة» لأوروبا. يضاف إلى ذلك أن إيطاليا تعاني من انقسامات حادة، فيما يتهيأ وزير الداخلية السابق اليميني المتشدد سالفيني للانقضاض على الحكومة. أما إسبانيا، فإن رئيس حكومتها الحالي الاشتراكي بدرو سانشيز يعاني من تبعات نزعة كتالونيا الانفصالية، ومن عجزه عن تشكيل حكومة جديدة وتوجه الإسبانيين إلى انتخابات عامة جديدة. وبالنظر لوضع الاتحاد الحالي، فإن ماكرون يرى أنه الأكثر أهلية ليكون «المحرك» الرئيسي والمسؤول الذي يدل على الطريق الواجب سلوكها.
بيد أن هذا «المحرك» يعاني من صعوبات جدية. ولعل أبرزها تنحية مرشحته لشغل منصب مفوضة الاتحاد لشؤون السوق الأوروبية الداخلية، التي تشمل أيضا الدفاع والسياسة الصناعية والثقافة والاقتصاد الرقمي والثقافة. فقد رفض البرلمان الأوروبي بشكل صارخ المصادقة على تعيين سيلفي غولارد، وزيرة الدفاع السابقة «عام 2017» بسبب ملفها القضائي مع العدالة الفرنسية، وبسب عملها سابقا مستشارة لمؤسسة أميركية براتب مرتفع بينما كانت نائبة في البرلمان الأوروبي. وهذه هي المرة الأولى التي تلصق بدولة أوروبية رئيسية كفرنسا يريدها رئيسها «قائدة» لأوروبا، هزيمة من هذا النوع.
وحتى اليوم، لم يسم ماكرون بديلا وهو يسعى مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان در ليين لاحتفاظ بلاده بهذا المركز الأساسي، مع القطاعات التي يشملها، والتي يبدو أن ثمة اتجاها برلمانيا لحصرها. وأمس، كشفت صحيفة «لو كنار أونشينيه» الأسبوعية الساخرة أن ماكرون «يفكر» بتقديم ترشيح الوزير السابق تييري بروتون لهذا المنصب الاستراتيجي. ولكن قبل ذلك، يريد الرئيس الفرنسي أن يتأكد تماما أنه لا شيء مخفيا لدى بروتون من شأنه إعاقة تعيينه، مخافة تكرار التجربة المرة الأولى.
وفي الأيام الأخيرة، قام ماكرون بجولة مشاورات واسعة شملت رئيس المفوضية ورئيس الاتحاد والمستشارة ميركل وعددا آخر من المسؤولين، للتأكد من أن الأمور ستسير هذه المرة في الاتجاه الصحيح، خصوصا أن أصواتا عديدة حملت ماكرون مسؤولية «الهزيمة» التي لحقت بفرنسا وإضعاف موقعها داخل مؤسسات الاتحاد. ولم يتردد هؤلاء في اعتبار هذه الهزيمة «شخصية» بالنسبة للرئيس الفرنسي ولما رأوه «موقفا استعلائيا» منه في التعاطي بالشأن الأوروبي، مثل تعطيل وصول رئيس مجموعة نواب حزب الشعب الأوروبي «يمين» الألماني مانفريد ويبير إلى رئاسة المفوضية.
وكان التقليد المعمول به داخل الاتحاد يقضي بوصول «زعيم» الحزب الذي ينال أكبر عدد من النواب في الانتخابات الأوروبية إلى منصب رئيس المفوضية، وهو ما رفض ماكرون العمل به وسعى لإيصال وزيرة الدفاع الألمانية فان در ليين مكانه، وذلك بالاتفاق مع ميركل.
وخلال القمة الأوروبية الأخيرة يومي الخميس والجمعة الماضيين، وجد ماكرون نفسه شبه وحيد في مواجهة أكثرية من رؤساء الدول والحكومات بسبب معارضته إطلاق باب المفاوضات مع جمهورية مقدونيا الشمالية وألبانيا للانضمام للاتحاد الأوروبي. وحجة ماكرون أنه قبل الانطلاق في توسيع جديد للاتحاد، يتعين القيام بحركة إصلاحية داخل الاتحاد الذي تسيطر عليه البيروقراطية، كما أن مسيرة التوسيع لم تعد تلائم الأوضاع الأوروبية القائمة. كذلك برر الرئيس الفرنسي معارضته بعجز البلدين المذكورين عن إنجاز أوجه التقدم المطلوبة للتأهل لبدء عملية التفاوض.
ومشكلة ماكرون الذي لم يجد إلى جانبه سوى هولندا والدنمارك أنه تعرض لانتقادات قاسية. فقد عبرت المستشارة الألمانية عن «خيبتها»، فيما ندد رئيس الاتحاد جان كلود يونكر بـ«الخطأ التاريخي» الذي ارتكبه ماكرون. أما رئيس الوزراء التشيكي، فقد نبّه إلى «الأثر السلبي» لموقف الرافضين على مصداقية الاتحاد، خصوصا في منطقة البلقان. ورأى الكثيرون أن معارضة ماكرون مصدرها الوضع السياسي الداخلي لفرنسا وملف الهجرات، وتكاثر طلبات لجوء الألبانيين إلى هذا البلد، إذ إنهم أخذوا يحتلون المرتبة الثانية بين طالبي اللجوء إلى فرنسا. ولا شك أن ماكرون كان سيتعرض لحملة سياسية في الداخل من اليمين واليمين المتطرف لو اتخذ موقفا مغايرا.
هكذا حال الرئيس الفرنسي الذي يريد أن يظهر بمظهر الأكثر تشددا في موضع «بريكست». فباريس لم تتردد قط في انتقاد «أسلوب» رئيس الوزراء بوريس جونسون، وتردد البرلمان البريطاني والتركيز على الحاجة للمحافظة على المؤسسات الأوروبية وحمايتها من التذبذبات البريطانية. وبعد التألق الذي حصده في بياريتز نهاية أغسطس (آب)، بمناسبة قمة السبع ونجاحه في استقطاب الأضواء بخصوص الملف النووي الإيراني، خف بريقه مع فشله في الجمع بين الرئيسين الأميركي والإيراني في نيويورك الشهر الماضي. وجاءت صعوباته الأوروبية لتعيد خلط الأوراق وربما لتدفعه لبعض التواضع في التعامل مع الشأن الأوروبي.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.