ليبيا: «الوفاق» تسعى لاحتواء اختراق حفتر لدفاعات طرابلس

TT

ليبيا: «الوفاق» تسعى لاحتواء اختراق حفتر لدفاعات طرابلس

استمرت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، في محاولة خلخلة الدفاعات المستحكمة للميليشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج في طرابلس، لا سيما ضواحيها الجنوبية، بينما تسعى هذه الميليشيات جاهدة لصد الاختراق الذي تمكنت قوات الجيش من تحقيقه على مدى اليومين الماضيين، بعد معارك عنيفة.
ونجحت قوات الجيش في إجبار الميليشيات على التقهقر خلف مواقعها الرئيسية، واقتربت من فرض سيطرتها على بلدة العزيزية الاستراتيجية، التي تقع على بعد 40 كيلومتراً فقط جنوب العاصمة. وتمثل السيطرة على هذه البلدة نقطة فارقة في المعارك التي تدور للشهر السابع على التوالي بين الطرفين منذ 4 أبريل (نيسان) الماضي، وفقاً لما أبلغه قيادي ميداني في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط».
وتركز قوات «الوفاق» في المقابل على شن هجوم موسع على محوري عين زارة والطويشة، في محاولة لدفع قوات الجيش الوطني إلى التخلي عن مواقعها المتقدمة في العزيزية. وشن الطيران الحربي التابع للجيش غارات، أمس، استهدفت مواقع للميليشيات داخل معسكر النقلية وطريق المطار الدولي المهجور جنوب طرابلس.
وقالت «كتيبة طارق بن زياد» التابعة للجيش، إن قواتها «تمكنت من اقتحام مواقع وتمركزات لمجموعات الحشد الميليشياوي بالقرب من مسجد الطيبة جنوب طرابلس، إثر اشتباكات شهدت مقتل العشرات من عناصر الميليشيات». ولفتت إلى أن «الاشتباكات ما زالت مُستمرة، إذ تُحرز مفارز الكتيبة من خلالها تقدمات، وتحديداً في محور الخلاطات».
وكان المركز الإعلامي لـ«غرفة عمليات الكرامة» التابع للجيش، تحدث في بيان مقتضب، مساء أول من أمس، عن فرار عدد من عناصر الميليشيات الموالية لحكومة السراج في محور الخلة جنوب طرابلس، مشيراً إلى أن هذه العناصر تركت أسلحتها وآلياتها خلال هروبها المفاجئ.
كما نقل المركز عن مصادر في طرابلس أن «أصوات الاشتباكات قوية وتُسمع في مختلف المناطق بالعاصمة، وتتوالى سيارات الإسعاف بكثرة على المصحات والمستشفيات»، في إشارة ضمنية إلى تصاعد الخسائر البشرية.
إلى ذلك، أعلنت القوات البحرية الموالية لحكومة السراج إنقاذ 126 مهاجراً غير شرعي شمال شرقي طرابلس. ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية للأنباء عن المتحدث باسم البحرية العميد أيوب قاسم، أن عملية إنقاذ المهاجرين جرت على بعد 50 ميلاً شمال شرقي القره بوللي (55 كيلومتراً شرق طرابلس)، مشيراً إلى أنهم نقلوا إلى نقطة ميناء طرابلس لحرس السواحل، قبل تسليمهم إلى جهاز مكافحة الهجرة بطرابلس.
وبحسب قاسم، فقد تمكنت دوريات خفر السواحل من إنقاذ نحو 7 آلاف مهاجر غير شرعي في عرض البحر، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري. وكشفت المنظمة الدولية للهجرة أخيراً، عن وجود أكثر من 650 ألف مهاجر على الأراضي الليبية، خارج مراكز الإيواء الحكومية، وأن نحو 6 آلاف مهاجر فقط داخل المراكز.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».